بات لطفي حسنين مضطراً إلى مواءمة تعبئة أنبوبة الغاز الفارغة في منزله من أحد الموزعين في مدينة غزة، مع موعد استلام راتبه الذي يتقاضاه محسوماً، وخلال تلك المدة التي قد لا تقل عن شهرٍ كامل، يُوصي الفلسطيني عائلته بالاقتصاد في استهلاك الأسطوانة الاحتياطية، تفادياً لأية مفاجآت تُفضي إلى خلو بيته من غاز الطهو.
حسنين، يعمل موظفاً في السلطة الفلسطينية، ويتقاضى راتباً محسوماً بنسبة 50 في المائة، على خلفية الإجراءات العقابية التي يفرضها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضد سكان غزة، منذ أكثر من عام ونصف العام.
يقول حسنين لـ "العربي الجديد": "عندما تتقاضى نصف راتب، ولديك التزامات ومصاريف وديون لا تستطيع الوفاء بها، ستضطر إلى أخذ خيارات صعبة على حساب احتياجات عائلتك".
يضيف حسنين: "هذا الأمر يصعب تفسيره، ولكننا في غزة تعبنا من الأزمات ومن هذا الوضع. قبل كنا نقول الاحتلال أغلق المعبر، يعني صار في أزمة غاز، وننتظر الموزع ليعبئ الأنبوبة 50%، لا الآن الأمر تغير، صار الواحد ينتظر أن يصير معه فلوس حتى يطلب من الموزع أن يملأ له أسطوانة الغاز".
ومؤخراً، أصبحت أزمة غاز الطهو تأخذ شكلاً جديداً في غزة، مع تدهور الأوضاع الاقتصادية للسكان، إذ لا يخفي بعض المواطنين اضطرارهم إلى الإبقاء على أنابيب الغاز الفارغة لديهم من دون إرسالها مباشرةً إلى الموزعين، لكونهم لا يملكون ثمن تعبئتها، والذي يصل إلى 52 شيكلاً (الدولار يعادل 3.67 شواكل).
والشائع في غزة، هو أن أي خبر يتعلق بإغلاق معبر كرم أبو سالم، المنفذ التجاري الوحيد للقطاع، يفضي إلى مشهدٍ مأساوي من المعاناة الاقتصادية، فقد تبقى الأنابيب الفارغة عند الموزعين لفترات طويلة، يتخللها صورٌ تعود بالذاكرة إلى الطوابير الطويلة التي كانت تقف أمام محطات التعبئة بالساعات، وصولاً إلى اعتماد غزّيين على الطرق البدائية بديلاً عن الغاز.
ويعد معبر كرم أبو سالم التجاري الممر الوحيد للسلع الاستهلاكية إلى غزة، ولدى إغلاقه من قبل السلطات الإسرائيلية فإن أزمة غاز الطهو تمس حاجات المواطنين، لكن هذا المشهد، ربما كان في السابق مشكلة الفلسطينيين الأولى، قبل أن يزداد ضغط الأوضاع الاقتصادية، وهي التي ازدادت سوءاً مع عقوبات الرئيس عباس، وتشديد الاحتلال حصاره لغزة.
وأغلقت السلطات الإسرائيلية معبر كرم أبو سالم في منتصف شهر يوليو/تموز الماضي، في إطار إجراءات جديدة أريد بها تشديد الحصار على غزة، في إطار سلسلة ضغوطات اقتصادية تهدف إلى محاربة ظاهرة الطائرات الورقية التي يطلقها الشبان الفلسطينيون من حدود غزة باتجاه الأراضي المحتلة في محيط "غلاف غزة".
اقــرأ أيضاً
ثم ما لبثت سلطات الاحتلال أسبوعاً واحداً على قرارها الأول، حتى وعاودت بأسبوع ثانٍ منعت فيه إدخال المحروقات والوقود إلى غزة.
وفي تلك الفترة، خرجت جمعية أصحاب شركات الوقود في قطاع غزة، للحديث عن أن إغلاق المعبر أدخل القطاع في أزمة غاز هي الأكبر، وبينت أن محطات الوقود المنتشرة في قطاع غزة، بات رصيدها من غاز الطهي يقترب من الصفر.
وهو ما فنّده أحد المسؤولين في لجنة الغاز، ورفض ذكر اسمه لـ "العربي الجديد"، بالقول: "إن بدء ظهور أزمة الغاز تحتاج لوقتٍ أطول من المدة التي أغلق فيها كرم أبو سالم، والمشكلة الحالية هي مشكلة اقتصادية تتمثل بعدم قدرة المواطنين على شراء ثمن تعبئة أنابيب الغاز".
وهو أمرٌ أكده أحد موزعي الغاز في مدينة غزة، فضل تعريف نفسه بـ "أبو أحمد"، وقال لـ "العربي الجديد": "لو بدنا نتكلم عن إغلاق معبر كرم أبو سالم وارتباطه بظهور أزمة غاز بعدها بأيام، الأمر بكون بعيد عن المنطق، لأن محطات التعبئة لم تستنفذ بعد الاحتياطي لديها.
لكن الحقيقي هنا، هو إنه كثير من المواطنين ما معهم ثمن التعبئة، لهيك تجدهم يرسلون أنابيب الغاز للتعبئة في أيام محددة تتزامن مع صرف الرواتب أو شيكات الشؤون الاجتماعية".
ويوماً تلو الآخر، تتفاقم معاناة أكثر من مليوني مواطن في غزة، بعدما اشتد عليهم الحصار الإسرائيلي المطبق منذ 12 عاماً، واستمرار فرض العقوبات من قبل السلطة الفلسطينية منذ إبريل/نيسان 2017، من دون أي تغيير إيجابي يلامسه المواطنون، وهو ما أودى بأحوالهم وأوضاعهم المعيشية إلى حد الصفر يتخللها انهيار كارثي تدريجياً.
وينتقل المواطن في غزة من أزمة إلى أخرى، فبينما يشتكي المواطنون في العالم العربي من غلاء خروف الضحية، يعاني المواطن في غزة من عدم استطاعته المالية لشراء غاز الطبخ ناهيك عن الضحية، ولاتزال أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي يعاني منها ما يزيد عن مليوني فلسطيني يعيشون في قطاع غزة الساحلي المحاصر تتفاعل. وهو ما انعكس على مسارات الحياة اليومية لسكان البقعة الجغرافية الأكثر اكتظاظاً، والأقل مساحة.
وأسهمت الأزمة في تكبيد الكثير من القطاعات الصناعية والتجارية والإنتاجية في غزة خسائر مالية كبيرة، إضافة إلى قيام بعضها بإغلاق أبوابه بشكل جزئي أو نهائي بفعل غياب الطاقة الكهربائية وارتفاع المقابل المادي الخاص بالبدائل.
وتحول ليل الغزيين بفعل أزمة الطاقة، ومع ارتفاع درجات الحرارة الكبير، إلى كابوس يجعلهم يبحثون عن بدائل بسيطة تمنحهم ولو جزءاً بسيطاً من البرودة التي تنتزعها حرارة الصيف الشديدة في القطاع، والتي تتزامن مع انقطاع التيار الكهربائي لساعات تتجاوز 16 ساعة يومياً.
وبات أمل الغزيين معقوداً على حل سياسي يخلصهم من هذه الأزمة المستعصية، والتي يزيد عمرها عن 12 عاماً، بدأت بقصف إسرائيل لمحطة التوليد الوحيدة في أعقاب أسر المقاومة الفلسطينية للجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط.
ووسط الاستهداف الإسرائيلي المستمر للقطاع الاقتصادي في غزة أضحى هذا القطاع منهاراً بعد تواصل أزمة انقطاع التيار الكهربائي، حيث تسببت هذه الأزمة في إغلاق العديد من الشركات والمصانع أبوابها نظراً لغياب الطاقة وارتفاع تكلفة البدائل الأخرى، وهو ما ينعكس بدوره على زيادة معدل البطالة والضغط على دخول العائلات.
ويحتاج القطاع حالياً إلى 500 ميغاواط من أجل إنهاء الأزمة وسد العجز بشكل كلي ونهائي لا يتوفر منها حالياً إلا نحو 140 ميغاواط، فيما تقدر نسبة العجز بنحو 360 ميغاواط تعجز سلطة الطاقة بغزة وشركة التوزيع عن توفيرها. وتتوالى الأزمات على المواطن الغزي الذي يئن تحت الحصار والتجويع.
حسنين، يعمل موظفاً في السلطة الفلسطينية، ويتقاضى راتباً محسوماً بنسبة 50 في المائة، على خلفية الإجراءات العقابية التي يفرضها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضد سكان غزة، منذ أكثر من عام ونصف العام.
يقول حسنين لـ "العربي الجديد": "عندما تتقاضى نصف راتب، ولديك التزامات ومصاريف وديون لا تستطيع الوفاء بها، ستضطر إلى أخذ خيارات صعبة على حساب احتياجات عائلتك".
يضيف حسنين: "هذا الأمر يصعب تفسيره، ولكننا في غزة تعبنا من الأزمات ومن هذا الوضع. قبل كنا نقول الاحتلال أغلق المعبر، يعني صار في أزمة غاز، وننتظر الموزع ليعبئ الأنبوبة 50%، لا الآن الأمر تغير، صار الواحد ينتظر أن يصير معه فلوس حتى يطلب من الموزع أن يملأ له أسطوانة الغاز".
ومؤخراً، أصبحت أزمة غاز الطهو تأخذ شكلاً جديداً في غزة، مع تدهور الأوضاع الاقتصادية للسكان، إذ لا يخفي بعض المواطنين اضطرارهم إلى الإبقاء على أنابيب الغاز الفارغة لديهم من دون إرسالها مباشرةً إلى الموزعين، لكونهم لا يملكون ثمن تعبئتها، والذي يصل إلى 52 شيكلاً (الدولار يعادل 3.67 شواكل).
والشائع في غزة، هو أن أي خبر يتعلق بإغلاق معبر كرم أبو سالم، المنفذ التجاري الوحيد للقطاع، يفضي إلى مشهدٍ مأساوي من المعاناة الاقتصادية، فقد تبقى الأنابيب الفارغة عند الموزعين لفترات طويلة، يتخللها صورٌ تعود بالذاكرة إلى الطوابير الطويلة التي كانت تقف أمام محطات التعبئة بالساعات، وصولاً إلى اعتماد غزّيين على الطرق البدائية بديلاً عن الغاز.
ويعد معبر كرم أبو سالم التجاري الممر الوحيد للسلع الاستهلاكية إلى غزة، ولدى إغلاقه من قبل السلطات الإسرائيلية فإن أزمة غاز الطهو تمس حاجات المواطنين، لكن هذا المشهد، ربما كان في السابق مشكلة الفلسطينيين الأولى، قبل أن يزداد ضغط الأوضاع الاقتصادية، وهي التي ازدادت سوءاً مع عقوبات الرئيس عباس، وتشديد الاحتلال حصاره لغزة.
وأغلقت السلطات الإسرائيلية معبر كرم أبو سالم في منتصف شهر يوليو/تموز الماضي، في إطار إجراءات جديدة أريد بها تشديد الحصار على غزة، في إطار سلسلة ضغوطات اقتصادية تهدف إلى محاربة ظاهرة الطائرات الورقية التي يطلقها الشبان الفلسطينيون من حدود غزة باتجاه الأراضي المحتلة في محيط "غلاف غزة".
ثم ما لبثت سلطات الاحتلال أسبوعاً واحداً على قرارها الأول، حتى وعاودت بأسبوع ثانٍ منعت فيه إدخال المحروقات والوقود إلى غزة.
وفي تلك الفترة، خرجت جمعية أصحاب شركات الوقود في قطاع غزة، للحديث عن أن إغلاق المعبر أدخل القطاع في أزمة غاز هي الأكبر، وبينت أن محطات الوقود المنتشرة في قطاع غزة، بات رصيدها من غاز الطهي يقترب من الصفر.
وهو ما فنّده أحد المسؤولين في لجنة الغاز، ورفض ذكر اسمه لـ "العربي الجديد"، بالقول: "إن بدء ظهور أزمة الغاز تحتاج لوقتٍ أطول من المدة التي أغلق فيها كرم أبو سالم، والمشكلة الحالية هي مشكلة اقتصادية تتمثل بعدم قدرة المواطنين على شراء ثمن تعبئة أنابيب الغاز".
وهو أمرٌ أكده أحد موزعي الغاز في مدينة غزة، فضل تعريف نفسه بـ "أبو أحمد"، وقال لـ "العربي الجديد": "لو بدنا نتكلم عن إغلاق معبر كرم أبو سالم وارتباطه بظهور أزمة غاز بعدها بأيام، الأمر بكون بعيد عن المنطق، لأن محطات التعبئة لم تستنفذ بعد الاحتياطي لديها.
لكن الحقيقي هنا، هو إنه كثير من المواطنين ما معهم ثمن التعبئة، لهيك تجدهم يرسلون أنابيب الغاز للتعبئة في أيام محددة تتزامن مع صرف الرواتب أو شيكات الشؤون الاجتماعية".
ويوماً تلو الآخر، تتفاقم معاناة أكثر من مليوني مواطن في غزة، بعدما اشتد عليهم الحصار الإسرائيلي المطبق منذ 12 عاماً، واستمرار فرض العقوبات من قبل السلطة الفلسطينية منذ إبريل/نيسان 2017، من دون أي تغيير إيجابي يلامسه المواطنون، وهو ما أودى بأحوالهم وأوضاعهم المعيشية إلى حد الصفر يتخللها انهيار كارثي تدريجياً.
وينتقل المواطن في غزة من أزمة إلى أخرى، فبينما يشتكي المواطنون في العالم العربي من غلاء خروف الضحية، يعاني المواطن في غزة من عدم استطاعته المالية لشراء غاز الطبخ ناهيك عن الضحية، ولاتزال أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي يعاني منها ما يزيد عن مليوني فلسطيني يعيشون في قطاع غزة الساحلي المحاصر تتفاعل. وهو ما انعكس على مسارات الحياة اليومية لسكان البقعة الجغرافية الأكثر اكتظاظاً، والأقل مساحة.
وأسهمت الأزمة في تكبيد الكثير من القطاعات الصناعية والتجارية والإنتاجية في غزة خسائر مالية كبيرة، إضافة إلى قيام بعضها بإغلاق أبوابه بشكل جزئي أو نهائي بفعل غياب الطاقة الكهربائية وارتفاع المقابل المادي الخاص بالبدائل.
وتحول ليل الغزيين بفعل أزمة الطاقة، ومع ارتفاع درجات الحرارة الكبير، إلى كابوس يجعلهم يبحثون عن بدائل بسيطة تمنحهم ولو جزءاً بسيطاً من البرودة التي تنتزعها حرارة الصيف الشديدة في القطاع، والتي تتزامن مع انقطاع التيار الكهربائي لساعات تتجاوز 16 ساعة يومياً.
وبات أمل الغزيين معقوداً على حل سياسي يخلصهم من هذه الأزمة المستعصية، والتي يزيد عمرها عن 12 عاماً، بدأت بقصف إسرائيل لمحطة التوليد الوحيدة في أعقاب أسر المقاومة الفلسطينية للجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط.
ووسط الاستهداف الإسرائيلي المستمر للقطاع الاقتصادي في غزة أضحى هذا القطاع منهاراً بعد تواصل أزمة انقطاع التيار الكهربائي، حيث تسببت هذه الأزمة في إغلاق العديد من الشركات والمصانع أبوابها نظراً لغياب الطاقة وارتفاع تكلفة البدائل الأخرى، وهو ما ينعكس بدوره على زيادة معدل البطالة والضغط على دخول العائلات.
ويحتاج القطاع حالياً إلى 500 ميغاواط من أجل إنهاء الأزمة وسد العجز بشكل كلي ونهائي لا يتوفر منها حالياً إلا نحو 140 ميغاواط، فيما تقدر نسبة العجز بنحو 360 ميغاواط تعجز سلطة الطاقة بغزة وشركة التوزيع عن توفيرها. وتتوالى الأزمات على المواطن الغزي الذي يئن تحت الحصار والتجويع.