"ثورة البطاطا" تحفز الأردنيين لتوسيع مقاطعة السلع مرتفعة الأسعار

01 فبراير 2017
ركود في أسواق السلع التي طالتها المقاطعة (Getty)
+ الخط -
شجع نجاح حملة لمقاطعة سلعتي البيض والبطاطا (البطاطس) بشكل غير مسبوق، الأردنيين على توسيع عمليات المقاطعة للعديد من السلع والخدمات، احتجاجاً على موجة الغلاء الكبيرة التي تشهدها البلاد.
ولأول مرة تنجح حملات مقاطعة السلع في الأردن، بعد أن أرغمت التجار على خفض الأسعار، كما دفعت الحكومة إلى الإعلان عن السلع الأساسية التي لن ترفع أسعارها خلال العام الجاري.
وانطلقت في وقت سابق من يناير/كانون الثاني الماضي حملة مقاطعة بيض المائدة بسبب ارتفاع أسعاره بنسبة كبيرة، لحقتها مقاطعة لسلعة البطاطا وأخيرا الدعوة لإغلاق الهواتف النقالة، احتجاجا على اقتراح مجلس النواب على الحكومة زيادة إيراداتها من خلال رفع رسوم الاتصالات الخلوية المختلفة.
وكانت أسعار طبق البيض المكوّن من 30 بيضة، قد وصلت إلى 5 دولارات، إلا أن الحملة الواسعة لمقاطعتها دعت الحكومة إلى تحديد الأسعار بين 2.92 دولار و3.94 دولارات بحسب الأوزان.
كما تراجعت أسعار البطاطا بنحو كبير لأقل من دولار للكيلوغرام، بعد أن قفزت قبل حملة المقاطعة إلى 1.4 دولار للكيلوغرام، فضلا عن تكدسها في الأسواق.
وتشير بيانات وزارة الزراعة إلى إلى أن كميات البطاطا المطروحة في الأسواق المركزية بلغت يوم الثلاثاء الماضي حوالي 684 طنا، بينما حاجة الاستهلاك اليومية تقدر بحوالي 400 طن.
وقال سهم العبادي، عضو جمعية حماية المستهلك الأردنية لـ"العربي الجديد"، إن حملة المقاطعة مستمرة إلى حين عودة الأسعار إلى معدلاتها الطبيعية، مشيرا إلى أن هذا النجاح سيدفع لتنظيم حملات أخرى مستقبلاً، لمواجهة ارتفاع أسعار أي من السلع والخدمات.
ولفت العبادي إلى أن الطلب على البيض انخفض بنسبة لا تقل عن 15% الأسبوع الماضي، ما أدى إلى تراجع الأسعار، بسبب حملة المقاطعة، التي دعت إليها الجمعية ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويشهد الأردن حراكاً غير مسبوق من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة فيسبوك للاحتجاج على ارتفاع أسعار بيض المائدة والبطاطا.
ولم يخفف قرار الحكومة بتحديد أسعار البيض، الذي اتخذته الأسبوع الماضي من الاحتجاجات من قبل عدد كبير من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وجمعية حماية المستهلك، بل إن الحملة أخذت مساراً تصاعديا مع ارتفاع عدد المشاركين فيها اعتراضا منهم على الأسعار التي حددتها الحكومة واعتبارها انحيازاً للتجار.
وأطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مصطلح "ثورة البيض" على حملتهم، حيث قدر مختصون عدد القائمين والمشاركين في الحملة على فيسبوك وحده بنحو مليون شخص.
وقالت الحملة على الصفحة الخاصة بالمقاطعة "لقد أطلت علينا الحكومة بعد تدخلها بسلعة بيض المائدة بأسعار لا تختلف عما كانت عليه، غير مفاجئين بما طرحت من أسعار لأنها وضعت المواطن بين مطرقتها وسندان التجار".
وأضافت أن " الأسعار ما تزال غير مناسبة وفيها ربح كبير واستغلال حتى وإن كانت في فصل الشتاء وتكلفة إنتاج هذه المادة أكثر من الصيف". كما استخدم المشاركون في حملة مقاطعة البيض شعارات مختلفة منها : "انتصارا للفقراء".
وكان يعرب القضاة، وزير الصناعة والتجارة والتموين، قال إن الحكومة اضطرت لتحديد أسعار البيض بعدما وجدت ارتفاعا في الأسعار وهوامش ربح كبيرة يحققها التجار بالنظر إلى الفروقات بين أسعار المزرعة والمستهلك، مشيرا إلى أهمية المحافظة على استقرار الأسعار والاكتفاء بهوامش ربح معقولة وعدم المغالاة.

وأظهرت دراسة أجرتها وزارة الصناعة والتجارة، أن معدل الاستهلاك الشهري المحلي من مادة بيض المائدة يبلغ حوالي 85 مليون بيضة، بينما معدل الإنتاج يبلغ نحو 90 مليوناً.
وقال محمد عبيدات، رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن حملة مقاطعة البطاطا وبيض المائدة حققت نجاحاً غير مسبوق، وذلك بسبب تفاعل الجماهير الكبير معها، من خلال أدوات التواصل الاجتماعي.
وبحسب نمر حدادين، المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة، فإن أسعار البطاطا بدأت بالانخفاض في السوق، بعد الارتفاع الذي شهدته في يناير/كانون الثاني الماضي.
وأرجع حدادين أسباب الانخفاض إلى زيادة الكميات المطروحة بالأسواق بعد بدء الإنتاج في مناطق الأغوار، لكنه اعتبر أن حملات المقاطعة تضر بالمزارعين، الذي يتحملون أعباء مالية كبيرة معظم أشهر السنة بسبب تدني الأسعار وانحسار الصادرات إلى الأسواق الخارجية، نظرا لإغلاق الحدود مع كل من سورية والعراق.
وقال إن أسباب ارتفاع الأسعار يعود إلى قلة كميات الإنتاج أحيانا واتساع حلقات التسويق، وأنه لا علاقة للمزارعين بها، معتبراً أن فترة الارتفاع لأسعار بعض السلع تكون لفترة محدودة.
لكن مواطنين يؤكدون أن موجة الغلاء طاولت أغلب السلع والخدمات، ما أرهق الكثير من العوائل التي لم يعد بمقدورها توفير احتياجاتها الأساسية من السلع الغذائية.
وشكلت حملة المقاطعة نموذجاً للرد الشعبي على قرارات رفع الأسعار وزيادة الضرائب. ويبدو أن هذه التحركات أربكت الحكومة في بحثها عن إيرادات جديدة لتنفيذ التزاماتها في موازنة عام 2017 حسب اتفاقها مع صندوق النقد الدولي.
وشجع نجاح مقاطعة بيض المائدة والبطاطا، نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي على إطلاق حملة أخرى للاحتجاج على نية الحكومة زيادة رسوم اشتراكات الهواتف النقالة وخدمات مثل واتسآب.
وتدعو الحملة لإغلاق الهواتف النقالة اعتباراً من بداية الشهر الجاري. وأغلق عدد كبير من المواطنين هواتفهم النقالة، استجابة للحملة التي تأتي تحت عنوان "سكر خطك" (أغلق خطك).
وكان أعضاء في البرلمان الأردني اقترحوا على الحكومة زيادة إيراداتها من الاتصالات الخلوية بفرض رسم إضافي على كل اشتراك شهري بمقدار 1.5 دولار، وفرض رسوم على بعض الخدمات، مثل استخدام الإنترنت والاتصالات من خلال الواتسبآب والماسنجر وغيرها.
وتخضع الاتصالات في الأردن لضرائب مختلفة هي الأعلى على مستوى المنطقة، حيث تبلغ 16% كضريبة مبيعات على الخلوي و8% ضريبة على الإنترنت، وضريبة دخل على شركات الاتصالات بواقع 24% من إجمالي دخلها السنوي، وكذلك 10% نسبة المشاركة في عوائد شركات الاتصالات تذهب للخزينة إضافة إلى رسوم الترددات السنوية التي تدفعها الشركات.
وتستهدف الحكومة من وراء تلك الإجراءات زيادة الإيرادات المحلية بنحو 635 مليون دولار سنوياً لتخفيض عجز الموازنة وتحقيق متطلبات برنامج الإصلاح المالي المتفق عليه مع صندوق النقد.
المساهمون