التصدير من غزّة يصطدم بعراقيل إسرائيليّة

01 يناير 2015
الاحتلال يعرقل صادرات غزة(عبدالحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -
بعد بضعة أسابيع من سماح الاحتلال الإسرائيلي بتصدير 15 صنفاً من الخضروات التي تزرع في قطاع غزة، إلى أسواق الضفة الغربية، وعلى مدار ثلاثة أيام أسبوعياً، عاد الاحتلال ليمنع تصدير بعض الأصناف، ويضع شروطاً لاستمرار عملية التصدير، الأمر الذي اعتبره مزارعو القطاع عرقلة لعملية التصدير تكبّدهم خسائر مالية.
ويوضح التاجر محمود خليل أنّ الاحتلال رفض تصدير الخضروات عبر مشاطيح (حوامل البضاعة)، يبلغ ارتفاعها متراً وثمانين سنتيمتراً، وأصرّ على التصدير بمشاطيح لا يتجاوز ارتفاعها المتر الواحد، ما يعني تقليل كميات البضائع المصدّرة داخل الشاحنة الواحدة، من 12 طناً إلى نحو 6 أطنان.
ويذكر خليل، لـ"العربي الجديد"، أنّ كلفة النقل بشاحنة واحدة تبلغ نحو 4 آلاف شيكل (ألف دولار تقريباً)، ونتيجة لذلك الشرط سيجبر التاجر على استئجار أكثر من شاحنة لنقل البضاعة من غزة إلى الضفة، ما سيؤثر على كلفة تصدير الخضروات وأسعار بيعها في أسواق الضفة، وكل تلك التكاليف سيتحملها التاجر فقط.
ويشير خليل إلى أن معبر كرم السالم، المنفذ التجاري الوحيد للقطاع مع العالم الخارجي، لا يصلح لتصدير المنتجات الزراعية لافتقاره إلى الثلاجات التي تحفظ الخضروات لحين تصديرها، ما يعني تعرّض الخضروات لأشعة الشمس والرياح التي قد تؤثر على جودتها، فضلاً عن محدودية المعبر.
وسمح الاحتلال، في منتصف الشهر الماضي، ولأول مرة منذ فرص الحصار الإسرائيلي على القطاع صيف عام 2006، بتصدير 15 صنفاً من الخضروات إلى أسواق الضفة، (كالخيار، البندورة، الباذنجان، الفلفل، البطاطا الحلوة، البصل، القرنبيط، البلح، الرطب، الشمام، البطيخ، القرع، الكوسا، والملفوف).
وأعلن الاحتلال عن شروط صارمة لبدء عملية التصدير إلى الخارج، كوضع المنتجات المنوي تصديرها ‏داخل صناديق محكمة الإغلاق، مكتوب عليها بشكل بارز مصدر المنتجات "قطاع غزة"، بما يضمن عدم تسرّب الأتربة بدعوى أن أراضي القطاع موبوءة ‏بالأمراض، وتزويده بعيّنة زراعية لإخضاعها ‏لفحوصات خاصة. ‏
بدروه، يصف المدير العام للتسويق والمعابر في وزارة الزراعة بغزة، تحسين السقا، شروط الاحتلال الإسرائيلي بـ"التعجزية وغير المبررة"، وعلى أثرها توقف العديد من المزارعين والتجار عن تسويق بضاعتهم إلى الضفة الغربية، نظراً لارتفاع كلفة النقل مقابل جني أرباح بسيطة.
ويقول السقا، لـ"العربي الجديد"، إنّه فور الإعلان عن عودة التصدير إلى الخارج، سارع عشرات المزارعين إلى حرث أراضيهم وزراعتها على أمل تصدير بضاعتهم إلى الأسواق الخارجية وتعويض خسائرهم المالية جراء العدوان الإسرائيلي الأخير، إلا أن شروط الاحتلال أحبطت آمالهم، بل تكبّد بعضهم خسائر مالية.

وأرجع الاحتلال، في الأسبوع الأول من سماحه بتصدير البضاعة إلى الخارج، 12 شاحنة محمّلة بـ135 طناً من مختلف أصناف الخضراوات، بقيمة تقدّر بنحو 150 ألف دولار، كانت متوجهة لتسويقها في الضفة الغربية، بالاضافة إلى شاحنتين محملتين بالطماطم التي كانت ستصدّر إلى الأردن.
ويضيف السقا أن أهمية التسويق إلى الخارج تكمن في إحداث انتعاش اقتصادي في الأوضاع الداخلية وتصدير فائض الخضروات بغزة، إلى جانب تشغيل أكبر قدر ممكن من الأيادي العاملة، مبيّناً أن حجم التصدير قبل عام 2007 بلغ نحو 15 ألف طن سنوياً من مختلف أصناف الخضروات، بينما كان يشغل القطاع الزراعي نحو 44 ألف عامل.
وأغلق الاحتلال ثلاثة معابر، من أصل ستة تربط غزة مع العالم الخارجي، فدمر، أواخر شهر مارس/ آذار2011، معبر المنطار، (كارني)، وكان يعتبر من أكبر المعابر التجارية، ومعبر الشجاعية، (ناحل عوز)، الذي أغلق في الأول من شهر أبريل/ نيسان 2010، ومعبر صوفا، في حين أن معبر كرم أبو سالم ما زال يعمل بقدرات محدودة، ومعبر إيرز ورفح مع الجانب المصري وكلاهما للأفراد.
وينبّه السقا إلى المعيقات التي تواجه عمليات التصدير عبر معبر كرم أبو سالم، فتخضع البضائع لتفتيش دقيق من قبل جنود الاحتلال، ويستمر لعدة ساعات، وقد تتلف بعض الخضروات نتيجة لذلك التفتيش غير المبرر، داعياً إلى استخدام الماسح الضوئي المتطور الذي قدمته الحكومة الهولندية إلى الاحتلال لفحص الصادرات من غزة إلى العالم الخارجي.
وتكبّد مزارعو قطاع غزة، خلال السنوات السبع الماضية، خسائر مالية باهظة نتيجة لاعتداءات الاحتلال المتكررة عليهم وتجريف مئات الدونمات الزراعية، خاصة في المناطق الحدودية، إلى جانب تدمير آبار المياه وشبكات التوزيع. وبلغت خسائر القطاع الزراعي في العدوان الإسرائيلي الأخير نحو 550 مليون دولار.
ويضيف عابد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ الاحتلال نجح خلال السنوات السبع الماضية، بتحويل سكان قطاع غزة إلى مجتمع مستهلك بنسبة 100%، وغالبا ما يكون مستهلكاً للمنتجات الإسرائيلية، وعلى أثر ذلك، بلغت قيمة العجز في الميزان التجاري نحو 2.8 مليار دولار، في حين لم تتجاوز قيمة الصادرات 700 ألف دولار، في الربع الأول من العام الجاري.
وبلغت نسبة الصادرات من قطاع غزة خلال 1996_1999، ما يزيد عن 80 مليون دولار، إلا أن النسبة أخذت بالتراجع بشكل تدريجي بعد اندلاع انتفاضة الاقصى في عام 2000، وما أعقبها من تدمير لعدد كبير من المنشآت الاقتصادية وهروب المستثمرين من الأراضي الفلسطينية ووضع قيود على عمليات التبادل التجاري.
وتبرز أهمية تنشيط حركة الصادرات من غزة، في تشغيل المصانع المتوقفة منذ سنوات وتشغيل الأيادي العاملة والتقليل من نسبة البطالة ومعدلات الفقر، إلى جانب القدرة على تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني وبعض الدول العربية، التي تؤكد على فتح أسواقها أمام المنتجات الغزية دون تحصيل جمارك.
المساهمون