سيطرة الحكومة على الاقتصاد تضعف فرص الخصخصة في إيران

13 مارس 2018
الحكومة تسيطر على القطاعات الحيوية ومنها النفط (Getty)
+ الخط -


يواجه برنامج الخصخصة، الذي أقره المسؤولون في إيران قبل سنوات، وتحاول الحكومة الحالية إحياءه، تحديات صعبة تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة منه لإنعاش الاقتصاد.

فرغم التوصل للاتفاق النووي قبل ما يقرب من ثلاث سنوات، إلا أن المستثمر الأجنبي ما يزال غير قادر على الحضور بفاعلية في السوق، الأمر الذي ينطبق على القطاع الخاص الإيراني أيضاً، في ظل سيطرة الحكومة أو مشاركتها في معظم القطاعات الاقتصادية، ما يحد من عمليات الخصخصة، وفق خبراء اقتصاد.

وقال شريف خسروي، خبير الاقتصاد، إن واحدة من المشكلات التي تعرقل الخصخصة ترتبط بالنظام الإداري والروتين الذي لا يشجع شركات القطاع الخاص على الخوض في هذا المجال ويصعب مهامه ومشاريعه، ويقف بوجه محاولة الحصول على أسهم في الشركات الحكومية.

وأضاف خسروي في حديث مع "العربي الجديد"، أن الحكومة حاولت إفساح المجال أكثر أمام القطاع الخاص، لكن هناك عراقيل كثيرة، معتبراً أن القلق من الاستثمار بسبب الوضع الاقتصادي غير المستقر يقف كتهديد بوجه المستثمرين.

وتابع أنه إذا ما أرادت الحكومة أن تحقق برنامج الخصخصة، فعليها أن تحسن وضع التجارة والعمل، وهو ما سيوفر عامل الطمأنينة للمستثمر.

وانتقد خسروي وزارة الاقتصاد وهي الجهة المعنية ببرنامج الخصخصة ومستقبله، وقال إن عليها أن تدرس طلبات المشاركة كما عليها أن تحدد منظومة عمل واضحة وتسرع الإجراءات، مشيراً إلى ضرورة توفير ضمانات لمنح الثقة للمستثمر، وفي حال تحقق ذلك فالاستثمارات الأجنبية ستزيد.

وقال: "الحكومة تواجه مشكلات من قبيل الثغرات في الموازنة وملفات الفساد في بعض الشركات، وهو ما لا يساعدها على تقديم التسهيلات لتطبيق برنامج الخصخصة في القطاعات التي ما زالت تسيطر عليها، وإذا ما تغير ذلك فالقطاع الخاص يحتاج لأجواء تنافسية بما يساهم بتشجيع الشركات المحلية والأجنبية على حد سواء".

في العام 2005 تم التصويت على قانون يتعلق ببرنامج الخصخصة، ويمنح القطاع الخاص حق المشاركة بشكل أكبر، ويقسم القانون القطاعات في إيران إلى ثلاثة أقسام، الأول حكومي يسمح له بتسلم قطاعات الصناعات الكبرى والرئيسة من قبيل المصارف، الطاقة، السدود، شبكات المياه، الاتصالات، السكك الحديدية، والثاني يُسمَّى بالتعاوني ويُمنَح لشركات ومؤسسات إنتاجية، أما الثالث فهو الخاص الذي من حقه أن يحصل على مشاريع ومؤسسات في قطاعات الزراعة، المواشي، الصناعة، التجارة والخدمات.

وقد فضلت الحكومة الإيرانية خلال السنوات الأخيرة أن تطبق الخصخصة الجزئية لا الكلية، فهي لا تستطيع أساساً أن تحول الملكية كاملة من مشاريع حكومية لشركات خاصة، وهذا القانون من المفترض أن يساهم بتسريع حركة عجلة الاقتصاد الوطني، ويزيد من مشاركة المستثمرين في الداخل ويعزز عمل الشركات بما يرفع الاستفادة من المصادر المالية والتقنية ويؤمن المزيد من فرص العمل.

وبعد مرور أكثر من عقد من الزمان على إقرار القانون، لم تستطع الحكومة تطبيقه، لظهور مشاكل أخرى، تتعلق بعدم قدرتها على الرقابة في مؤسسات باتت مشتركة، فهي ليست حكومية ولا خاصة بشكلها المطلق.

لكن المرشد الأعلى علي خامنئي، كلف الحكومة مؤخراً بتعجيل برنامج الخصخصة، بهدف تشجيع الاستثمار المحلي ورفع الإنتاج.

وخلال العام الإيراني الجاري، الذي ينتهي في 21 مارس/ آذار، تم وضع أكثر من 300 شركة لمنحها حصصاً، ومن المفترض أن يزيد عددها في الأشهر القادمة، لكن الموانع والعراقيل ما زالت تقف بوجه التطبيق بشكله المثالي.


ورأى علي إمامي، الخبير الاقتصادي، أن "الحكومة مقصرة، وتتحمل مسؤولية كبيرة، فمشاركة القطاع الخاص سواء المحلي أو الأجنبي أمر مهم للغاية لاقتصاد إيران، لكن القطاع العام ما يزال يسيطر على أغلب القطاعات، أو أن شركات مرتبطة به وتغطيها الحكومة قد أخذت حصة كبيرة من السوق بالفعل، وهو ما يجعل القطاع الخاص غير قادر على المنافسة".

وقال إمامي لـ"العربي الجديد"، إن "الشركات المشاركة تأخذ صفة خاصة، لكنها مرتبطة بالحكومة بشكل أو بآخر، وباتت اليوم تسيطر على الكثير من المشاريع، وهو ما يمنع الحكومة في الحقيقة من تطبيق الخصخصة"، مضيفاً : "الوضع الاقتصادي في إيران ليس تنافسياً وهو ما يعني أن السوق غير قابل لجذب المستثمرين أساساً".

وتابع أن "الاتفاق النووي حسّن العلاقات مع المجتمع الدولي، وحقق صفقات بين إيران ودول أخرى، جزء كبير منها تم منحه للقطاع العام، والبعض لشركات خاصة، لكن مع ذلك ما زالت البلاد بعيدة كثيراً عن تطبيق برنامج الخصخصة، والحكومة غير قادرة على فسح المجال، بسبب العديد من الشركات التي أصبحت تستولي على السوق".

لكن حسين علي أميري، مساعد الرئيس الإيراني للشؤون البرلمانية، قال في تصريحات في الأول من مارس/ آذار الجاري، وفق وكالة "ارنا" إن لا مخاطرة في الاستثمار بإيران، وإنها من أكثر الدول أمناً للاستثمارات الأجنبية، مشيراً إلى أنه ستكون للمستثمرين مشاركة طويلة مع إيران.

وأضاف أنه بعد دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ مطلع 2016، بدأت الشركات الاقتصادية والدولية بالتوافد علي إيران والاستثمار في القطاعات الصناعية والإنتاجية المختلفة.

كان محمد خزاعي، مساعد وزير الاقتصاد والمالية، قال في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إنه تمت المصادقة على استثمارات بأكثر من 21.8 مليار دولار منذ 2013.

دلالات
المساهمون