برلمان السيسي يُجهز على العدالة الاجتماعية بمصر

25 يناير 2019
تزايد معاناة الفقراء مع تراجع الحماية الاجتماعية (Getty)
+ الخط -
رفع الثوار في ميدان التحرير في مصر  شعار العدالة الاجتماعية كأحد المطالب الرئيسية لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، مطالبين بحقهم الدستوري في الصحة والتعليم والخدمات الأساسية...

إلا أنه بعد مرور 8 سنوات على اندلاع الثورة، بات جلياً ضلوع النظام الحاكم في أعقاب انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، في توسيع الهوة بين شريحة المنتفعين من رجال الأعمال والعسكريين، والقاعدة العريضة من الفقراء والمهمشين.
لم يكن مجلس النواب، الذي شُكل في مطلع عام 2016، بعيداً عن توجهات النظام المنحازة إلى الأغنياء، إذ تورط في مخالفة المادة (38) من الدستور، التي نصت على فرض الضرائب التصاعدية متعددة الشرائح على دخول الأفراد، كما وافق في مايو/ أيار 2017 على تمديد تجميد ضريبة الأرباح الرأسمالية لثلاث سنوات إضافية، وهو القرار الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2015 تحت ذريعة "ضغوط المستثمرين".

ورفض رئيس البرلمان التابع للسيسي، علي عبد العال، مناقشة مشروع قانون أعده بعض النواب لرفع الحد الأدنى للأجور من 1200 إلى 2500 جنيه (من 67 دولارا إلى 140 دولارا)، بهدف التخفيف من حدة قرارات رفع الدعم عن أسعار الطاقة والكهرباء، وموجات الغلاء التي تشهدها البلاد، بحجة أن الأوضاع الاقتصادية لا تسمح بتحريك الحد الأدنى، في الوقت الذي أقر فيه مجلس النواب تشريعاً يقضي بزيادة رواتب الوزراء والمحافظين إلى 42 ألف جنيه شهرياً.

وفي 24 مايو/ أيار 2017، احتد السيسي على البرلماني أبو المعاطي مصطفى، خلال افتتاح مشروع للأثاث بمدينة دمياط، لمطالبته بتأجيل زيادات أسعار الوقود والكهرباء لحين رفع الحد الأدنى للأجور إلى 3 آلاف جنيه، قائلاً له بلهجة غاضبة: "إنت مين؟ ونواب إيه؟... إنت دارس الموضوع اللي بتتكلم فيه.. إنت تريد الدولة تنهض، ولا تفضل ميتة؟... لو سمحتوا ادرسوا المواضيع جيداً، ثم تحدثوا".

ووافق مجلس النواب على ثلاث موازنات غير دستورية للدولة، عن الأعوام المالية 2016/2017، و2017/2018، و2018/2019، مقتطعا من المخصصات الدستورية لبنود التعليم، والصحة، والبحث العلمي، المنصوص عليها في مواد الدستور أرقام 18 و19 و21 و23، والمتعلقة بتخصيص نسبة 10% من الناتج القومي الإجمالي لها، مقابل زيادة مخصصات قطاعات الأمن والقضاء.

إلى ذلك، يتأهب مجلس النواب خلال دور انعقاده الجاري لإقرار مشروع قانون العمل الجديد، الذي أعدته الحكومة بغرض الانتقاص من حقوق العمال، سواء في ما يتعلق بالأجور أو الحماية الاجتماعية، وتقنين فصلهم تعسفياً، علاوة على تجريم حق الإضراب بالمخالفة للدستور، ومنح أصحاب الأعمال سلطة تقليص أجور العمال، وتغيير أنماط عملهم مقابل عدم إغلاق المنشآة التجارية أو الصناعية.

ولم يُلزم مشروع القانون أصحاب الأعمال بالتأمين الاجتماعي على العمال كشرط أساسي من شروط العمل اللائق، إلى جانب تقسيمه الأجر إلى أربعة أنواع (أساسي، متغير، تأميني، ثابت)، بما يُمهد لضياع حقوق العمال، سواء في حالة الفصل من العمل، أو في تقاضي مقابل الإجازات، عبر احتسابها على الأجر الأساسي بدلاً من الأجر الشامل.

ومنح القانون أصحاب الأعمال الحق في فصل أي عامل، في حال تقاعسه عن أداء عمله، وتوقيع غرامة لا تزيد على 10 آلاف جنيه على العامل في حال إضرابه دون التفاوض مع صاحب العمل، مع حظر الدعوة للاعتصام أو الإضراب نهائياً في المنشآت الاستراتيجية أو المتعلقة بالأمن القومي أو بالخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين.

كما يتمسك ائتلاف الأغلبية في البرلمان (دعم مصر) بتعديل قانون الإيجارات القديمة، قبل انقضاء الدورة البرلمانية الحالية، والذي يهدف إلى تحرير العقود القديمة للوحدات السكنية، خلال مدة تتراوح بين 7 و10 سنوات، مع فرض زيادة سنوية متصاعدة على القيمة التأجيرية تصل إلى المثل، ما يُنذر بطرد قرابة 8 ملايين و900 ألف أسرة من وحداتها السكنية الخاضعة لأحكام قانون الإيجارات، حسب إحصائيات رسمية.

وتقدم عضوا الائتلاف معتز محمود، وإسماعيل نصر الدين، بتعديل على القانون قبل عام ونصف العام، مدعوماً بتواقيع 115 نائباً، إلّا أن رئيس البرلمان آثر تجميده لعدم إثارة المواطنين، على ضوء زيادات الأسعار المصاحبة لاتفاق صندوق النقد الدولي، خصوصاً وأن التعديل يمنح المستأجرين فترة سماح سنة واحدة بذات قيمة العقد المحرر، على أن تُسترد الوحدات المؤجرة بعد انتهاء السنوات المحددة في القانون.
المساهمون