هل أخطأ السودان في حق مصر؟!

09 يونيو 2017
اتهامات تلاحق الزراعة المصرية (الأناضول)
+ الخط -
أصدر رئيس مجلس الوزراء السوداني، الفريق بكري حسن، قراراً بحظر جميع السلع المصرية الزراعية والحيوانية ومنتجاتها عبر الموانئ والمعابر الحدودية، والموجودة داخل الحظائر الجمركية الواردة من مصر، وألزم اتحاد أصحاب العمل على استيراد السلع مباشرة من المنشأ دون عبورها بجمهورية مصر العربية.

الحكومة السودانية لم تبادر بقرار رفض استيراد المنتجات المصرية حين اتخذته أول مرة في سبتمبر/أيلول العام الماضي، ولكن قرارها بالرفض جاء تاليًا لرفض حكومات ست دول داعمة لنظام عبد الفتاح السيسي، منها روسيا والولايات المتحدة والسعودية والإمارات المنتجات الزراعية المصرية.

وقتها، اكتفت الحكومة السودانية بإعلان "وقف مؤقت" لاستيراد المنتجات المصرية، وبررت القرار بقولها "لحين اكتمال الفحوصات المعملية والمخبرية التي تُجرى لضمان السلامة" دون اتهامها المنتجات بعدم الصلاحية للاستهلاك الآدمي أو الطعن في جودتها، حفاظا منها على سمعة هذه المنتجات لدى الدول المستوردة الأخرى، وحرصًا على علاقات التاريخ واحترامًا لحقوق الجوار.

في المقابل، فضحت الدول الداعمة للرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة المصرية أمام شعبها والعالم، واتهمتها بتصدير منتجات زراعية مرويّة بمياه المجاري ولا تصلح لاستهلاك الآدميين.

وأصدرت وزارة الزراعة الأميركية في حينه، تقريراً في 360 صفحة جاء فيه أن التحاليل أكدت وجود منتجات زراعية مصرية تم ريّها بمياه المجاري.

كما تحوي بقايا لفضلات آدمية وحيوانية جعلها سبباً رئيسياً في الإصابة بمرض الكبد الوبائي من فصيلة "إيه" وكذلك استخدام الجير الأبيض الذي يستخدم في تركيب بلاط الأرضيات في تبييض الأرز المصري المستورد، مما قد يجعل متناوليه عرضة للإصابة بالسرطان.

ولم يكتفِ التقرير بذلك، بل أعلن عن أن بيانات مخبرية أكدت استخدام مكسبات ألوان وطعم بطريقة ممنوعة دوليا تسبب أمراضا مثل الفشل الكلوي وأمراض الكبد، وقال إنها منعت استيراد الجبن من مصر بعدما كشف التحليل احتواءه على مادة "الفورمالين" التي تدخل في حفظ جثث الموتى، وجاءت تقارير روسيا والسعودية قريبا من هذا!

لم تتعامل مصر مع الأزمة بالدبلوماسية نفسها التي تعاملت بها مع روسيا عند حظرها المنتجات المصرية، فبادرت بزيارة روسيا وطلبت التفاوض وقدمت تنازلات وقبلت باستيراد القمح الروسي الملوث بالإرجوت السام، والمسبب للسرطان. ثم تنازلت عن سيادتها وقبلت باستقبال "بعثة تفتيش روسية" من الهيئة الفيدرالية للحجر الزراعي والبيطري الروسي.

وعلى غرار بعثة التفتيش الروسية للمطارات المصرية من أجل عودة السياحة الروسية، فتشت بعثة التفتيش الروسية الحجر الزراعي المصري، والمعامل البحثية بمركز البحوث الزراعية.

وحتى المناطق الزراعية والحقول المخصصة للتصدير، فتشتها البعثة الروسية للتأكد من استيفاء المنتجات المصرية شروط ومواصفات الصحة العامة والسلامة النباتية الروسية.

السوق السوداني مهم لمصر والتفريط فيه ليس إلا ضيق أفق وغباء سياسياً، وغلق الحدود أمام السلع المصرية لأي سبب من الأسباب، فنية أو سياسية، يحرم الاقتصاد المصري المتهالك من صادرات بلغت 591 مليون دولار في 2016، من إجمالي صادرات مصر الزراعية التي تقدر بـ 2.1 مليار دولار، ويهدد الاستثمارات المصرية في السودان والتي تقدرها وزارة الاستثمار المصرية بـ 10 مليارات دولار.

وبالرغم من تضاعف حجم الصادرات المصرية للسودان، مقارنة بصادراتها لروسيا التي لا تزيد على 350 مليون دولار، لم يبادر النظام المصري بزيارة السودان بعد حظرها المنتجات المصرية كما فعل مع روسيا. لا بل انتظر مبادرة وزير الخارجية السوداني بزيارة القاهرة، بالرغم من خطورة القرار على سمعة السلع المصرية المهتزة وخسارتها للسوق السوداني القريب جغرافياً، والمتساهل في المواصفات بالمقارنة بالسوق الأوروبي المتشدد.

المساهمون