تحدي انتخابات تونس... مخاوف على الدينار واحتياطي العملة

28 سبتمبر 2019
مخاوف من انزلاق الدينار (فتحي بلايد/ فرانس برس)
+ الخط -
نبّه خبراء اقتصاديون من انتكاسة جديدة للدينار التونسي عقب نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية وتواصل التوتر السياسي في البلاد. واعتبروا أن الانتعاشة التي شهدتها العملة المحلية في الأشهر الأخيرة ظرفية أو مدفوعة بقرار سياسي نفذته السلطات المالية لطمأنة المستثمرين.
 
ويقدر سعر صرف العملة المحلية حاليا بـ2.85 دينار مقابل الدولار و3.19 دنانير مقابل اليورو، بعد أن كان في حدود 3.1 دنانير مقابل الدولار و3.4 دنانير مقابل اليورو، في شهر مارس/آذار الماضي.

وتوقع الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان انتكاسة قريبة للدينار، معتبراً أن كل المؤشرات المحيطة بالاقتصاد المحلي تؤكد ذلك، معتبراً تحسن سعر صرف الدينار في الأشهر الماضية "مصطنعاً".

وأضاف سعيدان في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الوضع السياسي المتوتر سيهيئ الأرضية لعودة الدينار إلى ما كان عليه قبل شهر مارس/ آذار ملمحا إلى تدخّل البنك المركزي لكبح تراجع العملة لغايات انتخابية وفق تقديره.

ورجّح سعيدان أن تكون مرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية محفوفة بالمخاطر الاقتصادية متوقعا أن يكون نسق تراجع الدينار أسرع بكثير من نسق صعوده.

وقال إن التراجع سيسفر عن تآكل احتياطي العملة الذي خرج من دائرة الخطر ببلوغ الـ101 يوم من التوريد بعد أن استقر لشهور عدة في حدود لا تمكن من تغطية أكثر من 80 يوماً من الواردات .

والجمعة تراجعت الموجودات الصافية من العملة الأجنبية إلى 101 يوم توريد، أي 17899 مليون دينار ما يعادل 6,2 مليارات دولار بعد أن بلغت 103 أيام توريد في 18 سبتمبر/ أيلول، وفق ما نشره البنك المركزي على موقعه الرسمي.

في المقابل، فسر الخبير المالي بلحسن الزمني زيادة احتياطي العملة الصعبة في البنك المركزي وتحسن وضع الدينار، بزيادة في إيرادات العملة المتأتية من عائدات صادرات مواد زراعية على غرار زيت الزيتون وتعافي القطاع السياحي فضلا عن حصول تونس على أقساط قروض متعاقبة في فترة زمنية لم تتجاوز الشهرين.

وقال الزمني إن أقساط القروض المسرحة من صندوق النقد الدولي والبنك الأفريقي ساعدت على زيادة الاحتياطي وتحسين قيمة الدينار معتبرا أن استقرار وضع العملة في مستوياتها الحالية يتطلب استقرارا سياسيا واقتصاديا ودعم القطاعات المدرة للعملة ولا سيما منها السياحة التي قد تتعرض إلى انتكاسة عقب أزمة إفلاس "توماس كوك".

وحصلت تونس، نهاية يونيو/ حزيران، على مصادقات تمويل وإقراض من ثلاث جهات خارجية بقيمة تقارب بمجملها 1.2 مليار دولار. واقترضت من البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد 800 مليون دولار تُصرف على شريحتين، والبنك الدولي 151 مليون دولار، والاتحاد الأوروبي 150 مليون يورو.

ووافق مجلس إدارة مجموعة البنك الدولي، على منح تونس قرضاً استثمارياً جديداً بقيمة 151 مليون دولار، لدعم جهود البلاد في تنويع مواردها الطاقوية، وإنتاج الكهرباء بأقل تكلفة.

وتترقب تونس زيارة جديدة لوفد خبراء صندوق النقد الدولي، خلال الأيام المقبلة، في إطار مهمة المراجعة السادسة التي تتزامن مع زخم من الأحداث السياسية التي تعيش على وقعها البلاد، وسط توقعات بأن تكون هذه المراجعة الأكثر صرامة من قبل المؤسسة المالية الدولية التي تضغط على الحكومة من أجل استكمال ما تبقى من الإصلاحات.

ومنذ إبريل/نيسان 2018، نصح صندوق النقد الدولي حكومة تونس بخفض قيمة الدينار، بهدف إكساب الصادرات مزيداً من القدرة التنافسية.

وأثمر انتعاش الدينار التونسي، قرارات حكومية بخفض أسعار مواد موردة وشبه المصنعة محليا شملت أصنافا من السيارات والحديد بنسب تصل إلى حدود 6 في المائة بعد أن دفع التونسيون ثمناً باهظاً لانزلاق سعر الدينار الذي أثّر على معيشتهم، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات العامين الماضيين.

ورأى عضو مجلس التحاليل الاقتصادية معز العبيدي أن الدينار التونسي استفاد من حالة الصرامة النقدية والقوانين المالية التي ساهمت في كبح ممارسات المضاربة التي يعتمدها عدد من المتعاملين في الاقتصاد، وذلك عبر دفع المستوردين إلى استخدام مخزوناتهم الخاصة من العملة الصعبة بدلاً من اللجوء إلى الاقتراض من البنوك التونسية لتمويل الواردات، بالإضافة إلى مؤشرات أخرى أدت إلى تخفيف الضغط على الاحتياطي من العملة الصعبة، والحدّ من التراجع الذي شهده الدينار منذ سنة 2018 وحتى مارس/آذار الماضي.
المساهمون