في الوقت الذي تنظم فيه الكويت عملية إجلاء للعمالة المخالفة لتخفيف أعباء القطاع الصحي مع تزايد عدد حالات الإصابات بفيروس كورونا المستجد، أكدت مصر رفضها استقبال عمالتها المرحلة حتى انتهاء أزمة كورونا، وذلك بحسب دبلوماسي مصري مطلع أكد لـ"العربي الجديد" أن القاهرة أبلغت الحكومة الكويتية عن عزمها عدم استقبال أعداد كبيرة من رعاياها في الوقت الراهن.
وقال الدبلوماسي، الذي فضل عدم الإفصاح عن هويته، إن عدد العمال المصريين المقرر ترحيلهم حتى تاريخ أمس الخميس، يتجاوز 8300 مواطن. وحسب بيانات رسمية، تأتي الجالية المصرية في المركز الثاني على مستوى الجنسيات في الكويت بـ 600 ألف شخص.
وبذلك تتصاعد أزمة العمالة المصرية العالقة في عدد من الدول والتي ترفض الحكومة المصرية استقبالها، ومنها قطر التي أبدت استعدادها لتقديم كل التسهيلات لإعادة مئات المصريين العالقين لديها إلى بلادهم، إلا أن القاهرة رفضت استقبالهم.
وخلال الأيام الماضية، تعالت الأصوات النيابية للضغط على الحكومة الكويتية مجددا للمطالبة بمعالجة ملف التركيبة السكانية والاستغناء عن مئات الآلاف من العمالة الوافدة، إذ أظهرت وثيقة حكومية اطلعت عليها "العربي الجديد" خطة الحكومة الكويتية في ترحيل أعداد كبيرة من الوافدين من مختلف الجنسيات على مراحل زمنية.
وحسب الخطة الصادرة عن وزارة الشؤون الاقتصادية، فإن أولى الخطوات المتبعة لعملية الترحيل هي إعلانها سلسلة إجراءات لتشجيع العمالة المخالفة على المغادرة طواعية إلى بلدانها من دون دفع غرامات مالية، خاصة الجنسيتَين المصرية والهندية وهما تشكلان نحو 40% من العمالة الوافدة بالكويت.
وخصصت وزارة الداخلية الكويتية عددا من المدارس لتسكين الوافدين المخالفين الراغبين في السفر، وأعلنت تحملها كافة تكاليف إقامتهم بالإضافة إلى تذاكر سفرهم.
وخلال الأيام الأولى من إجراءات ترحيل المخالفين، بادر نحو 6 آلاف وافد من الجنسية الفيليبينية وأكثر من 8 آلاف مصري وجنسيات أخرى لمغادرة البلاد. وتواصل وزارة الداخلية الكويتية استقبال الراغبين في تسوية أوضاعهم خلال مهلة تنتهي في 30 إبريل/ نيسان الجاري.
وقال مصدر كويتي حكومي لـ "العربي الجديد" إن هناك خللا واضحا في التركيبة السكانية منذ فترة، إلا أن هذا الأمر شكل الآن ضغطاً كبيراً على المنظومة الصحية، خاصة مع إعلان إصابة أعداد كبيرة من الوافدين بفيروس كورونا، وهو ما دفع السلطات حاليا إلى اتخاذ قرارات حاسمة حتى لا ينهار القطاع الصحي كما حدث في العديد من الدول خلال الفترة الماضية. وشدد على سعي الحكومة لمعالجة القضية بالتعاون مع مجلس الأمة، مؤكدا أنه لا تهاون مع تجار الإقامات.
وتشير بيانات الهيئة العامة للمعلومات المدنية (حكومية) إلى أن نسبة الوافدين من إجمالي عدد السكان بلغت 70%، ما يعادل 3.3 ملايين شخص، فيما وصل عدد الكويتيين إلى 1.45 مليون شخص بنسبة 30%.
وتفاعل عدد من نواب مجلس الأمة الكويتي مع الغضب الشعبي بشأن قضية التركيبة السكانية، وتعهدوا بفتح ملف تجارة الإقامات ومحاسبة المقصرين بعد انتهاء أزمة تفشي فيروس كورونا.
إلى ذلك، يدرس مجلس الأمة الكويتي مشروع قانون عاجلاً تقدم به عضو البرلمان صالح عاشور، للاستغناء عن مليوني وافد لحل الأزمة الحالية، وخفض نسبة العمالة إلى 50% خلال 5 سنوات. وينص المقترح على تقليل نسبة العمالة الأجنبية في الكويت، وإصلاح التركيبة السكانية، وسد الفجوة بين المقيمين والمواطنين لتكون بنسبة 50% إلى 50%.
وقال عاشور: "نحن نستهدف تقليص الوافدين لـ1.5 مليون شخص، لذا نحتاج إلى استراتيجية واضحة وتكون بقانون إلزامي، بحيث تصل نسبة الكويتيين إلى 50% من إجمالي السكان".
على صعيد متصل، أكد رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، في تصريحات سابقة، أن أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، كشفت بشاعة ووحشية تجار الإقامات، مطالباً الحكومة بأن تحمّل مَن سماهم بـ"تجار البشر" المسؤولية.
بدوره، يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت، عبد الله الكندري، لـ"العربي الجديد" إن هناك مئات الآلاف من العمالة السائبة غير المدربة في الكويت بسبب جشع تجار الإقامات الذين يجلبونهم مقابل مبالغ كبيرة، رافضا التعامل مع الملف تحت الضغط الشعبي الذي قد يؤدي إلى خسائر كبيرة في المستقبل.
وأضاف الكندري أن هناك صعوبة في الاستغناء عن أعداد كبيرة من العمالة الوافدة التي تعمل في المشاريع الحالية والتي لا يمكن الاستغناء عنها في الوقت الراهن، داعيا الحكومة إلى محاربة تجار الإقامات.
وحسب الإحصائيات الرسمية في الكويت، يعمل أكثر من 120 ألف وافد في القطاع الحكومي، غالبيتهم في وزارتي التربية والصحة، بينما يعمل نحو مليوني و400 ألف وافد في القطاع الخاص منهم 800 ألف عمالة منزلية.