السودان يراهن على منظمة التجارة العالمية بعد رفع العقوبات

04 نوفمبر 2017
مخاوف من إغراق أسواق السودان بالمنتجات المستوردة(Getty)
+ الخط -
أكد وزير التعاون الدولي السوداني، إدريس سليمان، في تصريحات لـ "العربي الجديد" أن انضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية أصبح وشيكاً بعد اكتمال كافة الأوراق من مختلف النواحي، مضيفاً: "نحن واثقون من الانضمام للمنظمة الأممية لسلامة كل الإجراءات".
ورغم تفاؤله بهذه الخطوة، أعرب الوزير السوداني عن قلقله من تكرار سيناريو اتفاق الكوميسا الذي أثر سلباً على اقتصاد بلاده بسبب عدم وجود استعدادات كافية، موضحاً أنه في حال قبول عضوية السودان في اجتماع الأرجنتين في شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل ستحصل الخرطوم على مهلة لترتيب ما تبقى من أوضاع داخلية حتى لا تتكرر تجربة الكوميسا.

وأشار سليمان إلى وجود ثماني لجان فنية مختصة تفحص الإجراءات والتعديلات المطلوبة لتتماشى خطوة الانضمام للمنظمة مع الواقع السوداني وتتوافق مع متطلبات التجارة العالمية في نفس الوقت.
وأضاف: أنه بعد قبول عضويتنا يمكننا استغلال فترة السماح لنكيف فيها القوانين والسياسات مع الوضع الجديد. وقال الوزير، إن دخول بلاده لمنظمة التجارة سيفتح آفاقاً جديدة للاقتصاد السوداني بشرط تلافي أية سلبيات مترتبة على هذا الإجراء.

ودافع المفاوض الوطني لانضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية حسن أحمد طه، عن مساعي بلاده للحصول على العضوية، قائلاً لـ "العربي الجديد": "هذا يجعلنا متساوين في التعامل التجاري بدون أي تفرقة مع دول العالم ويعطينا كل الامتيازات التى تمنح للأعضاء، كما أن لوائح المنظمة تتيح للدول النامية فترة سماح لتوفي بكل الشروط المطلوبة".
وقال طه، إن أهم ميزه تمنح هي عدم فرض أية قيود خارجية على صادراتنا إلى جميع الأسواق، مضيفا : "اقتربنا من مواءمة القوانين، والنظم للمواصفات العالمية إذ شارف الفنيون على الانتهاء منها، وتتمثل الميزة النسبية في جودة الإنتاج وقدرة المنافسة بمواصفات عالمية لصادرتنا".

وتابع: هناك دراستان أخذتا في اعتبارهما تلك الإجراءات المطلوبة من واقع قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات في السودان وتم فيهما حصر التحديات التي تواجه كل قطاع وما هو مطلوب في كل مرحلة من مراحل الانضمام.
وتأمل الحكومة السودانية في قبول عضويتها لمنظمة التجارة العالمية منتصف ديسمبر/ كانون الأول المقبل في اجتماع الأرجنتين بعد إجابتها عن أكثر من 90% من الأسئلة المتعلقة بالانضمام، حسب المسؤولين السودانيين.

وحسب تقارير رسمية، شرعت الحكومة في تنفيذ ترتيبات داخلية لاستكمال بعض من شروط الانضمام للمنظمة العالمية فيما يتعلق بالقوانين والجمارك والنشاط التجاري وتدعيم بعض قطاعات الصادر وإعطائها دوراً كبيراً خلال المرحلة المقبلة.
ورغم أن المسؤولين السودانيين يؤكدون أن الحكومة أجابت عن معظم الأسئلة التى وردت من الجهات المختصة، إلا أن خبراء اقتصاد حذروا من عقبات ستواجه السودان لأن معظم منتجاته المحلية لا تدخل ضمن بنود التجارة الحرة وما زالت بعيدة عن المنافسة عالمياً.

ودافع آخرون بقولهم، إن العضوية بالمنظمة من شأنها تسويق منتجات السودان بالأسواق العالمية وفتح أسواق جديدة بسعر مناسب بتكاليف أقل واستيراد سلع ذات جودة عالية وفرصة لتكون أسواق السودان نشطة بعد رفع الحظر الأميركي.
ومن جانبه، رأى الخبير الاقتصادي الفاتح عثمان في حديثه لـ "العربي الجديد" أن السودان لا يملك سلعاً للتجارة العالمية وتساءل ماذا نريد أن نفعل؟ قائلاً إذا فتحنا الباب أمام السلع بجمارك قليلة سيكون لصالح الدول المصدرة للسودان التي ستغرق أسواقنا بمنتجاتها، وشدّد على أن الإنتاج المحلي ضعيف ويحتاج إلى إعادة ترتيب.

وأضاف الفاتح، أن الدول التى تبحث عن الانضمام تمتلك سلعاً تصلح لأن تسوق عالمياً، مشيراً إلى أنه في حالة السودان تعتمد إيرادات الحكومة على الجمارك بنسبة 80% وإذا انضمت للمنظمة ستتراجع الإيرادات الجمركية المصدر الرئيسي للموازنة دون بديل مما يشكل خللاً واضحاً ويتسبب في مخاطر على الاقتصاد الوطني.
ووصف الفاتح القطاعات الاقتصادية بالهشة بالإضافة إلى عدم وجود خطة واضحة يمكن التفاوض عليها، وتشترط الحماية للمنتجات الوطنية لمدة معينة. وقال: "هذا الوضع يجعل الانضمام لا معنى له".

وطالب الخبير الاقتصادي بإعادة هيكلة للاقتصاد، محذراً من الخسارة التي ستلاحقه أينما ذهب، مستدلاً بعدم استفادة السودان من الكوميسا لأن البلاد تستورد معظم احتياجاتها الأساسية.
وقال الفاتح، إن هيكلة الاقتصاد سيئة، وإدارة ملف الانضمام لمنظمة التجارة العالمية تمت في جزر معزولة بلا فريق عمل متكامل، مضيفاً أن البلاد سوف تتعرض لمشاكل تعرقل اقتصادها المتأزم.
وفي المقابل، أكد الخبير الاقتصادي والمستشار بمجلس الوزراء هيثم فتحي لـ "العربي الجديد" أن الانضمام يخلق فرص عمل للسودانيين بالتعرف على أفضل الأساليب الحديثة في التسويق والتنافس وسيساهم في تقليل الهدر ورفع كفاءة الإنتاج والإنتاجية بالاستفادة من المنح والقروض الخارجية.

وقال فتحي، إن السودان أمام تحد لحماية صادراته في الأسواق الخارجية بجانب جذب الاستثمارات الأجنبية وحماية السوق المحلية من التعاملات التجارية غير العادلة.
ورأى أن الحكومة مطالبة ببذل المزيد من الجهد لاستيفاء الشروط المطلوبة، مؤكداً أن الانضمام سيصبح حقيقة واقعة تحتمها التحولات في الحراك الاقتصادي العالمي.
وأضاف أن كل دولة لديها ميزة نسبية في إنتاج سلعة أو خدمة من الخدمات، والسودان لديه ميزة في إنتاج أجود أنواع الصمغ العربي على المستوى الإقليمي والدولي مما يضاعف فرص انضمامه والاستفادة من هذه الخطوة لدفع أداء الاقتصاد الوطني.

وتواكب مساعي الحكومة السودانية للانضمام لمنظمة التجارة العالمية جهود أخرى للاستفادة من مرحلة ما بعد رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية، عبر مضاعفة حجم الاستثمارات الأجنبية وتنشيط القطاعات المختلفة لإنعاش الاقتصاد المتدهور.
وأعلنت الولايات المتحدة، رفع الحظر عن السودان اعتباراً من 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأنهكت العقوبات الأميركية المفروضة اقتصاد الخرطوم وأدت إلى تقييد التعاملات المصرفية الدولية، وكذلك حركة التبادل التجاري وتدفق الاستثمار الأجنبي، مما ألحق أضراراً كبيرة بمعدلات النمو، وبالتالي تسعى الحكومة إلى الاستفادة القصوى من رفع الحظر للحد من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للسودانيين.


المساهمون