بدأت الأضرار الاقتصادية الناجمة عن إجراءات الحكومة الكويتية لتقليص أعداد الوافدين والحد من تفشي فيروس كورونا في الظهور على العديد من الشركات والمنشآت الإنتاجية والخدمية المختلفة، خاصة في ظل إجراءات عزل المناطق التي يقطنها أكثر من 90 في المائة من العمالة الوافدة في البلاد.
وكشفت وثيقة حكومية صادرة عن إدارة الاقتصاد الكلي التابعة لمجلس الوزراء، اطلعت عليها "العربي الجديد" عن إجمالي فاتورة خسائر القطاع الخاص منذ بداية أزمة تفشي فيروس كورونا مطلع مارس/آذار الماضي، لتبلغ نحو 48 مليار دولار.
وحذرت الوثيقة من تداعيات خطيرة على الاقتصاد الكويتي وخطط التعافي جراء الاستمرار في العزل المناطقي، كما حذرت من الاستمرار في ممارسة الضغوط على الوافدين دون غيرهم الذين يعانون من أوضاع صعبة بسبب تسريح مئات الآلاف من أعمالهم، فضلا عن توقف الشركات عن دفع الأجور لقاطني تلك المناطق وعدم تمكن غالبية الوافدين من دفع إيجارات الشقق السكنية بالإضافة إلى تزايد المخاوف من الملاحقات القضائية نتيجة تراكم الديون.
وفي السياق، قال عبد العزيز المزيني، المستشار الاقتصادي في المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية في الكويت (مستقل) إن قرار مجلس الوزراء بشأن عزل مناطق الوافدين لا يصب في مصلحة الاقتصاد، مشددا على أن الاستمرار في تنفيذ القرار سيفاقم خسائر الشركات التي تعاني منذ بداية أزمة كورونا.
وأضاف المزيني في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هناك تخبطا في القرارات الحكومية، فبدلا من مساعدة الشركات على استئناف أعمالها ووقف نزيف الخسائر، ذهبت إلى قرارات صعبة ستنتج عنها مشكلات اقتصادية واجتماعية يصعب تداركها في المستقبل".
وقال عيسى العيدان، نائب رئيس مجلس إدارة شركة بوبيان للإنشاءات لـ "العربي الجديد"، إن 85 في المائة من العمالة في شركته من قاطني المناطق التي تعرضت للعزل، مشيرا إلى أن العمل في شركته لا يزال متوقفا على الرغم من قرار الحكومة بإمكانية استئناف الأنشطة بدءاً من مطلع يونيو/حزيران الجاري.
وأضاف العيدان: "لا يمكن استئناف الأنشطة من دون عمالة، وأدعو مجلس الوزراء إلى إعادة النظر في قرار العزل، خاصة أن الإصابات في بعض المناطق الأخرى التي لم يتم فرض عزل عليها تتزايد".
من ناحيته، قال حجاج بوخضور، الخبير الاقتصادي الكويتي، إن مئات الوافدين اضطروا إلى مغادرة الكويت خلال الأسبوع الماضي مع عزل المناطق وتوقف الأعمال منذ بداية تفشي كورونا، لافتا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد أزمة كبيرة في حال تدافع المزيد من الوافدين للسفر بشكل نهائي، خصوصا في ظل استمرار الضغوط التي تمارس على المقيمين.
وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن الإدارة العامة للطيران المدني الكويتي، فإن أعداد المسافرين الذين غادروا البلاد خلال الأسبوعين الماضيين تضاعفت بشكل كبير، حيث بلغت 21 ألفا، غالبيتهم يغادرون من خلال رحلات الطيران العارض غير المنتظم (شارتر).
وقرر مجلس الوزراء، مطلع شهر يونيو/ حزيران الجاري، إلغاء حظر التجول الشامل وتطبيقه بشكل جزئي، فيما سيجري عزل 4 مناطق جديدة تمامًا هي الفروانية وحولي وميدان حولي وخيطان، فضلا عن استمرار عزل جليب الشيوخ والمهبولة.
كما أعلن المجلس عن خطة للعودة التدريجية للحياة الطبيعية تتضمن 5 مراحل، تبدأ باستئناف الأعمال في الأنشطة التجارية بنسبة 30 في المائة، وتنتهي باستئناف الأنشطة في القطاعين الخاص والحكومي بشكل كامل وإعادة فتح المناطق المعزولة ورفع الحظر الجزئي المفروض، كما سيتم تقييم كل مرحلة بعد 3 أسابيع.