البورصة الجزائرية من الأضعف عالمياً... تعرف إلى الأسباب

16 أكتوبر 2017
تعاني البورصة من قلة الثقة بالتعامل فيها (العربي الجديد)
+ الخط -
انتقد خبراء مختصون في أسواق المال، ضعف بورصة الجزائر في استقطاب الاستثمارات ودعم اقتصاد البلاد، الذي يعاني أوضاعا صعبة بفعل تهاوي النفط. 

وتأسست بورصة الجزائر نظريا في مايو/ أيار 1993، وانطلقت أعمالها رسميا في مايو/ أيار 1997، وتأسست من طرف بنوك عمومية (حكومية) وشركات تأمين حكومية وخاصة.

وتعتبر بورصة الجزائر، واحدة من أضعف المؤسسات المالية في العالم، إذ تشير التقديرات إلى أنها تحتل المركز قبل الأخير في ترتيب البورصات العالمية.

ويعكس مقرها القديم الواقع بحي عميروش في وسط العاصمة، وتجهيزاتها البدائية، مكانتها ودورها في معادلة الاقتصاد المحلي.

وصنف تقرير لصندوق النقد العربي صدر في 2015 بورصة الجزائر ضمن الأضعف عربيا، بالنظر إلى عدد الشركات المدرجة فيها، وأيضا حجم التداول اليومي للأسهم والسندات.

وبقي رأس المال السوقي للبورصة عند مستويات ضعيفة مع قلة عدد الشركات المدرجة، حيث يقدر حاليا بنحو 45 مليار دينار جزائري.
واقتصر نشاط البورصة مؤخراً على عمليات اكتتاب محدودة لبعض الشركات الجزائرية، بواقع شركتين حكوميتين وثلاث شركات خاصة موزعة على قطاعات صناعة الأدوية والفنادق والتأمينات والصناعات الغذائية والعصائر.

والشركات الخمس المدرجة، هي مؤسستا صيدال بيوفارم لصناعة وتسويق الأدوية وشركة أليانس للتأمين والأوراسي للفندقة وأن.سي.أي رويبة للمشروبات والعصائر. وتنتظر البورصة إدراج 7 مؤسسات أخرى منذ 2013.

وقال خبراء ومختصون إن الأوضاع المالية الصعبة التي تمر بها البلاد، والإعلان عن إدراج صكوك إسلامية في سوق الأسهم، بارقة الأمل الوحيدة لإحياء البورصة وانطلاقها من جديد، لتكون مصدر تمويل هام للاقتصاد.

وتعيش الجزائر أزمة اقتصادية منذ ثلاث سنوات، جراء تراجع أسعار النفط، وتقول السلطات إن البلاد فقدت أكثر من نصف مداخيلها من النقد الأجنبي، التي هوت نزولًا من 60 مليار دولار في 2014 إلى 27.5 مليار دولار نهاية العام الماضي.

وتحضر بورصة الجزائر حاليا، لمشروع إدراج الصكوك الإسلامية في تعاملاتها بالتنسيق مع جامعة سطيف الحكومية (300 كيلومتر شرق العاصمة).

وسيكون المشروع قريبا أمام هيئة مراقبة عمليات البورصة، وبعدها وزارة المالية للمصادقة عليه.

وقال المدير العام لبورصة الجزائر يزيد بن موهوب لوكالة الأناضول، إن البورصة لم يكن لها فرصة للعب دورها كما يجب، كفاعل أساسي في تمويل اقتصاد البلاد لثلاثة أسباب رئيسة، أبرزها غياب الوعي والثقافة بأهميتها لدى جميع الجزائريين، سواء المواطنين أو رؤساء المؤسسات والشركات.

وأضاف بن موهوب، أن السبب الثاني هو الوقت الذي تأسست فيه البورصة خلال فترة صعبة من تاريخ الجزائر (سنوات التسعينيات)، ولم تكن حينها الشروط متوفرة لبروز ونجاح هذا النوع من المؤسسات المالية المعنية بأسواق الأسهم.

والسبب الثالث، هو التراكمات المالية والسيولة النقدية خلال الفترة من 2000-2014، إذ قامت الدولة وقتها بمنح تسهيلات لاستثمار هذه السيولة واستهلاكها فيما يخص فوائد القروض، وهو ما جعل أصحاب رؤوس الموال يتوجهون للبنوك عوضا عن البورصة.

وتابع: "جميع هذه العوامل جعلت البورصة لا تقوم بدورها، رغم توفرها على الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة وتوفر الإطار القانوني والتنظيمي لها".

"ثمة تغير الآن، وأصبح هناك نقاش حول تفعيل دور البورصة في تمويل الاقتصاد الجزائري"، يقول بن موهوب، "خصوصا مع تناقص السيولة النقدية لدى البنوك بواقع 64 بالمائة ما بين 2014 و2016".

وزاد: "القطاع البنكي كان رافد تمويل الاقتصاد الوطني، لكنه تعرض لضغوط مالية منذ 2014، والبورصة هي البديل الأمثل للتقليل من الضغط المالي على البنوك".

من جهته، يرى الخبير والمحلل المالي الجزائري فرحات آيت علي، أن بورصة الجزائر يمكن أن يكون لها دور في تمويل الاقتصاد، إذا أعيد النظر في المنظومة الاقتصادية للبلاد، وطريقة تسيير البورصة وتركيبتها البشرية والإطار القانوني الذي يحكمها، وفق رؤية جديدة تقوم على الشفافية التامة.

وأضاف آيت علي للأناضول، أن انتعاش البورصة في ظل الظروف الحالية غير ممكن، في ظل سطوة السوق الموازية على الاقتصاد.

وأوضح أن كسب ثقة المتعاملين في البورصة، يتطلب العمل في إطار الشفافية التامة، مضيفا: "الثقة غير متوفرة حاليا لدى المتعاملين والمنظومة السياسية تتدخل في سير الاقتصاد".

بدوره طالب ناصر فيري أستاذ الاقتصاد بجامعة ورقلة (جنوب)، بضرورة إصدار قانون خاص بالصكوك الإسلامية، يسمح بتداول هذا النوع من المعاملات في البورصة، إذا أرادت السلطات تنشيط هذه المؤسسة المالية.

وأضاف ناصر للأناضول، أن عملية الاقتراض الداخلية التي أطلقتها السلطات العام الماضي، كانت مخيبة بشهادة الخبراء بسبب الفوائد "الربوية"، وقوبلت بالرفض من غالبية الجزائريين.

وأوضح أن البلاد تعاني من شح الموارد المالية، خاصة اللازمة لمواصلة إقامة المشاريع، لافتا إلى أن تعبئة المزيد من المدخرات المالية عبر البورصة، وسيكون ممكنا وفق الصكوك الإسلامية.
(الأناضول، العربي الجديد)
المساهمون