الصادرات... البديل الصعب لنفط الجزائر

31 يوليو 2017
تحفز الحكومة الإنتاج المحلي لدعم الصادرات (الأناضول)
+ الخط -
لا تزال مصطلحات التصدير والتوجه نحو الأسواق الأفريقية، تملأ خطابات الحكومة الجزائرية منذ بداية الأزمة المالية، كحلٍ بديل عن أموال النفط المتهاوية.
وكثيرا ما أضافت نفس الحكومة في خطاباتها بأن الجزائر خطت خطوات عملاقة في مجال ترقية التصدير، إلى أن جاءت ساعة الحسم وجاءت معها الأرقام التي تؤكد أو تنفي الخطاب الرسمي.
فأرقام الجمارك الجزائرية التي تتعلق بالنصف الأول من السنة الجارية توضح الهوة الشاسعة بين خطابات الحكومة والواقع، فالصادرات خارج المحروقات ظلت هامشية لم تتجاوز 952 مليون دولار أي بحصة 6.25% من إجمالي الصادرات، مقابل 896 مليون دولار في نفس الفترة من السنة الماضية.

وتتشكل هذه الصادرات حسب أرقام الجمارك الجزائرية من منتجات نصف مصنعة بقيمة 691 مليون دولار ومنتجات غذائية بـ 189 مليون دولار ثم منتجات خام بـ 34 مليون دولار فالتجهيزات الصناعية بـ 29 مليون دولار، بينما استقرت قيمة الصادرات من السلع غير الغذائية عند 9 ملايين دولار.
وفي تعليق على البيانات الرسمية، قال أستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة الجزائر كمال رزيق، إن "هذه الأرقام ضئيلة، مع العلم بعض ما صدرناه من مواد غذائية استوردنا المواد الأولية التي تصنع بها كالعجائن".

وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد"، أن "التصدير أصبح عنوانا براقا، كما كان عليه الحال مع تنويع الاقتصاد الذي ملأ خطابات الحكومة من قبل، لكن الأهم الآن ما هي الأشياء التي يمكن أن نصدرها لم نراها، ورأتها الحكومة حتى تتباهى بتحقيق خطوات في سبيل ترقية الصادرات".
ويرى رزيق أن الجزائر شهدت بعض التناقضات في مجال التصدير، منها إعادة تصدير منتجات تم استيرادها ضمن سلسلة إعفاءات ضريبية تحصل عليها مستوردوها، ما يعني أن الجزائر هي الدولة الوحيدة التي تخسر أموالا عند التصدير.

وكانت الحكومة الجزائرية تراهن على رفع مساهمة عمليات التصدير خارج المحروقات لتعويض عائدات الذهب الأسود التي فقدت الثلث من حجمها في السنوات الأخيرة، ولتحقيق هذا الرهان وضعت الحكومة الجزائرية المنتجات الزراعية والصناعات الإلكترونية نحو السوق الأفريقية في مقدمة اهتماماتها، إلا أنه ومع مرور الأيام بدأت شعلة الطموح تنطفئ تدريجيا.
ويرى عبد الغاني عوني عضو غرفة التجارة والصناعة في محافظة بسكرة (جنوب شرق الجزائر) في تصريح لـ "العربي الجديد" أن الحكومة الجزائرية عجزت السنة الماضية عن تصدير مادة البطاطا التي عرف إنتاجها وفرة كبيرة، وذلك بسبب غياب شبكة نقل مهيئة لتسريع وصول السلع الى الموانئ والمطارات.

وقال لـ "العربي الجديد": "ثمة صعوبات جوهرية تؤكد أن الحديث عن التصدير يتطلب وجود ما نصدره أولا ثم وجود الآلية التي ينقل بها ما نصدره، والعاملان غائبان في الجزائر".
وبالرغم من هذا الواقع المظلم والمستقبل القاتم، يحتفظ البعض ببصيص من الأمل، حتى تميل كفة الصادرات خارج النفط على حساب البرميل النفطي.
ويقترح الخبير الاقتصادي ورئيس جمعية المصدرين الجزائريين إسماعيل لالماس، خطة لتطوير الصادرات، تمر وفق ما قاله لـ "العربي الجديد" عبر عدة مراحل "أولها تحديد ما يتم تصديره، بناء على دراسة موضوعية للقدرات الإنتاجية مثل ما فعلته تونس التي نجحت في بلوغ رقم مليار دولار في تصدير زيت الزيتون، ثم دراسة الأسواق التي تستهدفها، وتوفير الدعم اللوجستيكي (النقل)، مع مرافقة البنوك والمؤسسات العمومية لهذه الخطوة".

وأضاف نفس المتحدث أن الجزائر يمكنها الاستفادة من مناطق التبادل التجاري الحر مع الدول العربية ومع الاتحاد الأوروبي لترويج منتجاتها والاستفادة من الإعفاءات المطبقة في تلك المناطق.
وسجل العجز التجاري تراجعاً نسبته 54.4%، حيث بلغ 3.97 مليارات دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى لسنة 2017 مقابل عجز بـ8.71 مليارات دولار في نفس الفترة من 2016.

ومنذ صيف 2014 والانخفاض الكبير في أسعار النفط، المصدر الوحيد للعملة الصعبة بالنسبة للجزائر إلى أن بلغت 28 مليار دولار فقط، بدأت الحكومة إجراءات لتقليص الواردات.
وكان رئيس الوزراء عبد المجيد تبون أعلن في مارس/ آذار 2017 أن "كل المواد التي تدخل الجزائر تخضع لرخصة مسبقة للقضاء على الفوضى في السوق"، وكان تبون حينها مكلفاً بوزارة التجارة.
وبحسب الحكومة فإن سياسة الحكومة بفرض قيود على الاستيراد أعطت ثمارها، بحيث انخفضت قيمة الواردات من 66 مليار دولار في 2014 سنة بداية الأزمة النفطية إلى 35 مليار دولار في 2016.

وتهدف الحكومة إلى إنهاء سنة 2017 بـ30 مليار دولار واردات.
وشهدت الجزائر انخفاضاً في احتياطي العملات الأجنبية ليبلغ 108 مليارات دولار حالياً، مقابل 114 مليار دولار في نهاية 2016 و200 مليار دولار في 2014.



المساهمون