تشهد أسواق إدلب شمال غرب سورية ارتفاع كبيراً في أسعار اللحوم الحمراء والدجاج والأسماك بأنواعها، نتيجة عوامل عديدة ما سبّب ركوداً في عمليات الشراء.
وقال محمد مناع وهو بائع أسماك في أسواق إدلب، إن "أسعار الأسماك ارتفعت كثيراً في الآونة الأخيرة"، ويرجع السبب وراء ذلك إلى "احتكار عدد قليل من التجار استيراد الأسماك وتحديد أسعارها"، وأضاف أن "الإقبال على الشراء لم يعد كما السابق بعد ارتفاع الأسعار، فمن كان يشتري خمسة كيلوغرامات من السمك سابقاً، أصبح يكتفي بشراء ثلاثة فقط".
ارتفاع أسعار الأسماك التركية والسورية
وعن مصادر الأسماك قال مناع إن "هناك أنواعاً مستوردة تركية وأخرى محلية تأتي من مناطق الفرات وجرابلس كالسلور الفراتي والمشط والكارب والجري".
وأشار إلى "ارتفاع أسعار الأسماك المحلية أيضاً، إذ كان يباع سمك الأجاج قبل شهر تقريباً بنحو 185 ليرة تركية (حوالي 6 دولارات) ، أما اليوم فأصبح سعره 220 ليرة تركية".
وطالب مناع بـ"فرض رقابة على أسعارالأسماك التي زادت كثيراً عن نسبة الزيادة المتوقعة نتيجة تغيير سعر الصرف".
وعن ارتفاع أسعار اللحوم من الدجاج، قال الطبيب البيطري العامل في شركة اليمامة للفروج في إدلب، محمد زاهر حلاق، إن "أسعارها ارتفعت نتيجة زيادة الطلب عليها بعد ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء".
وأضاف أن "هناك أسباباً أخرى منها ارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة من تركيا والمحلية نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأولية، إضافة إلى اارتفاع أسعار مواد التدفئة للمداجن التي تعتمد على الفحم الذي وصل سعر الطن منه إلى 260 دولاراً".
وأشار لـ"العربي الجديد" إلى أن "أرباح المربين تكاد تكون معدومة، وهو ما دفع الكثيرين منهم إلى العزوف عن تربية الدواجن، فقد وصلت كلفة طن الفروج الحي إلى 1500 دولار، بينما يبيعها المربون بنحو 1600 دولار"، مؤكداً أن "الـ100 دولار ليست كثيرة، خاصة إذا ظهرت بنود أخرى للإنفاق كالأدوية البيطرية وغيرها".
تراجع القوة الشرائية
أما أحمد العوض وهو بائع لحوم أغنام نازح من سراقب ومقيم في مدينة بنش شرق إدلب، فيقول عن ارتفاع أسعار اللحوم إن "سعر كيلو لحم الضأن ارتفع خلال شهر واحد 100 ليرة تركية، فبعد أن كان يباع بـ300 ليرة تركية قبل حوالي الشهر أصبح يباع بـ 400 ليرة تركية اليوم".
وأرجع سبب ارتفاع أسعار اللحوم إلى "تهريب المواشي إلى الخارج ولفرق تصريف الدولار الذي ارتفع في الآونة الأخيرة مقابل الليرة التركية"، مشيراً إلى أنه بعد أن كان "يبيع في اليوم من 3-4 ذبائح من الأغنام، أصبح يبيع اليوم ذبيحة واحدة كل يومين، نتيجة ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية للمدنيين".
لم تدخل اللحوم الحمراء منزل يحيى الزعرور وهو من مهجّري مدينة حمص ومقيم في مدينة إدلب، منذ عيد الأضحى العام الفائت لـ"غلاء أسعاره، وعدم قدرته على شرائه وسط الفقر، والنزوح وقلة مصادر الدخل، وغلاء إيجار المنزل الذي يقيم فيه"، وفق ما قاله.
ويقول الزعرور الذي يعاني آلام الديسك وغير قادر على العمل إنه "يعتمد على لحوم الدجاج في الطبخ، خاصة أنه يجده أرخص من اللحوم الحمراء بكثير ومن الخضروات أيضاً".
وأضاف "أنني بمبلغ 45 ليرة تركية أستطيع إحضار نصف كيلو شيش دجاج نصنع منه وجبة غداء إما لحمة بالصينية وإما مقلوبة، لكنني حين أحضر أكلة فلافل فتكلفني أكثر من 150 ليرة تركية".
وأشار إلى أنه "لا يحضر مواد للطبخ سوى أيام الجمعة فقط، ويقضي بقية أيام الأسبوع على ما تيسر من مؤونة المنزل أو الحواضر".
أسباب ارتفاع أسعار اللحوم
وللوقوف على أسباب ارتفاع أسعار اللحوم في إدلب وشمال غرب سورية عموماً قال خبير الاقتصاد عماد الدين أحمد المصبح لـ"العربي الجديد" إن ارتفاع أسعار اللحوم يرتبط بأسباب متشعبة ومتعددة، أولها عدم وجود أعداد كافية من الخراف، عدا عن اقتراب شهر رمضان المبارك واحتفاظ معظم مربي الأغنام بما لديهم من الخراف لبيعها في هذا الشهر".
بينما يرجع المصبح السبب الثاني إلى "التهريب" الذي يصفه بـ" المشكلة التاريخية في سورية، حيث يتم تهريب الأغنام إلى الدول المجاورة ".
أما عن السبب الثالث فيقول المصبح إنه "مرتبط بالتضخم في تركيا، وتأثير هذا التضخم على مناطق شمال غرب سورية عموماً كونها أصبحت جزءاً من الاقتصاد التركي بعد تداولها العملة التركية".