المواشي المهرّبة تهدّد مزارع التونسيين

02 أكتوبر 2017
تهريب المواشي يضر بالاقتصاد التونسي (Getty)
+ الخط -
باتت المواشي المهربة تمثل خطراً حقيقياً على قطعان المواشي المحلية، بعد تسرب كميات من الخرفان المصابة بالسل تم كشفها، أخيراً، في إطار حملات المراقبة البيطرية التي تقوم بها وزارة الزراعة التونسية.
وتعد سلامة القطعان من أبرز الصعوبات التي تشغل المربين (تجّار المواشي) في ظل ضعف الإجراءات الحكومية للحد من تسرب المواشي المصابة بالأمراض.
وبالرغم من غياب البيانات والأرقام الرسمية حول المواشي المهربة إلا أن المربين يؤكدون أن الأعداد كبيرة، ولا سيما القادمة من الحدود الجنوبية مع ليبيا، مشدّدين على أن تمييزها عن المواشي المحلية سهل بسبب الاختلاف الكبير في النوعية والسلالات.
ويقول مربي مواش، توفيق الغربي، لـ "العربي الجديد" إنه من السهل تمييز المواشي المهربة من المحلية في أسواق الدواب غير أنه لا يمكن مراقبة سلامتها الصحية، مشيرا إلى أن القطعان التي تتسرب عبر الحدود غير مضمونة السلامة وقادرة على نقل العديد من الأمراض للقطعان المحلية المراقبة بيطريا.
واعتبر الغربي أن تهريب المواشي يأتي في إطار استفحال مظاهر التهريب بمختلف أشكالها، مؤكداً أن تهريب المواشي الأخطر لأنها تهدّد صحة التونسيين.
وأكد المتحدث أن سلامة المواشي تمثل الشغل الشاغل للمربين حاليا، في الوقت الذي يحتاج فيه القطاع للتنمية من أجل توفير احتياجات السوق من اللحوم الحمراء، والمساهمة في استقرار الأمن الغذائي للبلاد، وفق تأكيده.
ويبلغ عدد مربي الماشية، حسب إحصائيات وزارة الزراعة، 274 ألفاً، باتوا غير قادرين على تأمين إنتاج اللحوم الحمراء بسبب خلل منظومة اللحوم الحمراء وتفاقم الأضرار التي يتكبّدونها في ظل العقبات التي تواجههم.
وحذر عضو منظمة المزارعين، محمد بالحاج، من خطورة المواشي المهربة على صحة المستهلكين، مشيراً إلى أن هذه المواشي غير المراقبة صحيا غالبا ما تذبح في مسالخ (مجازر) عشوائية، ويتم تسويق لحومها للمطاعم ومحلات الأطعمة الجاهزة.
وأفاد بالحاج، في حديث مع "العربي الجديد"، بأن أغلب القطعان المحلية مرقمة وتخضع للمراقبة البيطرية الدورية ما يجعل تتبعها أمرا سهلا، مشددا على تفاقم أضرار المربين من ظاهرة تهريب الأغنام التي تفرض عليهم بيع أغنامهم بأسعار زهيدة على خلفية تواجد المهربة في الأسواق التونسية.
وأكد عضو منظمة المزارعين أن عمليات المراقبة للأسواق كشفت عن وجود مواش قادمة من تشاد، وتحمل أمراضاً خطيرة على صحة الإنسان، داعيا إلى ضرورة وضع حد لهذه الظاهرة بتغليظ العقوبات على المهربين . وأضاف بالحاج أن انهيار منظومة تربية الماشية قد يحتاج إلى سنوات لإعادة بنائها، مشيرا إلى أن موجة الجفاف التي اجتاحت البلاد في السنوات الأخيرة قلصت من حجم الاستثمار في القطاع، حسب تأكيده، مما يستدعي إعادة النظر في طرق حمايته ورفع درجة اليقظة الوبائية، حسب قوله.
وتوضح بيانات منظمة المزارعين تراجع الاستثمار في قطاع تربية المواشي بنسبة 7.3% خلال خمس سنوات من 2010 إلى 2015، نتيجة فقدان الثقة في هذا القطاع وما يمكن أن يحققه من أرباح.
وإزاء ارتفاع حالات الغش الغذائي، تشن الحكومة التونسية حملة واسعة النطاق على المجازر مما كشف عن تجاوزات بالجملة والإطاحة بشبكات مختصة في الاتجار باللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمي نتيجة التعفن أو إصابة المواشي بالأمراض.
وقال رئيس هيئة مكافحة الفساد ، شوقي الطبيب، إن ملف تزويد اللحوم من أبرز ملفات الفساد المطروحة في الوقت الراهن.
وأكد الطبيب، في تصريحات إعلامية سابقة، أن هيئة مكافحة الفساد توصلت في عديد المرات إلى حقائق صادمة بعد فتحها تحقيقات بخصوص هذا الملف، مشيرا إلى أن مستوردين جلبوا دواجن جيفة، وأبقاراً ميتة لإعادة تسويقها وتمكنوا من ختمها في المسالخ بعد تواطؤ بياطرة ومسؤولين عن صحة التونسيين، وفق تعبيره.
وتناقش لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والتجارة والخدمات، في البرلمان، مشروع قانون يهدف إلى ضمان السلامة الصحية وجودة المنتجات الغذائية وأغذية الحيوانات لبلوغ مستوى عال من الحماية لصحة الإنسان والحيوان. وسيتم بمقتضى هذا القانون استحداث هيئة للسلامة الصحية لتتولى التصرف في المخاطر ذات العلاقة بالأغذية، طبقاً للمعايير المعتمدة لدى المنظمات الدولية، وخاصة منظمة الصحة العالمية. وتطالب وزارة الصحة بسرعة المصادقة على مشروع القانون الذي سيساهم في التحكم بالأمراض المنقولة بواسطة الغذاء والتصدي لمظاهر الغش.
المساهمون