استرضاء صندوق النقد...الحكومة تحرر أسعار البنزين مبكراً مقابل التمويل

08 يناير 2019
زيادات متكررة في أسعار الوقود منذ 2014 (Getty)
+ الخط -

في استجابة سريعة لضغوط صندوق النقد الدولي، قررت الحكومة المصرية البدء مبكراً في تحرير أسعار الوقود، بعدما قررت تشكيل لجنة فنية، تقوم بتحديد أسعار البنزين "95 أوكتين" كل ثلاثة أشهر وفقاً للأسعار العالمية، وذلك رغم النفي الحكومي المتكرر في الأيام الأخيرة، زيادة أسعار الوقود مطلع العام الجاري.

وأصدر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، قراراً بتشكيل لجنة فنية لمتابعة آلية التسعير التلقائي للموادّ البترولية، تضم ممثلين عن وزارتي البترول والمالية والهيئة العامة للبترول.

وأشار القرار الصادر في 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بينما تم نشره في الجريدة الرسمية، أمس الإثنين، إلى أن اللجنة تختص بمتابعة المعادلة السعرية بصورة ربع سنوية (كل ثلاثة أشهر)، بحيث يتم ربط سعر بنزين 95 أوكتين في السوق المحلي بالأسعار العالمية لبترول برنت وبسعر الصرف والتكاليف الأخرى.

ووفق القرار، فإن آلية التسعير التلقائي على بنزين 95 أوكتين، ستطبق ابتداءً من نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2018، مع الإبقاء على سعر البيع للمستهلك السائد حالياً، على ألا تتجاوز نسبة التغير في سعر البيع للمستهلك ارتفاعاً أو انخفاضاً 10% من سعر البيع السائد حالياً. ويعني هذا القرار أن الزيادة الأولى على سعر بنزين 95، ستكون بانتهاء الربع الأول من العام الحالي.

وكان صندوق النقد الدولي طالب، مؤخراً، مصر بتنفيذ تعهدات قطعتها على نفسها بتحرير سعر الوقود حسب الاتفاقات السابقة، لمنح البلاد الشريحة الخامسة من القرض المتفق عليه مسبقاً.

ورفعت مصر في يونيو/ حزيران الماضي أسعار الوقود بنسب تراوحت بين 17.5% و66.6% في إطار برنامج اقتصادي جرى الاتفاق بشأنه مع صندوق النقد الدولي نهاية 2016، مقابل الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار.

ويشمل البرنامج الذي يمتد لثلاث سنوات، تحرير سعر الصرف وخفض دعم الطاقة والمياه والكهرباء سنوياً، وزيادة الضرائب وتقليص عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة بنحو كبير.

ويأتي قرار الحكومة الجديدة بتسعير بنزين 95 أوكتين وفق الأسعار العالمية، ليناقض نفي مجلس الوزراء في 10 ديسمبر/كانون الأول الماضي، نية الحكومة إصدار قرار بشأن زيادة أسعار البنزين مطلع 2019، مشدداً على عدم صحة الأنباء عن تحرير سعر بنزين 95 أوكتين أو غيره من الموادّ البترولية.

وكانت مصادر حكومية مصرية قد كشفت لـ"العربي الجديد" قبل أسابيع، أن وزارة البترول والثروة المعدنية ستبدأ في يناير/ كانون الثاني الجاري التحرير الجزئي لأسعار الوقود، عبْر تطبيق التسعير الآلي لبنزين 95 أوكتين كمرحلة أولى، لافتة إلى أن تلك الآلية تعني تحديد سعر لتر الوقود مع بداية كل شهر، وفقاً للأسعار العالمية للنفط، وهذا ما حصل أمس بالفعل بصدور القرار الحكومي.

وقد بدأ وزير البترول طارق الملا، التمهيد للزيادات الجديدة في أسعار الوقود، عبر المقارنة بين الأسعار في مصر وأوروبا وعدد من الدول العربية الأخرى، قائلاً إن سعر لتر البنزين والسولار في الدول الأوروبية يعادل 30 جنيهاً مصرياً (1.68 دولار).

وأضاف الملا، خلال تصريحات إعلامية الشهر الماضي على فضائية "صدى البلد"، أنه لا يوجد دعم للمحروقات نهائياً في الدول الأوروبية، وهي تعمل على الاستخدام الأمثل للوقود.

وأشار وزير البترول في لقاء تلفزيوني له مع فضائية "MBC مصر"، مساء أمس الإثنين، إلى أن الحكومة المصرية قدمت دعما على أسعار الوقود قيمته 45 مليار جنيه (2.52 مليار دولار)، خلال النصف الأول من العام المالي الجاري الذي ينقضي بنهاية يونيو/حزيران 2019.

وكشفت وكالة "بلومبيرغ" يوم 23 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تكتيكاً حكومياً مصرياً جديداً يقضي برفع دعم أسعار البنزين تدريجاً بحسب فئاته، بحيث يبدأ العمل بآلية تسعير جديدة تربط السعر المحلي بالأسعار العالمية ابتداءً من مارس/ آذار المقبل لفئة 95 أوكتين، على أن تليها بقية فئاته في سبتمبر/ أيلول. ويبلغ سعر بنزين 95 أوكتين حالياً نحو 7.75 جنيهات للتر (0.43 دولار).

وقال مصدر في لجنة الطاقة بالبرلمان لـ"العربي الجديد" في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إن الاتفاق المبرم بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، يقضي بتحرير سعر الوقود مع بداية العام المالي 2019/ 2020 (يبدأ في الأول من يوليو/ تموز المقبل).

ونقلت وكالة بلومبيرغ عن مسؤول حكومي رفيع، تأكيده أن مصر تتوقع أن تتسلم الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد الدولي البالغة قيمتها ملياري دولار خلال يناير/ كانون الثاني الجاري، وذلك بعد شهر من الموعد المقرر، إثر تأخير في المحادثات بشأن بعض بنود ما يعتبره الطرفان "برنامجاً إصلاحياً" مُتفقاً عليه.

ويتوقع محللون أن تؤدي تحرير أسعار الوقود بشكل عام بعد بنزين 95 أوكتين، إلى تصاعد كلف النقل وأسعار أغلب السلع في الأسواق ما ينذر باستمرار موجات الغلاء، التي تثقل كاهل المصريين منذ أكثر من أربع سنوات وتزايدت حدّتها في العامين الأخيرين.

وتعزز التوقعات بهبوط جديد للجنيه المصري أمام الدولار الأميركي، من التحليلات بحدوث مزيد من تضخم الأسعار في الأشهر المقبلة، وانفلات أكبر في الدين العام، ولا سيما الخارجي، الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة، ما يهدد بكارثة اقتصادية للدولة، التي تظهر المؤشرات الرسمية اعتمادها بشكل كبير منذ نحو 4 سنوات، على الاستدانة لتسيير أعمالها.

ورجحت 5 مؤسسات للتصنيف الائتماني وبنوك استثمار محلية ودولية خلال الأسابيع الماضية، أن يخسر الجنيه نحو خُمس قيمته الحالية أمام العملة الأميركية في غضون ثلاث سنوات، بينما كان قد هوى بالأساس بأكثر من 100% منذ تحرير سعر الصرف نهاية 2016.

المساهمون