نموّ الدول العربية وأخطارها في توقعات البنك الدولي 2020-2021

10 أكتوبر 2019
نمو الاقتصاد القطري تدعمه مشروعات كأس العالم 2022 (Getty)
+ الخط -
يرصد البنك الدولي في تقرير أصدره اليوم الخميس، توقعات النمو لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والأخطار الاقتصادية المحدقة بها لعامي 2020 و2021، متوقعاً على المدى المتوسط​ أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي فيها 2.6% العام المقبل و2.9% في العام التالي.

ويعزو خبراء البنك الارتفاع المتوقع في النموّ بدرجة كبيرة إلى زيادة الاستثمار في البنية التحتية في دول مجلس التعاون الخليجي، وتعافي الاقتصاد الإيراني مع تلاشي آثار العقوبات الأميركية.

وتوقعات البنك الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي مستقرة، حيث من المرتقب أن يحوّم سعر برميل النفط عند حدود 60 دولاراً، فيما من المنتظر أن يزداد الاستثمار في البنية التحتية، وأن يدعم ارتفاع إنتاج النفط زيادة النمو في البلدان الستة، بما فيها دولة قطر.
في المتوسط​​، يتوقع البنك أن يصل النمو في دول مجلس التعاون إلى 2.2% عام 2020 و2.7% عام 2021. ومع ذلك، يعتقد خبراء البنك أن تحديات أساسية لا تزال قائمة، حيث تظل البلدان معتمدة على صادرات النفط، رغم أن المناقشات التي تهدف إلى تنويع اقتصاداتها قد بدأت تكتسب قوة.

قطر والإمارات: ثمار كأس العالم و"إكسبو"

تقرير البنك الدولي خصّ دولة قطر بتأكيد استفادة اقتصادها من مشاريع البنية التحتية المرتبطة باستضافتها بطولة كأس العالم 2022، رغم الحصار الجائر المستمر عليها منذ يونيو/حزيران 2017 من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، ولاحظ أن الإمارات تستفيد بدورها من تنظيم إكسبو 2020 والمشاريع ذات الصلة به. 

في هذا الجانب، يتوقع البنك نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي القطري بنسبة 2% عام 2019، على أن يرتفع إلى 3% عام 2020، ثم إلى 3.2% عام 2021. وبنسب أقل يتوقع البنك نمو اقتصاد الإمارات 1.8% و2.6% و3% على التوالي، وكذلك بالنسبة إلى اقتصاد السعودية بنسبة 0.5% و1.6% و2.2%.
أما الكويت، فتشير التوقعات إلى نمو اقتصادها 1.5% عام 2019، و2.5% عام 2020، و2.8% عام 2021، مقابل 1.8% و2.1% و2.3% على التوالي للبحرين، و0.3% و3.5% و4% لسلطة عُمان.

إيران: تعافٍ تلفّه المخاطر

كذلك، من المتوقع - بحسب تقرير البنك - أن يتعافى الاقتصاد الإيراني بنحو طفيف خلال عامَي 2020 و2021، إن لم تفرض الولايات المتحدة مزيداً من العقوبات على طهران.

وعليه، يُتوقع أن يكون نموّ الناتج المحلي الإجمالي لإيران 0.1% عام 2020، و1.0% عام 2021. لكن مع ذلك، لا يمكن استبعاد المخاطر السلبية لتصاعد التوترات مع الولايات المتحدة، وذلك بعد تقديره انكماش اقتصاد إيران -8.7% عام 2019 و-4.9% عام 2018.


العراق: الإنفاق بحكمة

بالنسبة إلى العراق، يتوقع البنك الدولي في تقريره أن يستمر النمو الاقتصادي في العراق عام 2020، حيث يبلغ ذروته عند 5.1% قبل أن يتراجع إلى 2.7% عام 2021.

ويرى خبراء البنك الدولي أن الحكومة العراقية ينبغي لها أن تنفق بحكمة، في وقت تتوقع الموازنة العامة زيادة بنسبة 27% في الإنفاق على أساس سنوي بسبب الزيادات الكبيرة في فاتورة أجور القطاع العام والتحويلات والسلع والخدمات والمخصصات لحكومة إقليم كردستان.

ويلاحظ البنك أن عجز الموازنة الآخذ في الاتساع ينطوي على موارد محدودة أكثر، تكرّس لجهود إعادة الإعمار ولتخفيف أي انخفاض محتمل في أسعار النفط.
مصر: قلق الديون

وفي ما يتعلق بمصر، من المتوقع أن يستمر نمو الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 6% عام 2021، مدفوعاً بتحسّن الطلب المحلي ونمو الصادرات.

ومن المتوقع أيضاً أن تستمر الاستثمارات الخاصة والعامة في النمو، مستفيدة من تنفيذ المشروعات الاستثمارية المخطط لها في البنية التحتية ومن الأشغال العامة.

لكن البنك الدولي يعتقد أن ارتفاع الدين العام في مصر لا يزال يشكل مصدر قلق، على الرغم من أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من المتوقع أن تنخفض إلى 85% بنهاية السنة المالية 2020-2021، نزولاً من 97.3% في نهاية السنة المالية 2018-2019.

لبنان: انكماش النمو -0.2%

في الشأن اللبناني، حذّر تقرير البنك الدولي من أن الاتساع المستمر لعجوزات الحساب الجاري الكبيرة تلازماً مع مراكمة الدَّين العام الهائل، يضعفان الاقتصاد الوطني، منبهاً إلى انكماش الاقتصاد بنسبة (-0.2%) عام 2019.
الشرق الأوسط: مخاطر سلبية كبيرة

على مستوى المنطقة ككل، يعتقد البنك الدولي أن النظرة الاقتصادية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتعرض لمخاطر سلبية كبيرة، وعلى الأخص مع تكثّف الرياح المعاكسة من الاقتصاد العالمية وتصاعد التوترات الجيوسياسية.

في السياق، يلاحظ تقرير البنك أن الأنشطة الاقتصادية العالمية استمرت في التراجع في النصف الأول من عام 2019، حيث أظهرت التجارة والتصنيع علامات واضحة على الضعف.

وفي يونيو/ حزيران الماضي، عدّل خبراء البنك الدولي النمو العالمي إلى 2.6% في عام 2019، أي أقل بمقدار 0.3 نقطة مئوية عن توقعات يناير/ كانون الثاني 2019.

فقد تصاعد التوتر التجاري العالمي، كما اندلعت التوترات التكنولوجية، ولا سيما في إطار سباق تكنولوجيا الجيل الخامس 5G بين الولايات المتحدة والصين، الأمر الذي يُهدّد سلسلة التوريد التكنولوجية العالمية ويفاقم تقويض ثقة السوق.

ورداً على هذه التطورات، أظهرت السياسة النقدية العالمية علامات التحوّل من التشدّد إلى التيسير.
وبنتيجة التوقعات الكئيبة للاقتصاد العالمي، قرّر مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المصرف المركزي) الأميركي خفض سعر الفائدة على المدى القصير، ولمّح إلى مزيد من التعديلات المحتملة، بما يُنهي فعلياً فترة من التشدّد النقدي.

في السياق، خفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة، ومن المقرر أن يستأنف برنامج التيسير الكمّي، فيما يشير تراجع عائدات سندات الخزانة الأميركية إلى ارتفاع الطلب على الأصول الآمنة والمخاوف التي تلفّ التوقعات العالمية.
المساهمون