السلع السورية تتدفق إلى الأردن وإقبال على الليرة بالصرافات

28 أكتوبر 2018
الأردنيون يلجأون للسلع السورية لرخص أسعارها (Getty)
+ الخط -

 أعاد فتح معبر نصيب بين سورية والأردن، الحياة من جديد إلى نشاط "بحارة الحدود"، في الوقت الذي تشهد فيه الأسواق الأردنية إقبالا على السلع السورية، التي بدأت في التدفق منذ إعادة فتح المعبر منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، مما أدى إلى ارتفاع التعاملات على الليرة السورية في صرافات الأردن.

والبحارة مصطلح يطلق على أردنيين يقيمون شمال المملكة، وخاصة في مدينة الرمثا الحدودية مع سورية، كانوا يترددون يومياً بين عمان ودمشق لنقل البضائع من خلال المنافذ الحدودية البرية، وآخرون من خلال ممرات خاصة بعيداً عن المنافذ الرسمية وفي أغلب الأحيان كانت السلطات الأردنية تغض الطرف عنهم لتمكينهم من تحسين أوضاعهم المعيشية.

وتوقف نشاط البحارة خلال السنوات الأخيرة في ظل ارتفاع المخاطر الأمنية بسبب الحرب في سورية وسيطرة المسلحين حتى أشهر ماضية على المناطق الحدودية، لكن مع عودة فتح الحدود وعودة العمل في معبر (نصيب ـ جابر) بين البلدين، بدأ البحارة في إحياء نشاطهم من جديد، وفق مصادر أردنية قدرت أعدادهم بالمئات.

المواطن محمد سلامة من مدينة الرمثا، قال في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الرمثا كانت مقصداً للأردنيين للتسوق، خاصة في نهاية الأسبوع ومواسم الأعياد لما تحويه من تنوع في البضائع السورية المتميزة بجودتها واعتدال أسعارها، إلا أن السنوات الخمس الأخيرة شهدت تراجعاً كبيراً في الحركة التجارية في المدينة وشمال الأردن بشكل عام.

لكن فتح الحدود البرية بين الأردن وسورية، ألقى وفق تجار ومصادر رسمية أردنية، بظلال إيجابية على الاقتصاد الأردني من حيث تدفق السلع في الاتجاهين، وخاصة السلع الغذائية وتحريك القطاعات اللوجستية كالنقل والتخليص.


وقال عبد السلام الذيابات رئيس غرفة تجارة الرمثا لـ"العربي الجديد" إن الكثير من سكان الرمثا قاموا خلال الأيام الماضية بزيارة سورية لقرب المسافة ولشراء البضائع، مشيرا إلى أن المدينة تشهد انتعاشا كبيراً منذ فتح الحدود قبل نحو أسبوعين.

وأضاف الذيابات أن أسعار السلع السورية منخفضة، لوجود فائض كبير بسبب تعذر تصديرها في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن الجانب السوري استجاب لطلب الأردن بإلغاء الرسوم التي فرضها على الشاحنات الأردنية مؤخراً، وذلك عملا بالاتفاقيات الثنائية، إذ يتم تبادل السلع بدون رسوم جمركية أو ضريبية.

وكان الأردن قد أغلق حدوده مع سورية بشكل عام قبل ثلاث سنوات، بسبب سيطرة الجماعات المسلحة على معبر نصيب السوري المحاذي للحدود الأردنية. وجاءت إعادة فتح الحدود بعد نحو أربعة أشهر من استعادة النظام السوري السيطرة على معبر نصيب بدعم روسي.

وقال المواطن ليث أبو جود من أهالي منطقة الطرة شمال الأردن، إن السلع السورية بدأت التدفق للأردن، وأسعارها أقل كثيرا عن السلع والمنتجات الأردنية وبشكل يومي يرتفع أعداد الداخلين من الجانب الأردني للأراضي السورية.

وأضاف أبو جود أنه رغم تحديد وقت محدد لفتح وإغلاق الحدود من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الرابعة عصراً، فإن الأردنيين يتجهون بقوة لزيارة سورية، ومنهم لغايات توريد السلع التي لا تخضع للرسوم الجمركية ما يجعل أسعارها منخفضة.

وأشار إلى أن مدينة الرمثا بدأت تتنفس الصعداء الآن بعد فتح الحدود البرية، ذلك أن المسافة بين شمال الأردن ودمشق لا تزيد على 30 كيلومترا.

وبلغت قيمة التبادل التجاري بين الأردن وجارته الشمالية في 2010 نحو 615 مليون دولار، قبل أن تتراجع تدريجياً بسبب الحرب التي اندلعت في سورية عام 2011.

وبحسب بيانات وزارة الصناعة والتجارة الأردنية، انخفضت صادرات الأردن إلى سورية إلى حوالي 7 ملايين دولار بنهاية العام الماضي 2017، مقابل نحو 238 مليون دولار عام 2010.

كما تسبب إغلاق المعبر في 2015 في قطع طريق عبور مهم لمئات الشاحنات التي تنقل البضائع يومياً بين تركيا والخليج، وبين لبنان والخليج في معاملات تجارية بمليارات الدولارات سنوياً.

وقال عمر أبو وشاح رئيس جمعية المصدرين الأردنيين لـ"العربي الجديد" إن " فتح الحدود بين الأردن وسورية سيحدث انتعاشا كبيرا في حجم الصادرات الأردنية إلى أسواق سورية ولبنان وتركيا وأوروبا وروسيا وغيرها، والتي يتم التصدير إليها من خلال خط الترانزيت الوحيد الذي يربط بلاده بهذه الجهات من خلال الأراضي السورية".

وأضاف أبو وشاح أن قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة والشحن البري والخدمات اللوجستية ستستفيد كثيراً من فتح الحدود بين البلدين.

وكان وزير الصناعة والتجارة الأردني طارق الحموري قد طلب في وقت سابق من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تسريع إجراءات إعادة تأهيل المنطقة الحرة الأردنية السورية، وذلك لتسهيل عمليات التبادل التجاري وتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

وبدأ النشاط يعود من جديد لقطاع الشاحنات الأردنية، الذي قدرت نقابة أصحاب الشاحنات في وقت سابق خسائر القطاع بنحو 1.5 مليار دولار في آخر 5 سنوات، واضطر بعض المالكين لبيع شاحناتهم.

ويقدر عدد الشاحنات التي تستعد للعودة للعمل على خط سورية بحوالي 17 ألف شاحنة وفقاً لتقديرات رئيس نقابة أصحاب الشاحنات الأردنية.


ومع تدفق السلع السورية وارتفاع وتيرة زيارة الأردنيين لسورية، تشهد الصرافات في الأردن إقبالا لشراء الليرة السورية، وفق ما أكده عبد السلام السعودي رئيس جمعية الصرافين الأردنيين.

وقال السعودي لـ"العربي الجديد" إن شركات الصرافة تشهد إقبالا كبيراً على الليرة السورية منذ عدة أيام، وذلك بعد فتح المعبر بين البلدين، موضحا أن الأردنيين اشتروا خلال اقل من أسبوع أكثر من مليار ليرة (حوالي مليوني دولار).


وتوقع ارتفاع الطلب خلال الأيام المقبلة، وذلك لاهتمام الجانب الأردني بسورية وأسواقها وحركة التجارة التي كانت نشطة قبل إغلاق الحدود.

ويطالب تجارٌ حكومة الأردن بإعادة النظر في الضرائب والرسوم المفروضة على السلع المحلية، خاصة بعد فتح الحدود مع سورية، حيث سيتجه المواطنون إلى السلع السورية وزيارة سورية لشراء البضائع بكلف أقل، خاصة المواد الغذائية والسجائر والمحروقات وغيرها، فيما هي مرتفعة جدا في الأردن.

ويسمح اتفاق إعادة عمل معبر "نصيب ـ جابر" بمغادرة مواطني كلا البلدين إلى سورية، لكنه أوضح بخصوص القدوم للأردن فإن الشخص القادم من سورية يحتاج إلى موافقة أمنية مسبقة.

ويستضيف الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة، فيما تقدر عمان عدد الذين لجأوا إلى البلاد بنحو 1.3 مليون شخص منذ 2011.

المساهمون