تكاد البورصات العالمية تُنهي الأسبوع على تحسّن لافت بعد أيام صعبة راكمت خلالها خسائر هائلة، وذلك على ضوء تدابير التحفيز التي أطلقتها الحكومات والمصارف المركزية والمنظمات الدولية تصدياً لتبعات فيروس كورونا المستجد، فيما خسر الدولار اليوم قوة الدفع.
واقتفت بورصات آسيا خطى وول ستريت التي ارتفعت الخميس، وكذلك اتخذت أسواق أوروبا المنحى الإيجابي نفسه بعد أن سجلت بورصتا باريس وفرانكفورت تحسناً طفيفاً بأكثر من 5% عند الافتتاح، وكذلك بورصة لندن بنسبة 5%. وفي أول التداولات، تحسنت بورصة ميلانو بمعدل 3% ومدريد بأكثر من 3%، وفقا لرصد "فرانس برس". وكانت بورصات الخليج شهدت تحسنا عند إقفال الخميس أيضاً.
وبحسب "رويترز"، قفزت الأسهم الأوروبية للجلسة الثانية على التوالي اليوم الجمعة، إذ أغرت موجة من التحفيز المالي والنقدي المستثمرين بالشراء مجددا بأسواق الأسهم، بعد أيام من عمليات بيع بفعل مؤشرات على أن العالم يتجه صوب ركود كبير مدفوع بتفشي فيروس كورونا.
وبحلول الساعة 8:14 بتوقيت غرينتش، ارتفع مؤشر ستوكس 600 الأوروبي 4.9% ويتجه صوب محو خسائر الأسبوع بالكامل. وقفزت أسهم السفر والترفيه 7.6% في تحرك مفاجئ، لتقود المكاسب بين القطاعات الفرعية الأوروبية، بينما أضافت شركات الطاقة 7.3% على خلفية تعافي أسعار النفط.
وقفزت أسهم المصارف 4.2% من أدنى مستوياتها في 3 عقود، بعد أن انضم البنك المركزي في بريطانيا إلى نظرائه في أوروبا في تعليق اختبارات التحمل لعام 2020. لكن مؤشر ستوكس 600 بصدد تسجيل أسوأ أداء في شهر منذ أكتوبر/تشرين الأول 1987، إذ يجبر فيروس كورونا السريع الانتشار العديد من الدول في التكتل على فرض حالة عزل.
والمستفيد الأول من هذه الأوضاع هو سوق الديون، وتنفست معظم الدول الصعداء بدءا بإيطاليا، وسجل كامل النظام المالي تحسنا طفيفا أيضا.
الخبير في مجموعة "أوريل بي.جي.سي"، تانغي لو ليبو، قال لفرانس برس إن "التدابير الأخيرة التي اتخذتها المصارف المركزية والحكومات، والتي تفوق بكثير تلك التي أعلنتها سابقا، كان لها وقع ساهم في استقرار أسواق المال" وسمحت بـ"تسجيل تحسن ملحوظ" صباحا.
حذر ليبو من أن "جلسة التداول هذه محفوفة بالمخاطر، فهناك آجال استحقاق عقود الخيارات الشهرية والفصلية والعقود الآجلة، ما ينذر بتقلبات وحصص إنتاج أعلى في الأجواء الحالية".
وأضاف أنه قبل حلول عطلة نهاية الأسبوع وأمام التفشي السريع للوباء، "ستبقى سوق الأسهم عموما، حتى وإن تحسنت على الأجل القصير، راضخة لضغوط كبرى".
وأوضح: "في هذه المرحلة خصوصا في الولايات المتحدة لم تشهد بورصة نيويورك التراجع الذي سجلته خلال أزمة 2008-2009. لكن يمكن القول إن التراجع أسرع هذه السنة وإن الأسواق لم تتمكن بعد من تسجيل تحسن لأكثر من جلستي تداول متتاليتين".
وأمام الكارثة الصحية العالمية المستجدة، تستخدم السلطات كافة الوسائل المتاحة، التي تكلف مئات مليارات الدولارات، لاحتواء تفشي الوباء. والأسواق التي أقلقتها هذه المبالغ الطائلة بدأت تشعر بشيء من الطمأنينة.
كما أن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الخميس، استخدام أحد أدوية الملاريا كعلاج محتمل لفيروس كورونا المستجد بعد نتائج مشجعة في الصين وفرنسا، ساهم في دعم أسواق المال.
وأعلنت المصارف المركزية وحكومات الدول الواحدة تلو الأخرى برامج كبيرة تفاديا للانكماش الاقتصادي وانهيار البورصات.
وفي هذا الإطار كان الطلب على الدولار أكبر من اليورو، الذي تراجع الخميس إلى أدنى مستوى له منذ 3 سنوات حيال العملة الأميركية بسبب تهافت المستثمرين على شراء الدولار.
زخم الدولار ينحسر
وخسر الدولار قوة الدفع اليوم الجمعة، بعد صعود أدى به لأن يتجه صوب تحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، إذ تسبب وباء فيروس كورونا في تدافع صوب السيولة مما سحق أسواق الأصول.
والدولار مرتفع 3.5% مقابل سلة من العملات خلال الأسبوع الذي قام فيه المستثمرون بتسييل كل شيء من الأسهم إلى السندات والذهب والسلع الأولية. وقاد الدولار الأسترالي التعافي الجزئي اليوم بين العملات الكبرى المتضررة، إذ ربح 3% إلى 0.5897 دولار أميركي.
وارتفع الجنيه الإسترليني 1.5% من أدنى مستوى في 35 عاما إلى 1.1654 دولار. وصعد الين 0.7% إلى 109.97 للدولار. وارتفع الوون الكوري الجنوبي أكثر من 3% من أدنى مستوى في 11 عاما، في ظل مكاسب أوسع نطاقا في أسواق الأسهم بالمنطقة.
وفي حين يُعد قطاع الطيران الأكثر تأثرا بتفشي وباء كوفيد-19، تسجل متاجر التجزئة أرباحا كبيرة. وقد قرر عملاق التجزئة الأميركي "وول مارت" دفع مكافأة بقيمة 365 مليون دولار لموظفيه الذين يتقاضون أجورهم وفقا لساعات العمل، كموظفي الصندوق، وسيوظف 150 ألف شخص إضافي لتلبية الطلب المتزايد.
الذهب يتألق
في سوق المعادن، ارتفعت أسعار الذهب الجمعة، إذ فاق الإقبال على شراء أصول الملاذ الآمن إثر تدافع صوب السيولة، في ظل مخاوف بشأن الضرر الاقتصادي الناجم عن فيروس كورونا، لكن المعدن الأصفر يتجه صوب ثاني انخفاض أسبوعي في الوقت الذي باع فيه المستثمرون المعدن لتغطية مراكز شراء بالهامش في أصول أخرى.
وصعد سعر أونصة الذهب في المعاملات الفورية 2% إلى 1499.92 دولارا بحلول الساعة 6:40 بتوقيت غرينتش، بعد أن انخفض 1% في الجلسة السابقة ويتجه صوب تسجيل انخفاض في الأسبوع، بحسب رويترز، فيما صعد الذهب في العقود الآجلة الأميركية 0.6% إلى 1487.9 دولارا.