في الوقت الذي تجاوز فيه عدد الحالات المؤكدة إصابتها بفيروس كورونا 335 ألف حالة في الولايات المتحدة، واقتربت حالات الوفاة من 10 آلاف مواطن، بدا الرئيس دونالد ترامب مصمماً على استعادة النشاط الاقتصادي، الذي تشير بعض التقديرات إلى تعطل أكثر من 90% من قوته، أملاً في الاحتفاظ بما تم تحقيقه من إنجازات خلال السنوات الثلاث الماضية، والتي يعتبرها أهم أركان حملة إعادة انتخابه في نوفمبر/تشرين الثاني.
وبعد أن اطمأن ترامب، إلى حدٍ كبير، إلى توفير السيولة المطلوبة من وزارة الخزانة وبنك الاحتياط الفيدرالي، لإنقاذ الشركات الكبرى التي تمثل عصب الاقتصاد، ويمثل قادتها وأصحابها الظهير السياسي لترامب، سواء عن طريق إقراضها مبالغ ضخمة، كما هو الحال مع عملاق صناعة الطائرات بوينغ، أو عن طريق التوجه نحو تملّك الحكومة جزءا منها، كما هو الحال مع شركتي الطيران يونايتد وأميركان إيرلاينز، خطا ترامب خطوة أخرى هامة، باتجاه إحياء الاقتصاد، لكن هذه المرة من بوابة الشركات الصغيرة، التي يبلغ عددها نحو 30 مليون شركة.
وأعلن ترامب، يوم السبت، أنه لن يتخلى عن الشركات الصغيرة، المتضررة من أزمة الفيروس، والجهود المبذولة للحد من انتشاره، مؤكداً أنه سيطلب من الكونغرس توفير المزيد من الأموال، حال نفاد مبلغ 349 مليار دولار التي تم تخصيصها لتلك الشركات، في حزمة تحفيز الاقتصاد وتعويض الشركات، التي وقّعها ترامب قبل 10 أيام، وتجاوزت قيمتها 2.2 تريليون دولار. وقال ترامب "يجب علينا أن نعيد فتح هذا البلد مرة أخرى".
ومنذ الإعلان عن بدء تقديم قروضه، صباح الجمعة الماضي، تعرّض صندوق إنقاذ الشركات الصغيرة لهجوم كبير، بعد أن واجهت البنوك الوسيطة بينه وبين الشركات الراغبة في الحصول على قروض مشكلات كبيرة في الدخول على نظامه الإلكتروني، الذي تم استحداثه لتنفيذ تلك العمليات.
ورغم البداية المتوترة لأعمال الصندوق، الذي يستهدف على المدى البعيد مساعدة الشركات على تجاوز أزمة انخفاض إيراداتها، والاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من العمالة لديها، أعلنت جوفيتا كارانزا، مديرة إدارة الشركات الصغيرة، التابعة للحكومة الفيدرالية، أن إدارتها قدمت أكثر من 17.5 ألف قرض في أول أيام عمل الصندوق، تقدر قيمتها بأكثر من 5.4 مليارات دولار.
وقالت كارانزا إن الإدارة أعادت تفعيل 30 ألف رخصة إقراض لبنوك محلية واتحادات تسليف، في أقل من 24 ساعة، لتمكينها من تقديم القروض للشركات الصغيرة المتأزمة. وفي نفس يوم بدء توجيه القروض منخفضة التكلفة، والتي أعلنت وزارة الخزانة أنها ربما تسقط بعضها مستقبلاً، قدم البيت الأبيض دعماً للإدارة التي رتبت تزويد البنوك بالقروض المقدمة للشركات، بالتغريد على حسابه الرسمي على تويتر، مؤكداً أن ترامب "يولي كل الاهتمام للثلاثين مليون شركة صغيرة".
ورغم الدعم الكبير الذي تحظى به الشركات الصغيرة خلال الفترة الحالية، وبعد ضغوط من البنوك الكبيرة المشاركة في إقراضها، قررت الحكومة الفيدرالية مضاعفة معدل الفائدة المطبق على القروض المقدمة لها ليصبح 1%، بعد أن تم الإعلان أنه سيكون 0.5%.
وجاء التعديل قبل إطلاق البرنامج الجديد، الذي يحمل اسم "قانون حماية الأجور" بوقت قليل، وأعلنه ستيفن منوتشن، وزير الخزانة، وكارانزا رئيس الصندوق.
وطالب منوتشن الشركات التي ستحصل على القروض باستعادة من تم تسريحه من العمالة خلال الفترة الماضية.
وفي حين اشترطت وزارة الخزانة على الشركات الراغبة في الحصول على القروض أن تكون استمرت في العمل حتى منتصف فبراير/شباط على الأقل، أعلنت إدارة الشركات الصغيرة أنها ستعفي الشركات من السداد إذا استخدمت 75% من مبلغ القرض على الأقل في دفع أجور العاملين.
وفي حين أعلنت الوزارة أن الشركات يمكنها اقتراض ما يمثل 250% من الأجور السنوية التي تتحملها، بحد أقصى 10 ملايين دولار، أكد منوتشن، أن "الصندوق سيساعد على احتفاظ 50% من العمال بوظائفهم"، لحين تجاوز الأزمة وعودة النشاط الاقتصادي في البلاد.
وأشار المركز إلى أن هذه المقاطعات كانت تنتج ما يمثل 96% من الناتج القومي، قبل اندلاع أزمة انتشار الفيروس، مؤكداً أن الناتج الأميركي اليومي الحالي انخفض بنسبة تقترب من 29%، مقارنة بالأسبوع الأول من مارس/آذار المنتهي.، الذي كان آخر شهر قبل إصدار قرارات الإغلاق في الولايات الأميركية.
وقال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في مركز الأبحاث، إنه "في حالة استمرار الإغلاق بهذا الحجم لمدة شهرين إضافيين، فإن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة سينخفض خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة سنوية تقترب من 75%".
وبعد أن أعلن ترامب أنه يسعى لإعادة تشغيل الاقتصاد بحلول عيد الفصح في 12 إبريل/نيسان، بعد ما اعتبره البعض أكبر تعطيل لعمليات البيع والشراء في تاريخ البلاد، اضطرته الضغوط من لجنة إدارة الأزمة، والسلطات الصحية، والحزب الديمقراطي، إلى تأجيل مطالبته للأميركيين بالتخلي عن إجراءات المباعدة الاجتماعية، والنزول إلى أعمالهم، إلى نهاية الشهر على أقل تقدير، على أن يعاد تقييم الموقف مرة أخرى قبل التنفيذ.