تشتهر مدينة فاس المغربية، بحرفة تقليدية، امتهنها العديد من المواطنين منذ قرون، وهي دباغة الجلود. وقد اشتهرت هذه المدينة بانتشار الدباغة، إذ باتت مقصداً للسياح، الذين يقصدونها بهدف التعرف على هذه الصناعة التقليدية، والتي تحولت عبر الزمن من مجرد حرفة إلى صناعة هامة.
وتعتبر فاس من كبرى المدن التي تحتضن عدداً كبيراً من دور الدباغة في المغرب، حيث يعمل حرفيو الدباغة على شراء جلود الماشية، من أجل تدويرها وجعلها قابلة للتصنيع، لكن بطرق تقليدية ومواد طبيعية صرفة.
وتمكنت هذه المدينة الواقعة في شمال وسط المملكة المغربية، من أن تصبح المدينة الأولى والأشهر، في دباغة الجلود، بلا منازع، حيث ذاع صيتها في مشارق الأرض ومغاربها، وغزت منتجاتها أسواق العالم بإتقان صنّاعها وإبداع الدباغين في تشكيلها.
وكانت تزدحم المدينة بعدد كبير من دور الدباغة قبل قرنين من الزمن، حيث كانت تضم الآلاف من العمال والحرفيين، الذين تتنوع أعمالهم بداية من شراء جلود الماشية والأبقار وغيرها، ثم تنظيفها وفردها وصباغتها بالألوان الزاهية، ثم تشكيلها لمنتجات جلدية تُبهر السياح والزبائن، وهي طرق عريقة استعملها الدباغون الرومان والإغريق وحافظ عليها الفاسيون.
ومع مرور الزمن، لم يبقَ في المدينة سوى القليل جداً من عمّال الدباغة، كما لم يبقَ من دور الدباغة الكثير، إذ ما زالت "دار الدبغ شوارة" من دور الدباغة التي استمرت حتى اليوم في المدينة، وهي تعد أشهرها وأكبرها وأقدمها على الإطلاق، حيث يمتد تاريخها إلى أكثر من 12 قرناً من الزمن، ولا تزال تعمل بالطريقة نفسها القديمة في الدباغة.
وبحسب العاملين، يتم شراء الجلود من الجزارين، ثم يتم وضعها في "المركل" من 10 أيام إلى أسبوعين حتى تتشبع بالألوان، ثم يقوم العمال بغسلها بالجير، ثم يتم تنظيفها وحكها وضربها بـ "الماضية" حتى تُصبح جاهزة للتشكيل.
مقصداً للسياح
لا بد للسائح عند زيارته فاس، التعرّف على مدينتها القديمة، وزيارة أقدم محترفات الدباغة التقليدية التي صنعت شهرة المدينة، على مدى قرون.