مصادرة أموال المهربين تحفز اقتصاد تونس

29 مايو 2017
مقاومة التهريب والفساد تحفز مناخ الأعمال (نيكولا فوكيه/Getty)
+ الخط -
تترقب تونس تفاعلا إيجابياً من الأسواق المالية والمستثمرين على إثر حملة الإيقاف التي شنتها الحكومة على عدد من رجال الأعمال والمهربين المتورطين في قضايا فساد وتهريب، ومصادرة ممتلكاتهم وأرصدتهم.
ويقول مراقبون، إن الحملة الشاملة على الفساد ستُؤتي أكلها على المدى المتوسط باسترجاع العملة لعافيتها وتحقيق توازن في الميزان التجاري بعد ضرب أذرع كبيرة في عالم التهريب واسترجاع الاقتصاد المحلي لجزء من نفوذه على القطاعات المدرة للضرائب المباشرة على غرار السجائر والتبغ، فضلا عن انتفاع خزينة الدولة بعائدات الشركات والأرصدة التي تمت مصادرتها.
ويرى الخبير الاقتصادي معز الجودي، إن حملة مقاومة الفساد والإيقاف التي طاولت كبار المهربين ستخلق نوعاً من التوازن الاقتصادي في البلاد، متوقعا أن يعود الحد من نزيف التهريب بالنفع على المؤسسات المحلية.
واعتبر الجودي في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن مقاومة الفساد والتهريب من المقومات الأساسية للإصلاح الاقتصادي، مشيرا إلى أن أسواق المال والمقرضين سيبدون تجاوباً أكثر مع طلبات التمويل التي تحتاجها الحكومة إلى جانب تحسن مرتقب في تصنيف البلاد الائتماني ومناخ الأعمال.
وحول تأثير قرار مصادرة أرصدة وممتلكات رجال الأعمال الموقوفين، على مناخ الأعمال المحلي وبقية المتعاملين الاقتصاديين، قال الجودي إن الموقوفين ومن تلاحقهم الشبهات ليسوا رجال أعمال بل مهربين اكتسبوا ثرواتهم بطرق غير شرعية وغير قانونية، لافتا إلى أنه لا يجوز تصنيف مهربين في نفس مرتبة رجال أعمال أو متعاملين اقتصاديين راكموا ثروات بتكوين شركات خاضعة للقانون وتعمل في شفافية.
وأعلنت لجنة المصادرة الحكومية، الجمعة الماضية، عن مصادرة أملاك ثمانية رجال أعمال ومهربين، تم إيقافهم أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية بتهمة ارتكاب جرائم فساد والمساس بأمن الدولة.

وطاولت عمليات المصادرة المتمثلة في تجميد أرصدة وحجز ممتلكات ومنقولات، منجي بن رباح، وكمال بن غلام فرج، وشفيق الجراية، وياسين الشنوفي، ونجيب بن إسماعيل، وعلى القريوي، ومنذر جنيح، وهلال بن مسعود بشر.
وأكد رئيس اللجنة منير الفرشيشي، أن قرارات المصادرة، قد تمت وفق القوانين الجاري العمل بها في مجال المصادرة واعتمادا على محاضر رسمية، مشيرا إلى أن العملية قد شملت جميع الأملاك على أن تتواصل الأبحاث إثر ذلك لتحديد ما يجب مصادرته من عدمه.
وبحسب تقرير صدر مؤخراً عن مجموعة الأزمات الدولية، فإن 300 رجل ظِل يحكمون الاقتصاد التونسي ويسيطرون على مؤسسات الدولة وهم بالأساس المهربون الذين أعلنت عليهم حكومة يوسف الشاهد الحرب الشاملة وشرعت في مصادرة ممتلكاتهم.
وتعد مصادرة الممتلكات من الآليات التي اعتمدتها حكومات ما بعد الثورة لاسترجاع جزء من الأموال المكتسبة بغير وجه حق من عائلة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وأصهاره وعدد من رجال الأعمال والسياسيين.
وفي مارس/آذار 2011، أصدرت الحكومة التي ترأسها الباجي قائد السبسي آنذاك مرسوما تم بمقتضاه إحالة 530 عقاراً و650 شركة و24739 قطعة منقولة إلى أملاك الدولة، وشملت قائمة المصادرة أموال 114 شخصا.
وعلى غرار ما تم سابقا بدأت الحكومة منذ أمس الاثنين، في تسمية متصرفين قضائيين لإدارة الأملاك المصادرة وفقا للتشريعات الجاري العمل بها.
وبالرغم من أن الحكومة لم تفصح إلى الآن عن حجم الأرصدة والممتلكات المصادرة، يشدد عدد من نشطاء المجتمع المدني على ضرورة الإفصاح عن حجم الأموال التي استعادتها الدولة، معتبرين أنه يساهم في تحقيق الأهداف المرجوة من المصادرة وهي إعادة التوزيع العادل للثروة.
ويقول نشطاء في المجتمع المدني، إن الحكومة مطالبة بالتصرف في الأموال والممتلكات المصادرة في إطار شفاف وأن يتم توجيهها نحو التنمية في المناطق الداخلية، معتبرين أن عمليات المصادرة التي تمت عقب ثورة يناير 2011 لم تحقق أهدافها.
ويرى الخبير المالي مراد الحطاب، أن التصرف في الممتلكات والأموال المصادرة محكوم بقوانين لا تتيح للدول حق استغلالها الفوري أو توجيه هذه الأموال لإنجاز مشاريع استثمار أو غيرها دون الحصول على حكم قضائي بات في الغرض، لافتا إلى أن الاستفادة الاقتصادية من الضرب على أيدي كبار المهربين وانطلاق الحرب الفعلية على الفساد أكثر جدوى.
وأضاف الحطاب لـ "العربي الجديد"، أن بلوغ نسبة نمو بـ 5.5% بحلول 2020، وفقا لأهداف المخطط الحكومي، يمر حتما عبر دفع الاستثمار والتصدي للتجارة الموازية والنهوض بالقدرة التنافسية للمؤسسات وتحسين مناخ الأعمال ومحاربة الفساد وتحسين مردود الإدارة، حتى يتم استرجاع ثقة المستثمرين، معتبراً أن مكافحة الفساد في تونس تأخرت.
المساهمون