اندثار البذور المحلية يهدد زراعة تونس

10 ابريل 2017
البذور ذات الإنتاجية العالية تشجع الاستثمار(فتحي بلعايد/فرانس برس)
+ الخط -
يواجه مزارعو تونس أزمة اندثار البذور المحلية الأصلية في مجمل المحاصيل الزراعية، مقابل زحف مئات الأصناف من البذور متعددة الجنسيات.
وينتقد كبار المزارعين غياب استراتيجية وطنية للاحتفاظ وتطوير إنتاج البذور المحلية، التي أثبتت لسنوات تأقلمها مع تربة ومناخ البلد، فضلا عن مردوديتها المتميزة.
ويمثل تراجع استعمال البذور والمشاتل المحلية، إشكالا حقيقيا لتطوير زراعة البلد، الأمر الذي ينبئ بتبعية كلية للدول المصدرة للبذور في السنوات المقبلة.

وتراجع معدل استعمال البذور المحلية الأصلية في تونس من 65% عام 1975 إلى 25% عام 2004، وما يقارب 5% فقط حاليا، بحسب تصريح لكاتب (وزير) الدولة المكلف بالإنتاج الفلاحي عمر الباهي.
ويقول محمد صالح عيادي، وهو مسؤول سابق في مركزية للبذور الممتازة (جمعية تعاونية)، إن سياسة التخلي عن البذور المحلية والاعتماد على بذور هجينة، بدأ منذ أكثر من 30 عاماً، غير أن هذه الخطوة كانت تجد تحفظا من قبل المزارعين ممن كانوا يعولون على أنفسهم في تخزين جزء من المحاصيل لإعادة استعمالها في البذر للموسم التالي، غير أن تغير الظروف المناخية دفع المزراعين، بمن في ذلك المحافظون منهم، إلى البحث عن بذور ذات مردودية عالية.

وأضاف عيادي لـ"العربي الجديد" أن الزراعة التونسية خسرت على مر السنوات بصماتها في السوق العالمية، مشيرا إلى أن البذور الأصلية انقرضت تقريبا.
وأشار إلى أن غياب الأبحاث العلمية فتح الباب على مصراعيه للبذور المستوردة، وهو ما يجعل البلاد في تبعية تامة يهدد أمنها الزراعي، لا سيما وأنه لا يمكن إثبات إذا ما كانت البذور الموردة محولة جينيا أو مدى تأثيرها على صحة الإنسان.
ومنذ التسعينيات، فتحت تونس أبواب استيراد البذور خصوصا من الولايات المتحدة، الصين إيطاليا، فرنسا، الهند، جنوب أفريقيا وهولندا، حسب جدول الاستيراد لوزارة الزراعة.

في المقابل، يدافع المهندس الزراعي رضا الدريدي، عن أصناف الحبوب المستوردة، مشيرا في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن إنتاجيتها لا تقارن بالبذور المحلية.
وقال إن البذور ذات الإنتاجية العالية تشجع على الاستثمار في القطاع الزراعي، وهو ما سيدفع بعجلة التنمية في المناطق الداخلية والمساهمة في تنمية الصادرات.
لكن تلاشي البذور الزراعية الوطنية يهدد بالسقوط في تبعية اقتصادية للشركات العالمية الكبرى، وفق المهتمين بالشأن الزراعي، لا سيما وأن التبعية تجاوزت بذور الحبوب لتطاول الخضر والزيتون، بعد استغناء شركات المشاتل عن أصول الزيتون التونسية التي تعمر أكثر من 100 عام واستبدالها بالزيتون الإسباني.

وقال نبيل المزوغي، الخبير في إحدى شركات توريد مشاتل الزيتون والأشجار المثمرة، إن السنوات الأخيرة شهدت إقبالا كبيراً من قبل المزارعين على زراعة الزيتون الإسباني، وإنه أصبح يتفوق على الزيتون المحلي في قدرته الإنتاجية، غير أن عمر الشجرة لا يتعدى الثلاثين عاما، مقابل معدل يتجاوز الـ 60 عاماً لشجرة الزيتون المحلية.


المساهمون