عقبات تحقيق أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية

10 يونيو 2020
معيشة المواطن العربي انحدرت لمستويات خطرة (فرانس برس)
+ الخط -
تزداد صعوبة تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030 بالنسبة لكثير من البلدان العربية، في الوقت الذي يتخبط العالم لاحتواء أضرار جائحة كوفيد-19 وتجاوز التحديات الجديدة التي تسببت بها.

فقد حذرت النسخة الجديدة من التقرير العربي للتنمية المستدامة، الصادرة اليوم الأربعاء، عن هيئات الأمم المتحدة العاملة في المنطقة وعلى رأسها اللجنة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (الإسكوا)، من أنّ المنطقة لن تحقق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وتشرح العقبات واقترحت عددًا من الحلول لإزالتها.

في السياق، حثت الأمم المتحدة على إنهاء الصراعات وتعزيز هياكل الحكم للمساعدة في بناء مجتمعات عادلة وسلميّة، وتدعو إلى الالتزام بحقوق الإنسان وتوسيع الفضاء المدني.

وتشدّد كذلك على أنّ هناك عوائق هيكلية ومتجذرة تمنع التحوّل نحو التنمية المستدامة الشاملة للجميع في المنطقة، وعلى أنّها في أغلب الأحيان مترابطة وذات طبيعة متفاعلة ومتداخلة.

وأكدت الأمينة التنفيذية للإسكوا، رولا دشتي، في كلمتها التمهيدية، أنّ التقرير خالٍ من الحلول السحرية وفيه "ما يحثّنا جميعًا على التواضع فنعترف بأننا لسنا على مسار تحقيق خطة التنمية المستدامة في المنطقة العربية بحلول عام 2030".
وقبل تفاقم الوضع بسبب فيروس كورونا، كانت النزاعات في المنطقة العربية قد أدّت إلى زيادة - هي الوحيدة في العالم - في معدلات الفقر المدقع مقارنةً بعام 2010.

وأدّى اعتماد المنطقة على وارادات الأغذية إلى عدم قدرتها على توفير الغذاء بشكل كافٍ وعادل في بعض الأماكن، ما جعلها عرضة للتأثّر بتقلّبات التجارة العالمية.

وتسجّل المنطقة العربية أيضًا أحد أعلى مستويات فوارق الدخل في العالم. ولا تقتصر اللامساواة على هذا الجانب فقط، بل تسجّل المنطقة أدنى نسبة مشاركة اقتصادية للمرأة في العالم، ومستويات عالية لعدم المساواة بين الجنسين، وللبطالة، لا سيما بين النساء والشباب. هذا وتؤدّي الأزمات وحالات عدم الاستقرار والنزوح إلى زيادة تعرّض النساء والفتيات لكافة أشكال العنف.

وبناءً على التقرير، تشكل الرعاية الصحية أحد أبرز الملفات الملحّة إلى جانب ملف التعليم الذي تعاني المنطقة من سوء نوعيته والتفاوت الشديد في إمكانية الحصول عليه داخل البلدان وفي ما بينها، فضلًا عن أنّ الإنفاق على البحوث والتطوير يقلّ عن المتوسط العالمي بنحو 60%.
على صعيد آخر، أظهر التقرير عددًا من القضايا العابرة للحدود التي تتطلب نُهُجًا إقليمية، لا سيما الصراعات وتداعياتها والتجارة وتغيّر المناخ وندرة المياه والبنى التحتية والاتصالات والهجرة والقضايا المتعلقة بالتنوع البيولوجي وحماية النظم الإيكولوجية البحرية. وجميعها يتطلب استجابة منسّقة على مستوى المنطقة.

فيُبيّن التقرير مثلًا أنّ الجفاف ألحق أضرارًا بأكثر من 44 مليون شخص في المنطقة بين عامي 1990 و2019، وأنّ قيمة الأضرار الاقتصادية للكوارث تجاوزت 19.7 مليار دولار في الفترة نفسها.

كذلك تشير التقديرات إلى أنّ تغيّر المناخ سيحدّ من توفّر المياه، ويغيّر أنماط الإنتاج الزراعي، ويهدّد إنتاج الثروة الحيوانية، ويؤثر سلبًا على الغابات والأراضي الرطبة، ويقلّص فرص العمل في الزراعة، ويزيد من موجات الحر.

وختمت دشتي قائلةً: "اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى تغيير هيكلي، تغيير يضعنا على مسار التحوّل المنشود".

وفيما يؤكد التقرير أنّ إحقاق التغيير يتطلّب جهودًا جادّة من الحكومات وواضعي السياسات، يُضيف أنّ التحوّل الجذري يبقى مشروع المجتمع بأسره، فخطة عام 2030 يبقى في صلبها الناس والتزامهم وقدرتهم على التغيير، ويشمل ذلك قدرة المجتمع المدني والصحافة والقطاع الخاص على تأدية أدوارهم بنشاط وفعالية.

هذا التقرير هو الإصدار الثاني للتقرير العربي للتنمية المستدامة، إذ صدر الأول في عام 2015 بالتزامن مع اعتماد خطة التنمية المستدامة لعام 2030.

دلالات
المساهمون