3 عقبات أمام إتمام صفقة رأس جميلة بين مصر والسعودية

14 مايو 2024
مشهد من شرم الشيخ على البحر الأحمر في 28 يناير 2024 (مكسيم كونستانتينوف/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تواجه مصر تحديات في إتمام صفقة "رأس جميلة" مع السعودية بسبب غياب الخطط الواضحة، تذبذب الجنيه، وتأثيرات الحرب على غزة، مما أدى لتعثر المفاوضات حول طريقة الدفع وقيمة الصفقة.
- الحكومة المصرية تسعى لاستغلال المشروع لسد العجز في العملة الصعبة وتحسين قيمة الجنيه، في ظل ضغوطات ارتفاع الدين الخارجي والحاجة الماسة للدولار لتخفيف الضغط الاقتصادي.
- الرغبة في تنشيط الاستثمارات الأجنبية وتحسين الوضع المالي تصطدم بعقبات جيوسياسية واقتصادية، مما يضع الحكومة في موقف صعب بين تأمين الدولار وتحقيق استثمارات تساعد في تحسين الاقتصاد.

 

غياب الخطط وتذبذب قيمة الجنيه المصري وتداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة ثلاث عقبات رئيسية تحول دون توصل الحكومة المصرية إلى اتفاق مع السلطات السعودية لإتمام صفقة مالية كبيرة في مشروع "رأس جميلة"، على غرار صفقة الإنقاذ المالي التي أبرمت بين مصر والإمارات بقيمة 35 مليار دولار مطلع مارس/ آذار الماضي.

وحسب مصدر مصري مطلع لـ"العربي الجديد"، تعثرت المفاوضات التي قادتها وزيرة التخطيط المصرية هالة السعيد مع مسؤولين سعوديين، على مدار الأسابيع الماضية، في التوصل إلى صيغة واضحة لمنح الصندوق السيادي السعودي حق استغلال وإدارة منطقة رأس جميلة الواقعة على مدخل خليج العقبة بالقرب من جزيرتي تيران وصنافير ومنتجع شرم الشيخ السياحي ومطار شرم الشيخ الدولي.

تفاصيل المفاوضات
ووفق المصدر، طرحت الوزيرة التي تشغل منصب الرئيس التنفيذي للصندوق السيادي المصري على الجانب السعودي التقدم بخطة استغلال ومشاركة مع الجانب المصري لملكية وإدارة مشروع رأس جميلة، وربطها بامتداد مشروع "نيوم" السعودي، بالموانئ المصرية السعودية والتوسعات السياحية المتوقعة على جانبي البحر الأحمر وخليج العقبة، في كل من مصر والسعودية والأردن.

وأكد المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن الوزيرة اشترطت أن يتولى الصندوق السيادي السعودي تمويل الصفقة ودفع القيمة بالدولار، لاستخدام حصيلة المشروع في سداد قيمة العجز بالعملة الصعبة في موازنة مصر خلال العام المالي 2024-2025، مع توقع ارتفاع وتيرة العجز خلال عام 2025-2026، يقابله زيادة التزامات الدولة تجاه الدائنين الدوليين.

وفشلت المفاوضات التي أجريت بين المسؤولين المصريين والسعوديين على هامش منتدى دافوس الصحراء بالرياض في التوصل إلى صيغة نهائية حول صفقة رأس جميلة، حيث أبدى الجانب السعودي اعتراضه على سداد قيمة الصفقة بالدولار نقدا، على غرار ما فعله الصندوق السيادي بالإمارات.
أشارت مصادر في مكتب استشاري يديره رئيس لجنة اقتصادية بالبرلمان المصري يعمل على إتمام صفقة "رأس جميلة"، لـ"العربي الجديد"، إلى أن توقف الجانبين عند قضية الدفع النقدي دفعهم إلى دراسة المبادلة بأرض رأس جميلة، مقابل الودائع السعودية والديون السيادية المستحقة لها، مشترطا تحديد قيمة نهائية للصفقة وتعويماً شاملاً لسعر الصرف، وأن تلتزم الحكومة بعدم تبدل مستحقات الطرف السعودي إلى ديون مرة أخرى، وسدادها بالدولار. يذكر أن كلاً من القاهرة والرياض لم تتحدث بشكل رسمي عن المفاوضات الجارية بينهما حول هذا المشروع حتى الآن.

أزمة مالية خانقة
وتعليقا على تلك التطورات قال الخبير الاقتصادي على الإدريسي لـ"العربي الجديد" إن الحكومة المصرية تحتاج إلى إتمام صفقة رأس الحكمة لحاجتها الشديدة للدولار، عبر الاستثمار الأجنبي المباشر، لتخفيض الضغط المستمر على الجنيه، وتحسين قيمته، وعلاج الاختلالات الناتجة زيادة العجز في العملة الصعبة، مع وجود التزامات بسداد ديون بقيمة 42.3 مليار دولار خلال العام المالي 2024-2025، تصل إلى 97.1 مليار دولار في الفترة من 2025 إلى 2027.
أوضح الإدريسي أن زيادة مستويات الدين الخارجي إلى 168 مليار دولار في ديسمبر/ كانون الأول 2023، مع توقع ارتفاعه خلال العام الجاري، وتباطؤ تدفقات الدولار المقترضة من صندوق النقد الدولي على مدار السنوات الأربع المقبلة، مع تراجع عوائد قناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج، تدفع الحكومة إلى البحث عن إتمام صفقة رأس جميلة.
أرجع الإدريسي تأخر صفقات بيع الأصول العامة إلى الاختلاف حول تقدير قيمة الأصول، مشيرا إلى أنه رغم توحيد سعر الصرف، فإن المستثمرين ما زالوا ينتظرون نتائج التنفيذ على أرض الواقع، للاطمئنان على قدرته في استرداد مستحقاتهم بالدولار، أثناء انتهاء المشروعات أو تحويل الأرباح ومستحقاتهم المالية.
يتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاع سعر الدولار إلى 56 جنيها خلال العام المالي 2024- 2025، مع تصاعد وتيره الزيادة ليصل إلى 58.39 جنيها عام 2026-2027 و59.46 جنيها عام 2026- 2027.

رغبة في تنشيط الاستثمارات
من جانبه، أكد خبير التمويل والاستثمار، وائل النحاس، أن المشاورات السعودية المصرية حول صفقة رأس جميلة تتجه إلى مشروع استثمار بين القطاع السعودي الخاص والحكومة، وتستهدف بناء سلسلة من الفنادق، ما بين ثلاثة إلى 20 فندقا فاخرا، مع رغبة الحكومة في تنشيط الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وسد العجز المتوقع في النقد الأجنبي خلال العامين المقبلين.

أوضح النحاس أن صفقة الإنقاذ المالي التي قادتها عملية بيع مدينة رأس الحكمة للطرف الإماراتي، رغم ضخامتها لم توفر فوائض مالية كبيرة بالدولار، تمكن الحكومة من مواجهة الأزمة المالية لفترات زمنية طويلة.

يشير خبير التمويل والاستثمار إلى أن تبديل الديون مع الإمارات وشراء أدوات الدين الحكومي وفرا ما قيمته 17 مليار دولار خلال الشهرين الماضيين، بينما كانت الحصيلة الفعلية بالدولار من مصادر أخرى ضعيفة، ما يؤكد استمرار الحاجة الملحة للعملة الأجنبية لسداد التزامات الدولة للدائنين الأجانب وتمويل شراء الواردات من السلع والوقود والوفاء باحتياجات الجهات الحكومية والمستوردين من العملة الصعبة.

أوضح النحاس أن صفقة الإنقاذ المالي التي قادتها عملية بيع مدينة رأس الحكمة للطرف الإماراتي، رغم ضخامتها لم توفر فوائض مالية كبيرة بالدولار


قال النحاس لـ"العربي الجديد" إن ضغوط الديون الخارجية وشح الدولار يدفعان الحكومة إلى البقاء عالقة بين شقي رحى، الرغبة بالإسراع في إتمام صفقة رأس جميلة، ما يمكنها من توفير الدولار والنزول بقيمة الجنيه إلى مستويات عند 38-40 جنيها للدولار، أو انتظار تدفق مزيد من الاستثمار المباشر الموجه لشراء أدوات الدين، مع تقديم ضمانه للأموال الساخنة بأن يظل سعر الدولار عند حدود 44-46 جنيها، وعدم رفع الفائدة إلى الحدود المطبقة حاليا بالبنك المركزي، للسماح لهم بتحقيق عائد جيد، يمكنهم من توجيه أموالهم في السوق المصرية.

تأثيرات العدوان الإسرائيلي
أوضح خبير التمويل والاستثمار ارتباط إتمام صفقة رأس جميلة بتحسن الأجواء الجيوسياسية بالمنطقة، والتي تتأثر سلبا باستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وحالة التشاؤم التي تسود أوساط مجتمع الأعمال جراء تعدد الأزمات الاقتصادية والسياسية، وعدم وضوح الرؤية لدى الحكومة في ما يخص طرح الأصول العامة، وتوظيف العوائد منها في مشروعات إنتاجية.
تتوقع الحكومة تحقيق إيرادات بقيمة 129.3 مليار دولار بنهاية العام الجاري 2023-2024، تشمل 50 مليار دولار من صفقة رأس الحكمة وقروضاً من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، بينما تصل المصروفات إلى 137.1 مليار دولار، بعجز قيمته 7.8 مليارات دولار. تنخفض الإيرادات بالدولار عام 2024-2025 إلى 115.1 مليار دولار مقابل 124.3 مليار دولار مصروفات، ليرتفع العجز إلى 9.3 مليارات دولار.

المساهمون