بشكل غير مسبوق، نشط تهريب البضائع الإيرانية عبر محافظة ديالى العراقية المحاذية لإيران، والتي افتتحت فيها أسواق لعرض البضائع الداخلة عبر التهريب، ما تسبب في شلل الإنتاج المحلي في المحافظة، وخسائر في البضائع المماثلة لها والتي يتم استيرادها بشكل رسمي وتدفع عنها رسوم وجمارك للدولة العراقية.
ولم تقتصر البضائع المهربة على أسواق ديالى شرق العاصمة بغداد، وإنما تتسلل إلى المحافظات الأخرى، بسبب رخص أسعارها، لا سيما المواد الغذائية والأقمشة. ومع فرض العقوبات الأميركية على إيران العام الماضي، بدأت طهران في تنشيط حركة التهريب إلى العراق للحصول على العملة الصعبة.
وقال مسؤول في حكومة محافظة ديالى لـ"العربي الجديد" إن "حجم التهريب الإيراني إلى المحافظة لم نعهد مثله من قبل، هناك مافيات عراقية وأخرى إيرانية فتحت الحدود بشكل واسع أمام حركة التهريب".
وأضاف: "هناك أسواق رئيسة بأطراف محافظة ديالى، للدجاج الإيراني والبيض والمنتجات الزراعية وغيرها، تمتد قريباً من محافظة السليمانية التابعة لكردستان العراق"، مبيناً "هذه الأسواق تعرض فيها البضائع الإيرانية وبأسعار زهيدة".
وأكد أن "رخص الأسعار أثر بشكل غير مسبوق على الإنتاج المحلي في المحافظة، وأن أصحاب مزارع الدواجن تكبدوا خسائر كبيرة جدا، إذ توقفوا عن العمل مثل منتجي اللحوم والسلع الغذائية الأخرى، إذ إن مهنهم أصبحت غير مجدية، قياساً بأسعار المواد الداخلة إلى العراق عبر التهريب".
وقال المسؤول العراقي: "في حال استمرار عمليات التهريب بهذا الحجم فإن الإنتاج المحلي سينتهي بشكل كامل في ديالى، وهذا أمر سلبي على المحافظة"، داعياً السلطات المختصة إلى متابعة هذا الملف ومنع عمليات التهريب.
وتجرى عمليات التهريب في المحافظة، على مرأى ومسمع من الأجهزة الأمنية المختصة. وقال الرائد في قيادة قوات الحدود العراقية في المحافظة، محمد الجوراني لـ"العربي الجديد": "لا يوجد أي توجيه بمتابعة عمليات التهريب إلى العراق، الأجهزة الأمنية لا تستطيع التحرك إلا من خلال الأوامر العليا التي تصدر لها، وحتى الآن لا توجد أي أوامر".
وأضاف الجوراني "أخذنا دورنا بإبلاغ الجهات العليا بتلك العمليات، ولا نعلم لماذا لم تصدر الأوامر رغم توثيقنا لعمليات التهريب"، مبيناً "هناك مافيات على مستوى كبير تقود تلك العمليات وتحقق أرباحاً طائلة من خلالها".
وتحقق إيران موارد من العملة الصعبة من خلال تلك العمليات، فضلاً عن إيجاد سوق رائجة لبضائعها. وقال الخبير الاقتصادي، قيس العنبكي، لـ"العربي الجديد": "وجدت إيران منفذاً آمناً في العراق، فهي تحقق كل يوم أرباحاً كبيرة من التهريب، فمع حصولها على العملة الصعبة، وهي في حصار خانق، فإن سوق التهريب الإيراني أصبح يستقطب التجار حتى من محافظات أخرى غير ديالى". وأشار العنبكي إلى "خطورة ذلك على الإنتاج المحلي في ديالى، والذي سيعرض اقتصادها إلى الانهيار".
ويكمن تأثير التهريب السلبي على الإنتاج المحلي في ديالى، من خلال عدم وجود توازن اقتصادي فيه. وقال صالح العبيدي، وهو صاحب عدد من مزارع الدواجن في المحافظة لـ"العربي الجديد" إن "التهريب كسر بضاعتنا بسبب توفير الدواجن المهربة بسعر دون ثلث أسعارنا، في وقت ما زالت فيه أسعار الأعلاف والأدوية التي تحتاج إليها المزارع مرتفعة جدا، الأمر الذي أجبرنا على إيقاف عملنا".