"الذهب الأحمر" يفقد بريقه في غزة

18 يناير 2015
مزارع يحصد ثمار الفراولة في غزة(العربي الجديد/عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -

بحذر شديد مصحوب بالحسرة، يلتقط المزارع الفلسطيني، مؤيد منصور، ثمار التوت الأرضي (الفراولة) الناضجة، التي مضى على زراعتها في أرضه ببلدة "بيت لاهيا" شمال قطاع غزة، نحو ثلاثة أشهر، ليضعها داخل صناديق فلينية أعدت خصيصاً لهذا الغرض، ليتم لاحقا تغليفها بعلبٍ بلاستيكية، وتجهيزها لعرضها في السوق أو التصدير.

واشتهر قطاع غزة، خاصة المناطق الشمالية منه، منذ عقود طويلة، بزراعة الفراولة التي اتفق على تسميتها بـ "الذهب الأحمر"، إلا أن بريق الذهب، تراجع بشكل متسارع، منذ نحو سبع سنوات؛ نتيجةً للحصار الإسرائيلي الذي فرض على القطاع، وما تبعه من اعتداءات عسكرية إسرائيلية.

ويقول منصور (39 عاماً) لـ "العربي الجديد" إنهم مع كل موسم يستبشرون بنتائج نهائية أفضل عن سابقه، على صعيد جودة الإنتاج وكمية التصدير إلى الخارج، إلا أنه في الموسم الحالي أصيب المزارعون بالخيبة مبكراً، والسبب هو العدوان الإسرائيلي وما ألحقه من خراب كبير في ممتلكات المزارعين.

ودمر الاحتلال في عدوانه الأخير، الذي استمر حتى أواخر شهر أغسطس/آب 2014، عدة بساتين وحاضنات زراعية، مخصصة لرعاية الأشتال الفراولة، والتي يبدأ المزارعون بتجهيزها منتصف شهر أبريل/نيسان، حتى شهر سبتمبر/أيلول.

ويضيف منصور "أصيب الموسم الحالي بعدة انتكاسات بداية، بتدمير الاحتلال مئات الأشتال، مروراً بعدم تمكن المزارعين من الوصول إلى أراضيهم خلال العدوان ورش المحصول بالمبيدات اللازمة خلال الفترة المطلوبة، الأمر الذي أدى إلى جفاف العديد من الأشتال، وظهور علامات التشويه على الثمرات".

واضطر منصور، الذي يعمل في مهنة الزراعة منذ عقدين خلال السنوات الماضية، إلى بيع خمسة دونمات من أصل عشرة، كان يملكها، نتيجة للخسائر التي تكبدها بعد فرض الحصار والتوقف التام عن حركة التصدير، وخلال عام 2007 تكبد خسائر بنحو 16 ألف دولار، بعد تجريف الاحتلال لأرضه.

ولا يختلف حال المزارع، محمد حمدونة، الذي يملك أرضاً مزرعة بالفراولة بمساحة ستة دونمات، عن زميله السابق، ويشير إلى أنّ ما يحصله نهاية كل موسم، هو فقط تكاليف زراعة الفراولة، وربما أقل، بينما تكون فرصة تكبد خسائر إضافية، حاضرة بقوة.

ويذكر حمدونة لـ "العربي الجديد" أن الأمل الوحيد في إعادة الحياة للتوت الأرضي، هو فتح المعابر الحدودية أمام حركة التصدير، دون قيود على مواعيد التصدير أو الكميات، مبيناً أنه تمكن قبل أسابيع من تصدير بعض منتجات أرضه لأول مرة منذ عشرة أعوام.

وتراجعت المساحات المزروعة بالفراولة في قطاع غزة، من نحو 2500 دونم قبل عام 2007، إلى أقل من 700 دونم يبلغ حجم إنتاجها السنوي نحو 2000 طن، نتيجة للحصار الإسرائيلي الذي أعاق عمليات التصدير، ومنع إدخال المبيدات ومستلزمات الزراعة.

في السياق، يؤكد المسؤول بجمعية غزة التعاونية الزراعية، إبراهيم غبن، لـ "العربي الجديد"، أنّ عدداً كبيراً من مزارعي الفراولة نفروا من زراعتها، نتيجة للخسائر المالية الكبيرة التي تكبدها، في ظل تقييد حركة التصدير سواء إلى الضفة الغربية أو إلى الأسواق الأوربية، وتوقفها بشكل كامل خلال عامي 2008 و2009.

ويقول غبن إن قطاع غزة يحقق منذ سنوات طويلة، اكتفاءً ذاتياً بزراعة الفراولة، وتفوق الكميات المنتجة سنوياً عن حاجة سكان القطاع، الأمر الذي يجبر المزارعين على بيع الفراولة بأسعار رخيصة لا تتناسب مع التكلفة العالية لزراعتها، التي تبلغ ثلاثة آلاف دولار للدونم الواحد.

ويلفت إلى أنّ مزارعي القطاع، فقدوا خلال السنوات الماضية عدة أسواق خارجية، نتيجة لصعوبة التصدير من القطاع، ودخول منافسين جدد بأسعار منخفضة كالفراولة المصرية.

المساهمون