بعد تقلبات حادة في البورصات الصينية خسرت بموجبها بورصة هونغ كونغ نحو 5% من قيمتها يوم الثلاثاء، استعادت أسواق المال اليوم الأربعاء جزءاً كبيراً من خسائرها، إذ كسب مؤشر "شنغهاي المركب" الذي يقيس أداء الأسهم 3.5% من قيمته في نهاية التعاملات، بينما كسب مؤشر "هانغ سانغ" الذي يقيس أداء أسهم هونغ كونغ 9.1%.
وقادت أسهم التقنية الارتفاع في بورصة هونغ كونغ، حيث قفز مؤشر التقنية 20% لدى إغلاق البورصة، حسب بيانات نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال".
وتعيش سوق المال الصينية وضعاً من الاضطراب الشديد منذ أسابيع بسبب حالة عدم اليقين التي تنتاب المستثمرين بشأن ثلاث قضايا رئيسية، وهي حرب أوكرانيا وتداعياتها على نمو الاقتصاد الصيني، وتداعيات الحظر المالي الغربي المشدد على روسيا وتأثيره على أعمال الشركات الصينية التي تتاجر بكثافة مع السوق الروسي. كذلك تفشي جائحة كورونا في البلاد وما إذا كانت الحكومة قادرة على السيطرة عليها.
وكانت اللجنة الوطنية للصحة في الصين قد أعلنت الثلاثاء تسجيل 1952 إصابة مؤكدة بفيروس "كورونا"، وهو ما يمثل تراجعاً من أعلى مستوى في عامين المسجل يوم الإثنين عند 3602 إصابة.
في شأن الاضطرابات وعدم اليقين التي تقلق المستثمرين، قال رئيس وحدة استراتيجية الأسهم في مصرف "ساكسو بنك" بيتر غاري: "العودة السريعة لسوق المال الصينية من الخسائر الكبرى للارتفاع تظهر مدى حساسية المستثمرين للمتغيرات في السوق".
وكانت بورصة الصين قد كبدت المستثمرين خسائر سوقية كبيرة خلال التقلبات الخطرة بالأسابيع الأخيرة. وأضاف غاري في تعليقات نقلتها "وول ستريت جورنال" أنّ "عودة الأسهم للارتفاع الأربعاء، تعني أنّ المستثمرين يراهنون على إيجاد حلّ سريع للحرب في أوكرانيا".
ويتوقع خبراء في الاستراتيجيات الجيوسياسية أن تتوسط الصين لوقف الحرب في أوكرانيا بما تملكه من مصالح تجارية ضخمة في روسيا وتقارب بين الرئيسين الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين.
لكنّ غاري قال: "على الرغم من تفاؤل المستثمرين حول مستقبل وقف الحرب في أوكرانيا، فإنّ عدم اليقين بشأن المستقبل يظل في حالته القصوى وكلّ شيء يمكن أن يتغير".
ومن العوامل التي تقض مضاجع المستثمرين، عمليات الإغلاق التي نفذتها الحكومة الصينية لمحاصرة جائحة كورونا في بعض المدن وأدت إلى تراجع الطلب النفطي في سوق المصافي، إذ إنّ الصين باتت من كبار المستوردين للنفط، كما عرقلت الجائحة عمليات الإنتاج لبعض الشركات الصينية والغربية التي لديها مصانع في الصين.
وتراجعت أسعار خام برنت الأربعاء، لأول مرة لأقل من 100 دولار للبرميل منذ بداية الحرب الروسية في أوكرانيا. وحسب بيانات "بلومبيرغ" تراجع سعر خام برنت في عقود تسليم عقود مايو/ أيار إلى 99.36 دولاراً للبرميل قبل أن يعود للارتفاع إلى 100 دولار في تعاملات الظهيرة ببورصة لندن.
ومن بين العوامل التي ساهمت في عودة البورصات الصينية للارتفاع، استئناف بعض الشركات لعملياتها في المدن المغلقة.
في هذا الصدد، قالت شركة "فوكسكون تكنولوجي"، المجمعة لمنتجات "آبل" الأربعاء، إنّها استأنفت الإنتاج والتشغيل جزئياً في اثنين من مصانعها في مقاطعة شنتشن الصينية أحدهما مسؤول عن تجميع جوالات "آيفون" بعد اعتماد تدابير للحد من الانتشار المحتمل لكورونا.
كما قالت الشركة التايوانية المعروفة أيضاً باسم "هون هاي بريسشن إنداستري" إنّها حصلت على موافقة لاستئناف العمل بعد اعتمادها نظاماً تتم بموجبه حماية الموظفين نسبيّاً من احتمالات العدوى.
تضاف إلى عوامل قلق المستثمرين، المخاطر التي تعيشها شركات التطوير العقاري في البلاد ومخاوف المستثمرين من ردة فعل أميركية على الشركات المسجلة في بورصة نيويورك في حال تطور الحرب في أوكرانيا ودعم الصين لروسيا.
وحسب تقرير نشرته وكالة "شينخوا" دعا اجتماع لجنة الاستقرار المالي والتنمية الذي ترأسه نائب رئيس مجلس الدولة ليو هي، الأربعاء، إلى سياسات جديدة لمعالجة مخاطر شركات التطوير العقاري ودراسة وتقديم خطة فعالة لمنع وحل المخاطر المحيطة بشركات القطاع العقاري، كما ذكر التقرير أنّ الجهات المنظمة في الصين والولايات المتحدة قد حققت تقدماً إيجابياً بشأن مسألة الشركات الصينية المدرجة في أسواق أميركية، وأنّها تعمل على صياغة خطة تعاون مفصلة.
لكن على الرغم من عودة المؤشرات الرئيسية للسوق الصينية إلى اللون الأخضر، لا تزال مخاوف المستثمرين موجودة، إذ قال مصرف " بنك أوف أميركا" إنّ المستثمرين يشعرون بالقلق الشديد بشأن اتجاه السوق على المدى القريب.
وبحسب "ياهو فاينانس" الثلاثاء، قال مايكل هارتنت، كبير محللي الاستثمار لدى البنك في أحدث استطلاع أجراه البنك للمديرين: "دفعت الأزمة الأوكرانية مستويات السيولة النقدية لدى مديري الأموال إلى أعلى مستوياتها منذ إبريل/نيسان 2020، وتراجع مستوى التفاؤل بشأن النمو العالمي إلى أدنى مستوياته منذ يوليو/تموز 2008".