العلاقة الأميركية التركية... 100 مليار دولار تبادل تجاري متوقع

15 نوفمبر 2019
خلال مؤتمر مشترك عقده ترامب وأردوغان (الأناضول)
+ الخط -
لم ير نائب رئيس منتدى الأعمال الدولي في تركيا، غزوان المصري، أن رفع حجم التبادل التجاري، بين الولايات المتحدة وبلاده إلى 100 مليار دولار، رقم كبير، "بل فيما لو وصل التبادل إلى ذلك الرقم، فهو متواضع" لأن كلا البلدين يمتازان باقتصاد حجمه كبير.

وقال لـ "العربي الجديد" إنه بعد أن تم رفع القيود والعقوبات المتبادلة بين البلدين، بات رفع حجم التبادل إلى أكثر من مائة مليار دولار، ممكناً وواقعياً نظراً لما تستورده تركيا من تكنولوجيا وأسلحة وما تصدره من معادن وقطع غيار سيارات. وتوجد إمكانية لزيادة التبادل عبر صناعات مثل النسيج والأثاث والرخام والسيارات والطيران المدني والإسمنت والآلات والكيميائيات.

ودعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال استقباله نظيره التركي رجب طيب أردوغان في البيت الأبيض، الأربعاء، إلى زيادة قيمة التبادل التجاري مع أنقرة من 20 إلى 100 مليار دولار. وسبق أن أورد وزير التجارة الأميركي ويلبر روس الرقم ذاته الشهر الماضي خلال اجتماع اللجنة التنفيذية لمجلس الأعمال التركي الأميركي في مدينة إسطنبول.

كما أشار بيان صادر عن مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية في تركيا، إلى أن أنقرة تتمتع بمكانة ذات أفضلية أكثر من الصين، للشركات الأميركية، وأن التعاون على المستوى الحكومي بين الدول، لا يعد كافيا لتعزيز العلاقات التجارية، بل يتطلب تعاونا بين القطاعات الخاصة أيضا.

وهو ما لمّح إليه رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية، نائل أولباك، قائلاً إن حجم التبادل التجاري بين البلدين، شهد صعودا عوضا عن التراجع، رغم التوترات في العلاقات التركية الأميركية في الآونة الأخيرة.

وأشار إلى أن الرئيسين أردوغان وترامب، وضعا أخيرا هدفا للقفز بحجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار، بعدما كانا حددا هدفا لرفعه إلى 75 مليار دولار.
واستهل الرئيس التركي، زيارته للولايات المتحدة، بمشاركة وزراء الخارجية، مولود جاووش أوغلو، والخزانة والمالية، برأت ألبيرق، والدفاع، خلوصي آكار، والتجارة، روهصار بكجان، في دائرة مستديرة حول الاقتصاد نظمته الغرفة التجارية بالولايات المتحدة، ولجنة العلاقات الاقتصادية الخارجية، ومجلس الأعمال التركي- الأميركي، ما يدلل برأي مراقبين، على أن الاقتصاد أولوية في نظر تركيا.

بيد أن مراقبين، اعتبروا أن تحقيق تبادل تجاري بحجم 100 مليار دولار، يبدأ أولاً من حل المشاكل العالقة على الصعيدين، الأمني والسياسي، وإلا يبقى طرح هذا الرقم أقرب للأماني منه للواقع.

وقال أستاذ العلاقات الدولية سمير صالحة: "طرح وصول حجم التبادل إلى 100 مليار، هو طرح أميركي بالأصل، ولكن الوصول إليه لا بد أن يمر من بوابة الأمن والسياسة أولاً، لأن الاقتصاد وعلى أهميته، ليس من الأولويات التركية على ما أعتقد".

وأضاف لـ "العربي الجديد" أن هناك ملفات سياسية حرجة وعالقة، تتعلق بسورية والتنظيمات الكردية أو منظمة غولن، "ومن دون حلها لا أتوقع للاقتصاد أن يسير وفق تصريحات وأحلام المسؤولين، وتركيا لن ترضى أن تساوم على السياسة والأمن القومي مقابل الإغراء الاقتصادي".

كما اعتبر صالحة أن للولايات المتحدة شروطا، قبل القفز خمسة أضعاف بحجم التبادل التجاري، منها رفض صفقة "اس 400" الروسية، وهي ما تعتبرها تركيا حقها ومسألة منتهية، مشيراً إلى أن الوعود الأميركية ليست ذات مصداقية عالية "ولنا في شركاء واشنطن وتقلب المزاج الأميركي والانقلاب على الاتفاقات، أسوة حسنة.

ولفت إلى أن الاعتقاد السائد أن تبقى تركيا حذرة بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، وهي طرحت خلال زيارة الرئيس أردوغان مطالب بالمقابل، كتسليم فتح الله غولن وأعضاء تنظيمه لأنقرة لمحاكمتهم بالضلوع بالانقلاب الفاشل عام 2016 وتوضيح علاقات واشنطن مع التنظيمات الكردية واستقبالها من تصفهم تركيا بالإرهابيين ودعمهم.

ورأى محللون أن تركيا والولايات المتحدة الأميركية، لا تعتبران شريكين تجاريين مهمين بالنسبة لبعضهما وبالمقارنة بحجم تجارة كل منهما الخارجية، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا والولايات المتحدة 20.6 مليار دولار عام 2017 ونحو 25 مليار دولار عام 2018، ليمثل 0.5% فقط من حجم التجارة الخارجية الأميركية، التي بلغت 3889.7 مليار دولار، كما يمثل 5.3% من إجمالي حجم التجارة الخارجية لتركيا، التي بلغت 390.8 مليار دولار، بحسب معهد الإحصاء التركي.

وخرجت تركيا من قائمة الدول الثلاثين الأكثر حجما في التبادل التجاري مع أميركا لعام 2017، إذ بلغت الصادرات الأميركية لتركيا 11.95 مليار دولار، بنسبة 0.37% من إجمالي الصادرات الأميركية، التي تقدر بـ 1546.8 مليار دولار عام 2017. كما بلغت الواردات الأميركية من تركيا 8.65 مليارات دولار بنسبة 0.8% من إجمالي الواردات الأميركية لعام 2017 والتي تقدر بـ 2342.9 مليار دولار.

وبالنسبة لتركيا جاءت أميركا في المركز الرابع من حيث حجم الواردات، بقيمة 11.95 مليار دولار عام 2017، تمثل 5.1% من إجمالي الواردات التركية التي بلغت 233.8 مليار دولار، وبنسبة زيادة بلغت 10% عن عام 2016. بينما بلغت قيمة الصادرات التركية إلى أميركا 8.65 مليارات دولار عام 2017، لتأتي في المركز الخامس من حيث حجم الصادرات، بنسبة 5.5% من إجمالي الصادرات التركية التي بلغت 157 مليار دولار، وبنسبة زيادة بلغت 30.7% عن عام 2016.

إلا أن مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بإسطنبول، محمد كامل دميريل، قال إن العلاقات الأميركية التركية اليوم بأحسن حالاتها، لذا الوصول إلى حجم تبادل تجاري 100 مليار دولار، هو أمر ممكن، نظراً لما يمكن أن تصدره تركيا من الحديد الصلب والألمنيوم والنحاس ومواد البناء، لأن هذه السلع والمنتجات، بحدودها الدنيا من حيث التصدير اليوم. كما يمكن أن تستورد الصناعات العسكرية والدفاعية والتكنولوجيا، ما يجعل حجم التبادل أكثر مما طرحه الرئيسان، أردوغان وترامب.

وحول أن الميزان التجاري سيرجح لصالح واشنطن، فيما لو تفعّلت الصفقات العسكرية، مثل طائرات "اف 35" وصواريخ "باتريوت"، شرح دميريل لـ "العربي الجديد" أنه "صحيح أن تركيا تستورد، لكنها تصدر أيضاً الكثير من مكونات الصناعات العسكرية، فهي تصدر الصواريخ التي تركب على اف 35 وتصنع أجزاء مهمة من" اف 35".

ويعول مركز الدراسات الاستراتيجية بإسطنبول، على الصناعات وخطوط الإنتاج الغذائية وصناعة الأثاث المنزلي والنسيج والألبسة، فضلاً عن الحديد (تركيا ثاني أكبر مصدر بالعالم)، والألمنيوم ومواد البناء، لترفع بلاده من صادراتها للولايات المتحدة الأميركية.

وأشار اقتصاديون أتراك، إلى أن تفادي الاصطدام مع الولايات المتحدة وتحسين العلاقات، يأتيان في صالح تركيا التي تتطلع لدخول نادي العشرة الكبار خلال حلمها بمئوية تأسيس الجمهورية 2023، وكل عقوبات أو إعاقة، ستؤثر على الاقتصاد ونسبة النمو وسعر العملة.
وأضافوا أن الاقتصاد التركي ورغم بلوغه المرتبة الأولى بمنطقة الشرق الأوسط بناتج إجمالي يقترب من 900 مليار دولار، إلا أنه سيتأثر بالعقوبات، كما عانى خلال العامين الأخيرين، من تراجع سعر صرف الليرة والاستثمارات المباشرة، بعد فرض عقوبات أميركية على خلفية اعتقال القس أندرو برانسون وتراجع تركيا في مؤشرات وكالات التصنيف الائتماني.

وحذر اقتصاديون من دخول الاقتصاد التركي في دائرة الركود، بعد تراجع نسبة النمو خلال العام الماضي، رغم أن المؤشرات تدل حتى الآن، على تطور الصادرات وزيادة الاحتياطيات والذهب بالمصرف المركزي التركي.

إلا أن تراجع سعر صرف العملة التركية التي خسرت نحو 30% من قيمتها خلال العام الجاري، سيعطي برأي اقتصاديين، مؤشراً سلبياً على تأثر الاقتصاد التركي وانكشافه خارجياً، بعد فرض عقوبات اقتصادية.
المساهمون