90 مليار دولار قروض مصرفية متعثرة في الجزائر

08 ابريل 2024
هل تلجأ بنوك الجزائر إلى القضاء لتحصيل الديون المتعثرة؟ (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في الجزائر، تجاوزت الديون المصرفية المتعثرة 90 مليار دولار، ما يمثل 21% من القروض الممنوحة خلال العقدين الماضيين، مما دفع البنك المركزي للتحرك نحو استرجاع هذه الديون عبر القضاء بعد فشل التحصيل الودي.
- الإجراء القانوني لتحصيل الديون يتضمن إرسال إعذارات للمديونين المتأخرين، وبعد مهلة دون استجابة، يتم تحويل الملف للقضاء، حيث يمكن للمديونين طلب إعادة جدولة الدين أو مواجهة السجن والحجز على ممتلكاتهم.
- خبراء يرون أن تحصيل الديون لا يعتمد فقط على الإطار القانوني بل يتأثر بالنية السياسية والعلاقات بين البنوك والمقترضين النافذين، مشددين على أهمية مصداقية البنك المركزي والقضاء في هذا الملف.

تجاوزت الديون المصرفية المتعثر تحصيلها في الجزائر الخطوط الحمراء في وقت تعيش فيه البلاد أزمة سيولة خلفتها الأزمة التي لا تزال ارتداداتها تضرب الاقتصاد الجزائري إلى اليوم، ما جعل البنوك تتحرك لاسترجاع ما يمكن استرجاعه بقوة القانون. وعلم "العربي الجديد"، من مصدر داخل البنك المركزي الجزائري، فضل عدم ذكر اسمه، أن ديون البنوك المترتبة عن القروض غير المسترجعة بلغت حوالي 90 مليار دولار، وهو رقم يمثل 21 في المائة من مجمل القروض الممنوحة في السنوات العشرين الأخيرة.

وأوضح المصدر نفسه أن "المركزي الجزائري راسل البنوك العمومية والخاصة لمباشرة عملية تحصيل الديون العالقة لدى الجزائريين سواء كانوا أشخاصاً طبيعيين أو معنويين (شركات)، وذلك بالاستعانة بالقضاء الجزائري، بعدما استعملت البنوك "التحصيل الودي" الذي لم يفِ بالغرض، كما أمر المركزي الجزائري البنوك العمومية بتحويل ملفات القروض الكبيرة إلى مصالحة لمتابعتها مركزياً". ويمنح القانون الجزائري البنوك هامشاً من الحركة في ما يتعلق بتحصيل الديون المترتبة عن القروض، إذ جعل الملف خاضعاً لمبدأ "التفاهم" الودي قبل أن ينتقل الملف إلى مرحلة "التحصيل عن طريق القضاء" .

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وفي هذا السياق، يوضح المحامي المختص بالمنازعات التجارية، عبد الله حماني، لـ"العربي الجديد"، أنه "وبعد تسلّم الزبون رسالة التذكير بوصول موعد الاستحقاق ولم يسدد القسط، يقوم البنك أوّلاً بإرسال الإعذار الأول بعد يوم واحد يمنح مهلة 15 يوماً للزبون لدفع الأقساط مع دفع غرامة مالية عن التأخير، وفي حالة عدم استجابة الزبون للإعذار الأول يقول البنك بإرسال الإعذار الثاني".

وهكذا، ينتقل الملف بموجب القانون التجاري الجزائري إلى القضاء بحسب المحامي نفسه الذي لفت إلى أنه "في حالة عدم استجابة المديون للإعذار الثاني يقوم البنك بتحرير "محضر المعاينة" ليرى سبب عدم دفع القرض، فإذ كان السبب هو التهرب العمدي يقوم البنك بتكوين ملف وتقديمه إلى العدالة من أجل التحصيل، كما يتم الحجز على ممتلكاته، وكذلك الضمانات التي قدمها حينما قدم  طلب القرض البنكي عن طريق استصدار أمر لدى رئيس المحكمة وتحمل المديون لمصاريف الدعوة".

وأضاف المحامي ذاته، أنه "يمكن للمديون المتابع قضائياً أن يطلب إعادة جدولة الدين وإذا لم يطلب يقوم البنك ببيع ممتلكات الزبون في المزاد العلني، وإذا لم تغطِّ قيمة الممتلكات قيمة القرض، يصدر القاضي أمراً بسجن المديون مع إرغامه على دفع القرض بأي وسيلة"، إلا أن المتابعين للشأن المصرفي والبنكي في الجزائر يرون أن مسألة تحصيل الديون خاصة الكبيرة منها تبقى مرهونة بمتغيرات أخرى غير الإطار القانوني.

وفي هذا الإطار، يرى وزير الصناعة السابق (2020-2022) والخبير الاقتصادي فرحات أيت علي، أن "تحصيل الديون البنكية المترتبة عن القروض مرهون بمدى وجود نية سياسية لفعل ذلك، حيث تكون النية السياسية المحرك للآلة القضائية، فكثير من القروض الضخمة بقيت غير محصلة خاصة لدى البنوك العمومية، وذلك لأن المقترض يكون من رجال الأعمال النافذين أو المقربين من دائرة الحكم في البلاد، وإلا فكيف نفسر حجم القروض غير المُحصلة الذي يستحيل أن يكون كله قروضاً صغيرة".

وأضاف المحدث نفسه فرحات أيت علي، لـ "العربي الجديد"، أن "القانون هو نفسه منذ سنوات ولماذا لم يُطبق إلا اليوم، وهل سيُطبق على جميع المقترضين الذين تهربوا من دفع الديون البنكية المستحقة في حقهم، أظن أن مصداقية البنك المركزي ومن ورائه البنوك العمومية خاصة والقضاء أيضاً اليوم هي على المحك في هذا الملف."

المساهمون