العقوبات الأميركية تطاول مصرفاً لبنانياً... و387 موظفاً يترقبون مصيرهم

31 اغسطس 2019
أمام أحد فروع المصرف في بيروت (حسين بيضون)
+ الخط -
تلقى القطاع المصرفي اللبناني ضربة موجعة مع إعلان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (أوفاك) التابع لوزارة الخزانة الأميركية، إدراج "جمال ترست بنك" اللبناني على لائحة العقوبات. وتزامن هذا الإجراء مع توتر كبير يعيشه هذا البلد منذ أيام، بفعل التهديدات المتبادلة ما بين كل من حزب الله والاحتلال الإسرائيلي، التي قد توصل إلى حرب تزيد إلى طين الفوضى والأزمات النقدية والمالية في لبنان، بلّة.

وفي التفاصيل، طاولت عقوبات "أوفاك" التي أعلنت ليل الخميس - الجمعة، المصرف اللبناني والشركات التابعة له، "ترست للتأمين" و"ترست للتأمين على الحياة" و"ترست لخدمات التأمين"، بزعم تسهيله الأنشطة المالية لـ"حزب الله".

واتهمت الخزانة الأميركية البنك بما سمّته "تحويل الأموال إلى أُسر المفجّرين الانتحاريين، وتقديمه خدمات مالية إلى المجلس التنفيذي لـ"حزب الله"، ومؤسسة "الشهيد" ومقرّها إيران". كما يواجه المصرف تهماً بالسماح لـ"حزب الله" باستخدام حسابات لدفع الأموال إلى ممثليه وعائلاتهم، و"إخفاء علاقاته المصرفية الناشطة مع العديد من المنظمات التابعة لمؤسسة الشهيد".

فيما نفى "جمّال ترست بنك" في بيان، "كل الادعاءات التي يبدو أن "أوفاك" قد بنت قرارها عليها"، مؤكداً أنه سيتقدم بطلب استئناف القرار أمام "أوفاك" نفسها وكافة المرجعيات ذات الصلة، لافتاً إلى أنه سيعمل بالتنسيق مع مصرف لبنان ولجنة التحقيق الخاصة والهيئات الأخرى ذات الصلة في هذا الصدد، لحماية مصلحة عملائه والمودعين.

وأُسس هذا المصرف عام 1963، ولديه 25 فرعاً في جميع الأراضي اللبنانية. ويواجه 387 موظفاً يعملون في المصرف مصيراً مجهولاً. وقال رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان جورج الحاج لـ "العربي الجديد" إن "جمال ترست بنك لا يمرّ بأزمة مالية ولديه سيولة، وبالتالي نحن كنقابة نرفض أي عملية صرف للموظفين، ونأمل أن يتابع المصرف عمله".

وأضاف: "مررنا بتجربة سابقة مع المصرف اللبناني الكندي، حين تم فرض عقوبات عليه، وتم دمجه مع بنك آخر وهو "سوسيتيه جنرال"، وحينها حصل الموظفون على تعويضات لائقة". وشرح أن أي اتفاق رضائي ما بين إدارة المصرف والموظفين يجب أن يكون من خلال إعطاء الأخيرين مبلغاً مقطوعاً من المال، وفوقه تعويضات راتب شهر أو شهرين عن كل سنة خدمة، والاتحاد سيعمل وفق هذه الآلية.

ويُعدّ "جمّال ترست بنك" المصرف اللبناني الثاني بعد "البنك اللبناني الكندي"، الذي تُدرجه الولايات المتحدة ضمن اللائحة السوداء. ونقل موقع "أراب إيكونوميك نيوز" عن حاكم البنك المركزي رياض سلامه، قوله إن "كل الودائع الشرعية لدى جمال ترست بنك مؤمّنة في وقت استحقاقاتها حفاظاً على مصالح المتعاملين مع المصرف"، مضيفاً أن "السيولة مؤمّنة لتلبية متطلبات المودعين الشرعيين للمصرف".

وفي حين سرت معلومات أن الودائع سيتم تحويلها من جمال ترست بنك إلى مصرف "فرنسبنك"، نفى مديره العام نديم القصار هذه المعلومة. وشرح لـ "العربي الجديد" أنه لم تتم مناقشة هذا الموضوع. وقال إن مصرف لبنان يتولى المباحثات مع الجهات الأميركية حول الإجراءات اللاحقة.

ويبلغ مجموع الأصول لجمال ترست بنك ملياراً و67 مليون دولار، وقدم قروضاً بقيمة 495 مليون دولار، في حين أن حجم الودائع يصل إلى نحو 888 مليون دولار. وقالت مصادر مطلعة في القطاع المصرفي لـ "العربي الجديد"، إن أحداً لا يمكنه استباق مباحثات مصرف لبنان المركزي مع الجهات الأميركية لمعرفة الاتجاه الذي ستذهب إليه الأمور، "إلا أن الخيارات واضحة، إما التصفية وإما الاندماج، ومن يقرر في ذلك هو مصرف لبنان الذي أصدر بياناً طمأن فيه المودعين بأن أموالهم آمنة والسيولة متوافرة".

ورداً على سؤال "العربي الجديد"، بشأن إمكانية اعتبار ما قاله مصرف لبنان عن توافر السيولة دعوة للمودعين لسحب أموالهم، وقدرة القطاع المصرفي على تحمل ذلك؟ رد المصدر أن "الموضوع هو طمأنة، وحتى لو تم سحب الودائع فهي ستدخل إلى مصرف آخر يعمل في السوق المحلية، ومن ثم ستبقى ضمن المنظومة".

ماذا لو تم إخراجها من لبنان؟ أجاب المصدر أن "المودعين لم يسحبوا أموالهم من جمال ترست بنك إلى حين إعلان خبر العقوبات، وإذاً لو كان لديهم نوايا لإيداع أموالهم خارج لبنان لكانوا فعلوا ذلك سابقاً، كما أن حجم الودائع في هذا المصرف لا تتعدى نسبته 0.5 في المائة من إجمالي الودائع المصرفية، وتأثيرها ليس كبيراً".
المساهمون