اقتصاد غزة في 2022 ... استمرار الحصار وارتفاع معدلات الفقر

30 ديسمبر 2022
الحصار يفاقم الأوضاع المعيشية لسكان القطاع (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

لم تختلف أحوال قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ عام 2006، خلال عام 2022، عن الأعوام السابقة كثيرا؛ إذ بقيت معدلات الفقر تسجل مستويات غير مسبوقة، بالإضافة إلى انخفاض الأجور على مستوى العاملين وبقائها دون المعدل العام.

ورغم أن هذا العام شهد عودة آلاف العمال المتعطلين للعمل في الأراضي المحتلة عام 1948 لأول مرة منذ الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005، إلا أن عشرات الآلاف ظلوا في دائرة البطالة نتيجة لشح الفرص.

بالتوازي مع ذلك، لامست معدلات الفقر حاجز الـ 70%، في الوقت الذي لا يزيد فيه متوسط دخل الفرد اليومي عن دولار أميركي واحد، ما يجعل واقع الأجور دون المستوى الذي يمكن فيه العائلات من توفير أبرز الاحتياجات اليومية الخاصة بها.

لامست معدلات الفقر حاجز الـ 70%، في الوقت الذي لا يزيد فيه متوسط دخل الفرد اليومي عن دولار أميركي واحد، ما يجعل واقع الأجور دون المستوى

وإلى جانب ذلك، يحضر ارتفاع مستوى التبادل التجاري إلى مستوى غير مسبوق مع الجانب المصري، نتيجة ارتفاع حجم استيراد البضائع عبر بوابة صلاح الدين التي تربط القطاع بالأراضي المصرية، مع انخفاض حجم التبادل مع معبر كرم أبوسالم الذي يربط القطاع بالاحتلال.

وتخلل عام 2022 تقديم الاحتلال عددا محدودا من التسهيلات الاقتصادية، تمثل في السماح بتصدير بعض المواد الغذائية والصناعية المنتجة في غزة، إضافة إلى إدخال بعض المواد التي يطلق عليها "الاستخدام المزدوج" مثل الألياف البصرية التي تدخل في صناعة قوارب الصيادين.

وشهد هذا العام توجها حكوميا نحو فرض الضرائب على بعض السلع المستوردة التي يتم تصنيعها محليا بذريعة دعم صناعتها محليا، كما حصل مع "بلاطين الجينز" (سراويل الجينز) وبعض الصناعات المتعلقة بالحلويات، وتعبئة المياه العذبة.

واستمرت المنحة القطرية المخصصة لأكثر من 100 ألف مستفيد وتصرف بمبلغ إجمالي 10 ملايين دولار أميركي شهريًا، تخصص لصالح الأسر الفقيرة والمحتاجة، وهو ما يسهم في استفادة الأسواق والحركة التجارية منها.

يقول مدير عام السياسات في وزارة الاقتصاد في غزة التي تديرها حركة "حماس"، أسامة نوفل، إن استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع كان السمة الأبرز في المشهد الاقتصادي الفلسطيني خلال عام 2022.

مدير عام السياسات في وزارة الاقتصاد: تذبذب أسعار صرف الدولار مقابل الشيكل الإسرائيلي أسهم في ارتفاع أسعار السلع

وحسب حديث نوفل لـ "العربي الجديد"، فإن مؤشرات وإرهاصات عديدة كانت توحي بانتهاء الحصار الإسرائيلي خلال هذا العام، غير أن الاحتلال أعاق إدخال المواد الخام والآلات وغيرها من متطلبات الإنتاج الخاصة بقطاع الصناعات في القطاع.

ويشير إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت بالسلب على المواطن الفلسطيني في غزة؛ إذ ارتفعت أسعار السلع الأساسية بنسبة لا تقل عن 20%، بالتزامن مع أن 80% من حجم الدخل الشهري للفلسطينيين موجه لهذه السلع فقط.

وحسب مدير عام السياسات في وزارة الاقتصاد، فإن تذبذب أسعار صرف الدولار مقابل الشيكل الإسرائيلي أسهم في ارتفاع أسعار السلع، لا سيما مع تسجيل العملة الأميركية ارتفاعات غير مسبوقة مقارنة بأسعار صرفها خلال عام 2021.

أما عن الإيجابيات المحدودة للاقتصاد في القطاع، فيؤكد أن عمل 15 ألف عامل داخل الأراضي المحتلة عام 1948 كان أحد الإيجابيات البسيطة للحالة الاقتصادية في غزة خلال 2022، ما يؤثر إيجابيا على النشاط الاقتصادي المنهار بفعل الحصار والحروب.

وتقدّر الجهات الحكومية في غزة حجم الواردات من مصر خلال الشهور الأخيرة بنحو 40% مقارنة بـ 17% قبل سنوات، إضافة إلى تحسّن محدود في الصادرات عبر المعابر التجارية لتصبح 48%، مقارنة بنسبة 42% في السنوات السابقة.

من جانبه، يقول مدير عام غرفة غزة التجارية ماهر الطباع لـ "العربي الجديد" إن سنوات الحصار الطويلة انعكست بشكل واضح على المشهد الاقتصادي، حيث وصلت معدلات البطالة إلى 50%، فيما ترتفع بين فئة الخريجين لتلامس 75%.

ويضيف الطباع أن معدلات الفقر ارتفعت في صفوف السكان لتلامس 64%، فيما ارتفعت معدلات انعدام الأمن الغذائي لتصل إلى 70%، ما يعكس الآثار الكارثية المترتبة على الحصار الإسرائيلي الذي دخل عامه السادس عشر مع تلاحق الحروب الإسرائيلية.

دير عام غرفة غزة التجارية لـ"العربي الجديد" : سنوات الحصار الطويلة انعكست بشكل واضح على المشهد الاقتصادي، حيث وصلت معدلات البطالة إلى 50%

ويشير إلى أن محدودية التأثير على صعيد عمل سكان القطاع داخل الأراضي المحتلة نظرًا لكون التصاريح الصادرة مدرجة تحت إطار "احتياجات اقتصادية" بالإضافة لعدم توفر فرص عمل لجميع من يحملون هذه التصاريح خلال الفترة الأخيرة.

ويرى الطباع أن المعطيات المتوقعة لقطاع غزة خلال 2023 تبدو على نفس النهج الذي كان سائدًا خلال السنوات الماضية، خصوصا مع عدم توفر فرص عمل أو تقديم الاحتلال أية تسهيلات اقتصادية على صعيد التصدير وإدخال المواد الخام.

المساهمون