فيما دخلت الكويت الشهر الثاني من فرض حظر التجول الجزئي، وفي ظل التراجع الاقتصادي وتأثيره بالأوضاع المعيشية للمواطنين، أقرّ مجلس الأمة (البرلمان) قانون تأجيل أقساط القروض لمدة 6 أشهر، فيما كشفت وثيقة حكومية اطلعت عليها "العربي الجديد" أنّ نحو 480 ألف مواطن كويتي سيستفيدون من القانون، اعتباراً من 20 إبريل/ نيسان الجاري، وذلك بعد نشره في الجريدة الرسمية.
وذكرت الوثيقة الصادرة عن إدارة الاقتصاد الكلي التابعة لمجلس الوزراء، أنّ القيمة الإجمالية التي ستتحملها الحكومة الكويتية لتأجيل الأقساط تبلغ ملياري دولار، بينما يتعين على الراغبين في تأجيل الأقساط التواصل مع البنوك لتسجيل موافقتهم.
وأشارت الوثيقة إلى أنّ مجلس الوزراء الكويتي قرر تحمل كلفة تأجيل أقساط القروض للمواطنين فقط، فيما ترك قرار تأجيل القروض بالنسبة إلى الوافدين، للمصارف الكويتية.
وفي هذا الصدد، أبدى مصدر مصرفي كويتي مخاوفه بشأن الإقبال الكبير من المواطنين على الاستفادة من هذا القرار، الأمر الذي قد يسبب ضغطاً كبيراً على البنوك وشركات التمويل، لافتاً إلى أنّ البنوك تعمل خلال الفترة الحالية بـ 50% من طاقتها فقط، وذلك بسبب الإجراءات الاحترازية التي فرضتها السلطات في مواجهة كورونا، بالإضافة إلى إجراءات حظر التجول الجزئي في الكويت.
وقال المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّه ينبغي إرجاء تطبيق القرار لمدة شهر، إلى حين استقبال طلبات التأجيل المقررة، مضيفاً أنّ البنوك أصبحت في حالة استنفار لوضع آليات تنفيذ القانون الذي يتطلب موافقة العميل على طلب التأجيل.
وأشار إلى أنّ بنك الكويت المركزي تواصل مع البنوك الكويتية للتغلب على هذه المخاوف من خلال إضافة خدمات الاتصال الهاتفية، بالإضافة إلى الوسائط الإلكترونية، إذ يمكن العميل تقديم طلب التأجيل من خلال الاتصال الهاتفي أو تقديم الطلبات من خلال تطبيقات البنوك الإلكترونية، فيما شدد البنك المركزي على ضرورة التأكد من هوية العميل.
وأوضح أنّ التأجيل لا يشمل بطاقات "فيزا" أو "ماستر كارد"، فيما شددت تعليمات البنك المركزي على عدم تحصيل أيّ رسوم نظير تأجيل أقساط القروض، من المواطنين.
يأتي ذلك، فيما وافق مجلس الأمة الكويتي، في جلسة 30 مارس/ آذار الماضي، على اقتراحات قانون بشأن تأجيل أقساط القروض، ومعالجة الآثار المترتبة عن انتشار وباء كورونا وتداعياته. وجاءت نتيجة التصويت على الاقتراحات بقانون في المداولتين الأولى والثانية في جلسة المجلس العادية، بموافقة إجمالي الحضور البالغ عددهم 33 عضواً.
وعقّب رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق علي الغانم، على إقرار القانون قائلاً: "نأمل أن يخفف تأجيل سداد أقساط القروض عن المواطنين" فيما أكد وزير المالية الكويتي، خليفة حمادة، على بذل الجهد لتفعيل القانون، في أسرع وقت.
من ناحيته، أكد الخبير الاقتصادي الكويتي، محمد الهاجري، لـ"العربي الجديد" أنّ قرار تأجيل أقساط القروض لمدة 6 أشهر، سيساعد المواطنين في التقاط أنفاسهم، خصوصاً في ظلّ تردي الأوضاع المعيشية وحالة الإحباط من قرار حظر التجول الجزئي الذي دخل شهره الثاني نتيجة الزيادة الكبيرة في أعداد الإصابات بفيروس كورونا.
وافق مجلس الأمة الكويتي، في جلسة 30 مارس/ آذار الماضي، على اقتراحات قانون بشأن تأجيل أقساط القروض
وأضاف الهاجري أنّ هناك شريحة كبيرة من المواطنين تضررت جراء وقف الأنشطة الاقتصادية والتجارية والخسائر التي لحقت بهم من تداعيات حظر التجول، بالإضافة إلى التداعيات الاقتصادية خلال العام الماضي، منذ تفشي الوباء في الكويت.
وأوضح أنّ الآثار المتوقعة على البنوك الكويتية جراء قرار التأجيل لن تكون كبيرة، بل ستكون محدودة للغاية، باعتبار أنّ القرار موجه نحو شريحة مضمونة أغلبيتهم من موظفي الحكومة، وليس للشركات التي تواجه تعثراً، مشيراً إلى أنّ القرار سيساهم في رفع السيولة في السوق من خلال زيادة النشاط الاستهلاكي لهذه الشريحة من المواطنين.
بدوره، حذّر مدير وحدة البحوث في مركز الكويت الدولي للدراسات الاقتصادية، عبد العزيز المزيني، من خطورة الخطوة الأخيرة التي قد لا يستفيد منها المواطن، غير أنّها قد تهدف إلى استرضاء الشارع من جانب الحكومة في ظل التصعيد المتواصل من الغالبية البرلمانية في مجلس الأمة الكويتي.
ودعا المزيني خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" الحكومة إلى ضرورة معالجة الأزمات الحقيقية للمواطنين، خصوصاً أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتوفير فرص عمل للشباب الذين تركوا وظائفهم أو أغلقوا أنشطتهم التجارية بسبب الخسائر الفادحة التي تكبّدها المبادرون خلال الآونة الأخيرة.