استمع إلى الملخص
- **تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية**: تتوقع ارتفاع أسعار خام برنت إلى 85-90 دولاراً للبرميل بنهاية العام بسبب انخفاض المخزونات وتخفيضات إنتاج أوبك+، مع انخفاض متوسط السعر السنوي في 2025.
- **تأثير التوترات الجيوسياسية والصراع الليبي**: التوترات بين إسرائيل وإيران وتراجع الصادرات الليبية قد يؤديان إلى اضطراب الإمدادات وارتفاع الأسعار، مع تأثيرات أكبر إذا استمرت الاضطرابات.
رغم التراجع الكبير الذي شهدته أسعار النفط الشهر الماضي، ترى مؤسسات خبرة، أن الأسعار تتجه إلى الارتفاع في نهاية العام الجاري. وكانت أسعار النفط قد أغلقت في نهاية الأسبوع متراجعة بنسبة 3.11% أو 2.36 دولار لخام غرب تكساس الأميركي في التداولات التي جرت على عقود أكتوبر لتنخفض إلى 73.55 دولاراً. كما تراجع خام برنت للعقود نفسها بنسبة 1.89% أو 2.40 دولار إلى 76.93 دولاراً، وذلك وفق بيانات بلومبيرغ لأسعار السلع الأولية يوم الجمعة.
لكن رغم التراجع يرى محللون، أن هنالك 5 عوامل رئيسية قد تعيد أسعار النفط إلى الارتفاع، وهي زيادة الطلب على وقود الطائرات في الولايات المتحدة، وتوقف جزء كبير من صادرات النفط الليبي بسبب أزمة البنك المركزي بين حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها عبد الحميد الديبية وحكومة طبرق بشرق ليبيا، والحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان واحتمال تطورها في المستقبل، وذلك إضافة إلى عوامل الطلب العالمي وتراجع المخزونات البترولية .
في شأن مستقبل الأسعار، تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية ارتفاع أسعار النفط الخام في النصف الثاني من العام الجاري. وتوقعت الإدارة، التي تعد بمثابة وكالة الطاقة الأميركية التي تغذي الحكومة بأبحاث النفط والغاز، في تقرير صادر على موقعها في 6 أغسطس/آب الماضي، أن يعود سعر خام برنت إلى ما بين 85 و90 دولاراً للبرميل بحلول نهاية العام. وقالت "إن ارتفاع أسعار النفط الخام في توقعاتنا سيحدث نتيجة لانخفاض مخزونات النفط العالمية". وتشير تقديراتها إلى أن مخزونات النفط العالمية ستتراجع بمقدار 0.8 مليون برميل يومياً في النصف الثاني من العام الجاري. وتقول "تنبع عمليات سحب المخزون جزئياً من تخفيضات إنتاج أوبك+ المتوقعة".
ورغم توقعات الوكالة ارتفاع أسعار النفط الخام في الأشهر المقبلة، لكن توقعاتها لمتوسط سعر خام برنت السنوي في عام 2025 أقل من توقعاتها البالغة 88 دولاراً للبرميل في تقرير شهر يوليو/ تموز، ويرجع ذلك في الغالب إلى انخفاض الاستهلاك العالمي للنفط. ولكن في مقابل هذه التوقعات المتفائلة، توقعت عدة بنوك كبرى من بينها جي بي مورغان وسيتي بنك وغولدمان ساكس تراجع أسعار النفط في المتوسط بنحو 5 دولارات.
على صعيد الاستهلاك العالمي للنفط، تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية، أن يزيد الاستهلاك العالمي للوقود السائل بمقدار 1.1 مليون برميل يومياً في عام 2024 و1.6 مليون برميل يومياً في عام 2025، بانخفاض عن توقعاتها السابقة البالغة 1.8 مليون برميل يومياً. وتقول إن معظم الانخفاض في الاستهلاك النفطي سيحدث في الصين، التي تعاني تباطؤ النمو الاقتصادي الذي يخفض تلقائياً استهلاك الديزل لدى الشركات.
كما ترى الوكالة الأميركية، أن استهلاك وقود الطائرات يتزايد بناءً على زيادة السفر الجوي. وتتوقع زيادة استهلاك وقود الطائرات الأميركية بنسبة 3% في عام 2024 مقارنة بعام 2023 ونمواً بنسبة 3% أخرى في عام 2025. كما تتوقع أن يتجاوز استهلاك وقود الطائرات الأميركية مستوى ما قبل الوباء في العام 2025. وترى أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع أسعار وقود الطائرات بأكثر من أسعار أنواع الوقود الأخرى في عام 2025.
أما العامل الثاني، فهو التوترات المتزايدة بين إسرائيل وإيران والتي لم تنته بعد، وقد تهدد بتعطيل سلاسل إمدادات النفط وتؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط. ووفق تقديرات البنك الدولي في تحليل سابق بهذا الصدد، فإن اضطراباً بسيطاً سيؤدي إلى خفض إمدادات النفط العالمية بمقدار يراوح بين 500 ألف إلى مليوني برميل يومياً، وذلك مثل الانخفاض الذي شهدته الأسواق خلال سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011. ووفق تقديرات البنك الدولي، سيؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط في البداية بنسبة تراوح بين 3 و13%. كما أن تعطيلاً متوسطاً لإمدادات النفط قد يؤدي إلى خسارة أسواق النفط ما بين 3 ملايين إلى 5 ملايين برميل يومياً من الإمدادات، أي ما يعادل تقريباً حرب العراق في عام 2003، ومن شأنه أن يدفع أسعار النفط إلى الارتفاع بنسبة 21 إلى 35%.
ومن شأن "الاضطراب الكبير"، الذي يتضمن انخفاض العرض البترولي بمقدار 6 ملايين إلى 8 ملايين برميل يومياً على غرار الانخفاض الذي حدث في أزمة النفط عام 1973، من شأنه أن يدفع أسعار النفط إلى الارتفاع بنسبة تراوح بين 56 و75%. وعلى الرغم من حدوث اضطراب كبير في إمدادات النفط ليست متوقعة، يرى خبير الطاقة البريطاني، سايمون واتكنز، في تحليل بنشرة "أويل برايس" في 5 أغسطس الماضي، أن خطر التصعيد في الصراع الإسرائيلي الإيراني لا يزال احتمالاً حقيقياً للغاية، رغم أن القوى العظمى، خاصة الولايات المتحدة التي باتت على باب الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني لديها دوافع قوية إلى تهدئة الوضع والحفاظ على أسعار النفط منخفضة.
على صعيد الصراع السياسي في ليبيا، قالت وكالة "ستاندرد أند بورز" إن الصادرات النفطية الليبية تراجعت منذ يوم 26 أغسطس/ آب الماضي، حيث غادرت الموانئ الليبية 3.4 ملايين برميل من النفط الخام يومياً بدلاً عن 7 ملايين في الأسبوع السابق.
ووفق الوكالة في تقريرها الصادر يوم الجمعة، قال تاجر خام من البحر الأبيض المتوسط: "سيكون الأمر صعودياً في ما يخص الأسعار، هذا أمر مؤكد". وقال آخر، إن الطلب ارتفع على تدفق البراميل السريعة إلى أوروبا. ويذكر أن شركات التكرير الأوروبية زادت اعتمادَها على الخام الليبي في عام 2024 مع استقرار الإنتاج، مع ابتعاد المشترين عن شحنات الشرق الأوسط بسبب زيادة مخاطر النقل عبر البحر الأحمر المرتبطة بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وأوقات الرحلات الأطول حول كيب تاون.
ووفق بلاتس، قفزت أسعار برنت بنحو 1.85 دولار للبرميل إلى 3.80 دولارات للبرميل في 29 أغسطس/آب. وارتفعت أيضاً علاوة إنتاج الجزائر بمقدار 50 سنتاً للبرميل لتصل إلى علاوة قدرها دولار واحد للبرميل. وقال محللو شركة "كوموديتي إنسايتس" في مذكرة: "قد تصبح ردود أفعال الأسعار على تراجع الإمدادات الليبية أكثر وضوحاً كلما استمرت الاضطرابات الليبية لفترة أطول وأكثر أهمية".