عقبات أمام إعادة تشغيل حقول جنوب السودان

05 سبتمبر 2017
حقل نفط في جنوب السودان (فرانس برس)
+ الخط -
تكررت طلبات حكومة جنوب السودان التي تدعو الحكومة السودانية لتشغيل حقول النفط المتوقفة منذ سنوات، وهي واحدة من القضايا المهمة للبلدين لأهمية النفط في اقتصادهما. لكن خبراء استبعدوا فرضية استجابة السودان للتعاون مع الجنوب في هذا الجانب. كذلك استبعد الخبراء التعامل مع دولة الجنوب رغم استفادة السودان من زيادة إنتاج النفط فيها لأنه يساهم في زيادة عوائد رسوم عبوره عبر الأراضي السودانية. ويرجع الخبراء توقعاتهم إلى أن دولة جنوب السودان تقوم بدعم الحركات المسلحة وهو الأمر الذي ظلت تشتكي منه الخرطوم.
وتفيد المتابعات بأن السنوات الماضية شهدت تدني إنتاج بترول دولة جنوب السودان للاضطرابات الأمنية وعدم توافر الأمن الكافي في مناطق الإنتاج المختلفة. وتشير إلى أن حكومة الجنوب طلبت عدة مرات في مناسبات مختلفة تعاون السودان لإعادة حقول النفط المتوقفة عن الإنتاج.
ويأتي ذلك بعدما شهدت الخرطوم ختام مباحثات فنية بين الدولتين مؤخراً، أكد فيها وكيل وزارة النفط والغاز بخيت أحمد عبد الله حرص السودان على تقديم العون الفني لتشغيل آبار البترول في دولة الجنوب المصدر عبر موانئ السودان وشراء الخام لمحطة "أم دبارك" الكهربائية في وسط السودان. إضافة إلى تدريب الكوادر البشرية بجمهورية جنوب السودان في مركز التدريب النفطي في الخرطوم.
وكانت الخرطوم قد استضافت نهاية العام الماضي أيضاً مباحثات فنية بين الدولتين في مجال النفط شملت أجندة المباحثات اتفاقية التعاون الفني لإعادة تشغيل حقول الوحدة وزيادة الإنتاج النفطي من حقول أعالي النيل.
وانخفض إنتاج دولة جنوب السودان النفطي إلى 160 ألف برميل يومياً، وفق متابعين للملف، بعدما وصل إلى 350 ألف برميل، بسبب النزاع بين الرئيس سلفا كير ونائبه الأول، إلى جانب نزاعه مع السودان بشأن رسوم ضخ النفط الخام من الجنوب عبر خط أنابيب التصدير الذي يمر بالسودان مما قاد حكومة جوبا إلى وقف الإنتاج عام 2012.
وينتج أغلب النفط في دولة جنوب السودان من حقول الوحدة (200 ألف برميل في اليوم)، والتي توقفت بسبب الحرب فيما تبقى حقل أعالي النيل الذي ينتج 160 ألف برميل فقط.
وكان وزير النفط في دولة جنوب السودان قد بعث برسالة إلى نظيره السوداني يؤكد فيها استتباب الأمن في حقول الوحدة بنسبة 100% لاستئناف الإنتاج وبذل جهود كبيرة لإعادتها للخدمة على خلفية الاتفاق الذي تم بين دولتي السودان لتقديم الدعم الفني وإعادة الحقول لدائرة الخدمة.
واتفقت الخرطوم وجوبا سابقاً، وفق المتابعين، على تشغيل بعض الحقول المتوقفة بدولة جنوب السودان لزيادة الإنتاج النفطي وتوصل خلالها الطرفان على تمديد اتفاقهما النفطي لنقل خام دولة الجنوب في الموانئ السودانية عقب انتهاء أجل الاتفاق الذي استمر لمدة ثلاث سنوات.
ونقل سفير دولة جنوب السودان بالخرطوم ميان دوت الشهر الماضي إلى وزير النفط السوداني الدكتور عبد الرحمن عثمان المعلومات بشأن حقول النفط المتوقفة في بلاده بحث من خلالها إمكانية إعادة تشغيل كل الحقول المتوقفة إلى العمل مع التأكيد على استمرار التعاون الفني بين البلدين عبر المساعدات الفنية في إعادة تشغيل الحقول المتوقفة بالجنوب من أجل زيادة الإنتاج النفطي.
وسارع وزير النفط السوداني في تأكيده على تنفيذ اتفاقية التعاون النفطي مع دولة جنوب السودان وفق رؤية استراتيجية تحفظ المصالح المشتركة بين البلدين لصالح الشعبين.
وأكد شريف التهامي وزير الطاقة الأسبق أن دولة الجنوب طلبت من حكومة السودان عدة مرات تشغيل آبار النفط المتوقفة، وأن الحديث عن مساعدة السودان فنياً لتشغيل آبار النفط دار العام الماضي عند تجديد اتفاقية العبور. وأوضح أن مربعي 3 و7 في الحقول يعملان بطاقة إنتاجية متدنية لعدم توفر أمن كافٍ وعدم وجود صيانة، ما أدى إلى قفل الآبار لإجراءات فنية.
واستبعد التهامي في حديث مع "العربي الجديد" حدوث تعاون بين دولتي السودان في هذه الفترة حتى وإن وافقت وزارة النفط السودانية على التعاون فنياً مع دولة الجنوب. واستند في ذلك إلى الجانب السياسي الذي قال إنه سوف يكون شرطاً على دولة الجنوب لاستئناف التعاون الفني، إذ أشار إلى ازدواجية في التعامل مع السودان ورهن التعاون بإخراج الحركات المسلحة السودانية من دولة الجنوب.
وطالب التهامي الحكومة السودانية بإنشاء آلية للضغط على حكومة الجنوب وقال إن التعاون بين البلدين مرتبط بالوضع الأمني، وإنه على الرغم من دعم الحكومة السودانية لدولة الجنوب إلا أنها ما زالت تخرق الاتفاقيات، وإذا زاد إنتاج دولة الجنوب من النفط في هذه الفترة سوف تستخدم تلك الإيرادات في تمويل الحركات المسلحة.
وأكد إمكانية تشغيل السودان للآبار المتوقفة خاصة آبار الوحدة، ولفت إلى أن تشغيل الآبار يحتاج إلى وجود أمن كافٍ. وأضاف أن آبار الوحدة متوقفة منذ عام 2012 بعد ضربة حقل هجيج الذي يعتبر من أكبر الحقول المنتجة. ولكنه رأى أن نقل البترول الجنوبي واستخدامه عبر الخطوط والأنابيب السودانية يرفع نصيب الحكومة السودانية من الرسوم.
وبحسب تأكيدات محللين سياسيين واقتصاديين وأكاديميين فإن حكومة جوبا عاجزة عن إصلاح الأعطاب في حقول نفط الوحدة لأن بعضها شديد التعقيد فنياً. إضافة إلى سرقة بعض قطع الغيار واختفاء بعضها. وفي حال استثناء الجانب الأمني هذه الحقول تحتاج إلى عشرات السنوات لإصلاحها. وسعى جنوب السودان إلى الاستعانة بدول أخرى من أجل زيادة الإنتاج، ووقعت وزارة البترول بحكومة جنوب السودان في شهر مارس/آذار الماضي اتفاقاً مع شركة "أورنتو النيجيرية"، للاستثمار في مشروعات نفطية بالبلاد تقدر قيمتها بنحو 3 مليارات دولار يستمر لمدة عامين، ويأتي ذلك في إطار توجه جنوب السودان إلى أفريقيا لتطوير القطاع النفطي، حسب خبراء اقتصاد.
ويعد النفط المورد الرئيسي للإيرادات في جنوب السودان الذي تعاني من أزمات اقتصادية خانقة، ويعد النقص في الوقود والغذاء أمرا عاديا في جنوب السودان، حيث يبقى موظفون حكوميون، لمدة شهور دون تلقي رواتبهم. ورغم افتقار البلاد للسيولة، جاءت موازنة 2017 /2018 أكثر بنسبة 50% من موازنة العام الفائت، وخصص 40% من الموازنة لقطاع الأمن. وبلغت قيمة موازنة العام المالي الجديد التي أقرها البرلمان في نهاية شهر أغسطس/آب الماضي، نحو 300 مليون دولار (250 مليون يورو)، رغم اعتراف حكومة هذا البلد الذي تمزقه الحرب منذ عدة سنوات بعدم توافر عائدات كافية لتغطية النفقات.
المساهمون