ثمة ورقة رابحة، أو هكذا يحسب نظام بشار الأسد، يرميها على طاولة الإغواء والإغراء، كلما اقتضت الضرورة وتهاوى وضع السوريين المعيشي، أو شعر أن الخناق حول رقبته يضيق.
إنها إعادة الإعمار، أو كعكة خراب سورية التي شارك بصنعها العالم الديمقراطي والمتحضر عبر أذرع إيرانية وروسية، حتى بلغ الخراب ما يفوق خسائر الحرب العالمية الثانية، وأضحى الإعمار، وإن على مبدأ الترقيع، ضرورة اقتصادية وسياسية، قبل أن تذهب الأمور إلى أبعد ما خطط الأقوياء لسورية والسوريين، وتتحول البلاد ثانية لبؤرة تصدير الإرهاب، أو إلى دولة فاشلة تهدد الجوار، وبمقدمتها، نجمة الولايات المتحدة الواحدة والخمسون "إسرائيل".
من تلك الغاية ربما، انطلق في العاصمة السورية دمشق أمس، معرض "إعادة إعمار سورية" في نسخته الخامسة، دونما تبرير للإعادة والتكرار، بواقع انتفاء أية فائدة أو خطة، منذ أول مرة لعب خلالها الأسد على إعادة الإعمار، عام 2015.
بيد أن ثمة جديداً ومؤشرات في هذا الموسم، لعل أبرزها دخول إيران من باب المعرض الواسع عبر 84 شركة، من أصل 398 شركة عالمية تمثل 31 دولية، بينها ولأول مرة، شركات أوروبية من هنغاريا وسلوفاكيا وفرنسا وإيطاليا.
كما أن الشرط الأوروبي واضح ومتجدد، وهو عدم المساهمة بالإعمار طالما بشار الأسد على كرسي أبيه، لتكتمل الثلاثية بإحجام المال الخليجي عن التمويل أو المساهمة برمي طوق نجاة لنظام الأسد، الذي عادت الآمال بسقوطه من بوابة الاقتصاد، بعد تنامي الخلافات المالية، حتى ضمن الأسرة الحاكمة في دمشق.
ولكن، أليس من المنطق السؤال لماذا يكرر نظام الأسد ويعيد معارض إعادة الإعمار إن لم يكن من أهمية أو فائدة، بواقع الخلافات، بما فيها وربما في مقدمتها اقتسام النفوذ على الأرض، بين من يسيطر عملياً على الأرض السورية "إيران، روسيا، تركيا والولايات المتحدة".
أغلب الظن أن "حكاية إعادة الإعمار" ستدخل وقريباً ضمن أوراق المفاوضات بين الدول الكبرى والمحتلة لسورية، بعد ما قيل خلال القمة الثلاثية قبل أيام بإسطنبول، بين إيران وتركيا وروسيا، عن اللجنة الدستورية وبدء دفع ما يسمى الحل السياسي.
ولتبقى واشنطن المشرف على "الوليمة" بعد أن سيطرت، بشكل مباشر أو عبر "أذرع كردية" على مدن الجزيرة السورية التي توصف بخزان سورية النفطي والغذائي والمائي.