4 عوامل تحدد توجهات المعادن.. أهمها الصين

03 فبراير 2023
انتعاش قطاع الإنشاءات الصينية يعد من أهم محددات أسعار الحديد (Getty)
+ الخط -

من المتوقع أن تحدد أربعة عوامل رئيسية توجهات أسواق المعادن العالمية خلال العام الجاري 2023. وهذه العوامل، هي: إمكانية تفادي الاقتصاد العالمي الركود ومواصلة النمو، ومدى انتعاش الصناعة في الصين وبالتالي عودة القوة للطلب الصيني على الصناعات الثقيلة والإقبال على شراء السيارات من المواطنين بعد فترة القيود الطويلة على حركتهم، وحجم وإنتاج المناجم الرئيسية التي تحكم المعروض من الحديد والنحاس والألومنيوم، وكذلك تطورات الحرب الأوكرانية وتداعيات العقوبات الاقتصادية على إنتاج المعادن وحجم صادراتها من روسيا.

وروسيا منتج رئيسي للعديد من المعادن الداخلة في الصناعة. وحسب بيانات وكالة بلومبيرغ، تعد روسيا رابع أكبر دولة في الإنتاج العالمي من الصلب وتأتي بعد الصين واليابان والولايات المتحدة، كما أنها تنتج 5.0% من الألومنيوم و4.0% من النحاس و9.0% من النيكل و8.0% من الكوبالت.

على صعيد الألومنيوم الذي يُعد إلى جانب الحديد والصلب والنحاس من أهم المعادن الداخلة في الصناعة العالمية، تعتقد وكالة "ستاندرد أند بورز غلوبال إنتيليجنس" الأميركية، أن الاستهلاك العالمي المتزايد للمعادن سوف يفوق المعروض منها خلال العام الجاري، وبالتالي ستواجه الأسواق نقصاً في عدد من المعادن الأساسية خلال العام الجاري، ما سيقود تلقائياً إلى دفع الأسعار للارتفاع، خاصة إذا تواصلت بشائر تراجع التضخم والنمو العالمي.

ولاحظت "ستاندرد أند بورز"، أن أسعار الألومنيوم ارتفعت في بداية يناير/كانون الثاني الماضي. كما أن الصين رفعت الضرائب على صادرات الألومنيوم، ما رفع من أسعار هذه المادة، فقد شهد السوق ظروفًا متقلبة إلى حد ما منذ أواخر سبتمبر/أيلول الماضي.

وعلى الرغم من أن الأسعار لم تقترب من مستويات الارتفاع التاريخية في مارس/آذار 2022، إلا أنها لا تزال عند مستويات قياسية. من جانبها ترى نشرة "أويل برايس"، أن أسعار الألومنيوم ستواصل الارتفاع، بالنظر إلى الطلب المتوقع من شركات المشروبات الأميركية.

وتواجه إمدادات خردة الألومنيوم الأميركية تحديات جديدة وفقاً لوكالة "ستاندرد أند بورز" بسبب النقص المستمر في علب الألومنيوم في الولايات المتحدة، إذ لا تزال المصانع تواجه مشاكل في العثور على علب المشروبات المستعملة.

وبين الربعين الثاني والثالث من العام الماضي 2022، واجهت العديد من الشركات التي تعتمد على علب الألومنيوم، مثل مصانع الجعة ومنتجي المشروبات الغازية مشاكل كبيرة في الحصول على ما يكفي من علب الألومنيوم لتلبية الطلب.

بالإضافة إلى ذلك لا يزال الكثير من الخبراء يترقبون انتعاش الصين بعد فك قيود فيروس كورونا رغم مستويات الإنتاج داخل الصين التي كانت منخفضة خلال العام الماضي. علاوة على ذلك، ظلت مستويات مخزون الألومنيوم منخفضة تاريخيًا.

من جانبها ترى نشرة "أويل برايس" الأميركية، أن السوق العالمية للألومنيوم تعاني نقصاً بسبب عدم وجود طاقة كافية لتشغيل المصاهر. وتسببت هذه المشكلة نفسها في معاناة الصناعة بشكل كبير في المعروض في أوروبا التي يستخدم فيها الألومنيوم بكثافة في صناعة السيارات خاصة في ألمانيا.

على جانب العرض، لا تزال الاضطرابات في أميركا الجنوبية تؤثر على مستوى المعروض من النحاس. ورفعت هيئة النحاس التشيلية المملوكة للدولة (كوتشيلكو) يوم الخميس الماضي توقعاتها لأسعار النحاس في 2023 إلى 3.85 دولارات للرطل، ارتفاعاً من تقديرات ديسمبر/ كانون الأول البالغة 3.70 دولارات للرطل، مع انخفاض المخزونات في جميع أنحاء العالم.

كما ربطت الشركة سعر النحاس المقدر لعام 2024 بمتوسط 3.65 دولارات للرطل. وتشيلي دولة رئيسية في إنتاج النحاس إذ يمثل إنتاجها نحو 25% من إجمالي الإنتاج العالمي. وانخفض الإنتاج في النصف الأول من العام الماضي 2022 بنسبة 6.0% وفقاً لتقرير مصرف "آي أن جي" الهولندي.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

كما يعاني الإنتاج من درجات الخام الباهتة ونقص العمالة وندرة المياه. وبلغ الانخفاض في العام بأكمله بنسبة 1.84% من 5.73 ملايين طن في عام 2020، وهو أدنى مستوى منذ عام 2017. وخفضت شركة كودلكو، أكبر منتج للنحاس في العالم، إنتاجها لهذا العام بمقدار مائة ألف طن إلى حوالي 1.5 مليون طن خلال العام الجاري.

كما تواجه صناعة النحاس في البيرو كذلك أزمة، حيث تواجه احتجاجات عمالية بمنجم لاس بامباس للنحاس. ومن المتوقع أن ينخفض إنتاج الشركة من النحاس خلال العام الجاري إلى 240 ألف طن.

على صعيد خام الحديد، ارتفعت أسعاره خلال يناير/ كانون الثاني الماضي إلى أعلى مستوى لها منذ يوليو/ تموز 2022، على الرغم من تباطؤ الاقتصاد العالمي ومخاوف الركود. وحسب تحليل شركة "كابيتال. كوم" تتجه الصين، أكبر مستورد لخام الحديد في العالم، لدعم قطاع العقارات، مما أعاد إحياء الشعور بأنها ستستعيد طلب البلاد على المعادن الصناعية.

واعتبارًا من 6 يناير 2023، ارتفعت العقود الآجلة لخام الحديد في بورصة سنغافورة بنسبة 24.5% في الأشهر الثلاثة الماضية، بينما ارتفع خام الحديد الفوري بنسبة 62% في الأسبوع الأول من شهر يناير الماضي.

ولكن لا يزال الغموض حول توجهات النمو الاقتصادي العالمي ومستوى الانتعاش في قطاع البناء الصيني يلقي بظلاله على أسعار الحديد ويطرح السؤال حول ما إذا كان الحديد سيتمكن من الحفاظ على المكاسب.

المساهمون