3 أسباب وراء مشهد استقالة محافظ البنك المركزي المصري

18 اغسطس 2022
محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر (Getty)
+ الخط -

غادر محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر أسوار إحدى أهم المؤسسات السيادية التي أعادت رسم السياسة النقدية في مصر، ثالث أكبر اقتصاد عربي.

عامر، الذي شغل منصب المحافظ منذ عام 2015، وعُيّن لولاية ثانية بعد أربع سنوات؛ واجه ضغوطا مؤخرا، بعد أن سحب المستثمرون الأجانب قرابة 20 مليار دولار من أسواق الديون المحلية (الأموال الساخنة).

كذلك، واجه المحافظ المستقيل أزمة إمدادات الغذاء لأكثر من 100 مليون مصري، وسط ارتفاع أسعار السلع عالميا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع كلفة الواردات بـ90 بالمئة هذا العام، إلى متوسط شهري 9.5 مليارات دولار.

النقد الأجنبي المتناقص في مصر كان أيضاً إحدى المعضلات التي واجهت عامر، والتي دفعت المركزي إلى إجراءات لمحاولة الحفاظ على السيولة الأجنبية داخل الأسواق المحلية، إلا أنها واصلت تخارجها بسبب ارتفاع المخاطر العالمية.

ضحية الحرب

الحقيقة أن مصر كانت ضحية للحرب الروسية الأوكرانية هذا العام، وقبل ذلك، ضحية لسياسات اشترك في وضعها البنك المركزي والحكومة، بعد أن وجدا من أدوات الدين مصدراً لتوفير النقد الأجنبي.

المحافظ المستقيل غادر البنك المركزي، لكنه دخل قصر رئاسة الجمهورية مستشارا للرئيس عبد الفتاح السيسي، ما أثار تساؤلات حول كواليس الاستقالة والتعيين.

مباحثات الصندوق

تأتي الاستقالة في وقت تخوض مصر مباحثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض مالي لم تعلن قيمته الحقيقية، لكن بنوك استثمار أميركية قدرته بـ15 مليار دولار.

ويطالب الصندوق بإصلاحات كبيرة قد تؤثر على استقرار المجتمع المحلي، لأنها تطاول الدعم، وقد تمتد -وفق مراقبين- إلى تعويم ثان للعملة المحلية (الجنيه).

طارق عامر كان من يقود دفة التعويم الأول للجنيه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهو قرار لم تحقق منه مصر كامل ما طمحت إليه، فعلى الرغم من إنهاء السوق الموازية للعملات، إلا أنها أبقت الجنيه عند مستويات بعيدة عن السعر قبل التعويم.

أسعار الصرف

قبل الحرب الروسية الأوكرانية، كان سعر الدولار 15.6 جنيها، مقابل 8.88 جنيهات قبل التعويم، واليوم يبلغ سعر الصرف 19.1 جنيها لكل دولار.

وعلى الرغم من نجاح عامر في الحفاظ على سعر صرف عند 15.6 جنيها طيلة السنوات الخمس الماضية، إلا أن مخاطر الاعتماد على الأموال الساخنة انفجرت اليوم في وجه الاقتصاد المصري.

وأبدى طارق عامر في أكثر من مناسبة، في اجتماعات اقتصادية لدى صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، فرضية تحريك أسعار الصرف، وهو على ما يبدو مطلب للصندوق اليوم، كشرط رئيس للموافقة على قرض مالي.

قد تكون الاستقالة نتيجة طبيعية لخلافات، لم تظهر للعلن حتى اليوم، داخل مطبخ السياسة النقدية تحت قبة البنك المركزي، والسياسة المالية التي ترسمها وزارة المالية والحكومة، في غياب علنية المحادثات بين مصر وصندوق النقد، ما يرجح لوجود خلافات حادة بشأن كلفة الإصلاحات المقدمة من الحكومة والمقترحة من جانب الصندوق.

اليوم، تملك مصر احتياطيات للنقد الأجنبي تقترب من 33.5 مليار دولار، لكن إجمالي استثمارات دول الخليج (ودائع) في البنك المركزي المصري تتجاوز 14 مليار دولار.

أمام هذا المشهد الخاص بمستقبل السياسة النقدية في مصر، اكتفى عامر في استقالته بالقول إن مغادرته تعود لضخ دماء جديدة تحمل المسؤولية.

(الأناضول)

المساهمون