الكويت .. الحكومة تدفع قيمة أسهم المواطنين من الاحتياطي

05 فبراير 2017
الحكومة تخصص 50% من المشروعات للمواطنين (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت وثيقة رسمية أن الحكومة الكويتية تدفع قيمة الأسهم التي تخصصها للمواطنين في الشركات، التي تطرحها للاكتتاب العام، بدلاً من أن يسدد المواطنون هذه القيمة، ما يؤدي إلى زيادة الأعباء المالية للدولة.
وأظهرت الوثيقة التي حصلت "العربي الجديد" على نسخه منها، أن الدولة تتحمل مليارات الدولارات جراء هذه الخطوة، ما يؤدي إلى زيادة الأعباء المالية للدولة، فضلاً عن عدم اكتراث المواطن بأعمال الشركات التي يتم طرحها ولا بطريقة إدارتها.

وبحسب مذكرة حكومية أعدتها وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية، هند الصبيح، رفعتها مؤخراً لمجلس الأمه، أبدت الوزيرة تحفظها على تحمل الدولة تكاليف تخصيص 50% من الأسهم للمواطنين في الشركات والمشاريع الواردة في خطتها.
وتستعد الكويت لتأسيس 38 شركة تُطرح للاكتتاب للمواطنين خلال السنوات المقبلة، فيما تعتزم إجراء أول طرح عام أولي لأسهم مشروع كهرباء مستقل بنهاية السنة الحالية، حيث تبيع حصة تبلغ 50% حسب تصريحات وزير النفط ووزير الكهرباء والماء عصام المرزوق.

وتضيف الوزيرة في مذكرتها، أن الدولة تقوم حالياً بسداد قيمة الأسهم التي تطرحها للاكتتاب للمواطنين من الاحتياطي العام للدولة كمنحة، بشرط ألا يقوموا بالتصرف فيها إلا بعد 10 سنوات، تبدأ من تاريخ تملكهم للأسهم، وهو ما يكلف الدولة مليارات الدولارات دون أي فائدة تعود إليها نظير تلك الخدمة.
وبحسب القانون الكويتي فإن الجهة الحكومية، تتولى تأسيس الشركات المساهمة، وتخصص أسهمها بنسبة لا تزيد على 24% من الأسهم للحكومة والجهات التابعة لها، ونسبة لا تقل عن 26% للبيع في مزايدة علنية تشترك فيها الشركات المساهمة المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية والشركات الأجنبية المتخصصة والشركات غير المسجلة في سوق الكويت للأوراق المالية التي يوافق عليها مجلس الوزراء، ونسبة 50% من الأسهم تخصص للاكتتاب العام لجميع المواطنين.

واقترحت الوزيرة الصبيح في مذكرتها أن تتولى الجهة الحكومية المكلفة بتأسيس الشركة تحديد رأسمالها وتوزيع جميع الأسهم المخصصة للاكتتاب العام بالتساوي بين جميع الكويتيين المسجلة أسماؤهم في الهيئة العامة للمعلومات المدنية في يوم الاكتتاب، على أن يتم تسديد قيمة هذه الاكتتابات من قبل المواطنين للدولة.
ويقول أحمد الشخص الخبير الاقتصادي، إن ما تقوم به الدولة من سداد قيمة الاكتتاب بدلاً من المواطنين، يتعارض مع السياسة العامة للدولة بشأن خفض النفقات، وتقليل الدعم في ظل تقلبات أسعار النفط، واتجاه معظم الدول النفطية إلى ترشيد وضبط النفقات بل إلى زيادة أسعار السلع المدعومة.

ويضيف الشخص خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، أن تمويل الدولة لقيمة الأسهم بديلاً عن المواطنين، سيؤدي إلى حجب فرص القطاع الخاص في الاضطلاع بدوره عند المشاركة في تمويل المشروعات، الأمر الذي يتعارض مع خطة الدولة التنموية المتمثلة في دعم دور القطاع الخاص باعتباره شريكاً للدولة في التنمية المستدامة.
وأعلن وزير المالية، أنس الصالح، نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، أن العجز المتوقع في موازنة السنة المالية 2017-2018 القادمة يبلغ 7.9 مليارات دينار (26.3 مليار دولار)، بانخفاض 18.4% عن 2016-2017، التي تنتهي في مارس/آذار المقبل ويبلغ العجز المتوقع فيها 9.7 مليارات دينار.

ويعرب ناصر المري الخبير الاقتصادي، عن تخوفه من فورة الاكتتابات التي تستعد لها الحكومة الكويتية خلال السنوات المقبلة، خاصة وأن خبرتها في هذا المجال تعتبر محدودة، مقارنة بتجارب دول المنطقة، إضافة إلى أن رؤية الدولة 2035 التي تم الإعلان عنها قبل أسبوع لم تتضح بعد بشأن أسعار النفط خلال الفترة المقبلة، وهذه كلها عوامل تؤثر على طبيعة الاكتتاب.
ويقول المري خلال حديثه لـ "العربي الجديد" إنه ينظر للاكتتابات في الشركات التي تطرحها الحكومة على أنها خصخصة للمال العام، ولذا يجب إعادة التفكير بطريقة سليمة لمراعاة مصالح شرائح المجتمع المتوسطة ودون المتوسطة، والتي تبحث عن فرص استثمارية واعدة وبنسب نمو متصاعدة.

وتشير موازنة السنة المالية 2017/2018 إلى زيادة متوقعة في المصروفات بنسة 5.3% عن السنة المالية الحالية، لتصل إلى 19.9 مليار دينار، بعد استقطاع نسبة احتياطي الأجيال القادمة، في حين ترتفع الإيرادات المقدرة بنسبة 30.4% إلى 13.3 مليار دينار.
وتتضمن المصروفات الجديدة إنفاقاً رأسمالياً بقيمة 3.4 مليارات دينار، ودعماً قيمته 3.1 مليارات دينار، ورواتب قدرها 10.7 مليارات دينار.

يُذكر أن الكويت تقوم باحتساب العجز بعد استقطاع مخصصات لصالح صندوق احتياطي الأجيال القادمة، الذي تقدّره مصادر بنحو 400 مليار دولار.
ورغم إجراءات التقشف، أطلقت الحكومة خلال السنوات القليلة الماضية عدة مشاريع بعشرات المليارات من الدولارات، منها مجمع نفطي يتضمن مصفاة جديدة ومجمع بتروكيماويات ومشروعات أخرى في البنية التحتية.


المساهمون