سوق سوداء للمياه في دمشق

06 يناير 2017
أزمة مياه خانقة في سورية (Getty)
+ الخط -
تتعرض العاصمة السورية دمشق لأزمة مياه شرب خانقة، أدت إلى خلق سوق سوداء يتربح منها بعض التجّار في ظل شح المعروض منها، عقب قصف قوات بشار الأسد ومليشيا حزب الله، مصدر المياه الأساس لدمشق، في وادي بردى وعين الفيجة (شمال غرب). 
وفي هذا السياق، وصف العامل السابق بمجلس مدينة دمشق، محمد شباط، أزمة المياه في العاصمة بأنها الأسوأ على مر السنوات الماضية، إذ يستمر قطع المياه عن دمشق التي يقطنها نحو 5 ملايين نسمة، منذ 15 يوماً، ما حوّل مياه الشرب إلى تجارة يحتكرها بعض التجّار.
وأكد شباط لـ"العربي الجديد"، أن عبوات المياه المعدنية باتت الملاذ شبه الوحيد لسكان دمشق، رغم ارتفاع سعر العبوة الواحدة (ليتر ونصف) لنحو 300 ليرة سورية (الدولار = نحو 520 ليرة)، بسبب تفاقم الأزمة.
وأشار إلى خلق سوق سوداء للمياه بدمشق، يتفاوت فيها السعر والعرض بحسب المناطق، مشيراً إلى أن مناطق جنوب دمشق التي تتغذى على مياه من القنيطرة وبعض الآبار الجوفية، لا تعاني من شح المياه وارتفاع سعرها، بعكس مناطق داخل العاصمة تبلغ فيها كلفة ملء خزان مياه منزلي ما يعادل دخل الموظف السوري.
وانسحبت أزمة شح المياه على الآبار الاحتياطية التي لا تتعدى الكميات التي توفرها 30% مما كانت عليه قبل ذلك، والتي كان يغذيها نبعا عين الفيجة وحاروش، حسب مدير مؤسسة مياه الشرب في دمشق، محمد الشياح.
وأشار الشياح خلال تصريحات صحافية، أخيراً، إلى أن الضغط كبير على المؤسسة لتأمين مياه الشرب، داعياً المواطنين إلى مساعدة المؤسسة التي تحاول سد الاحتياجات من خلال الكميات التي تحصل عليها وتوزيعها بالتساوي على مختلف المناطق.
وتشهد دمشق طوابير من المواطنين تنتظر صهاريج المياه لملء عبوات بحوزتهم بعد الانقطاعات المستمرة للمياه عن كثير من الأحياء منذ نحو أسبوعين، بواقع الندرة وارتفاع الأسعار التي أوصلت العبوة الفارغة للمياه إلى 1300 ليرة، وسعر برميل المياه إلى أكثر من 5 آلاف ليرة سورية، حسب مواطنين.
وتعاني سورية، حسب مصادر رسمية، من عجز سنوي بالمياه يبلغ نحو 1.5 مليار متر مكعب، وتتم تغطية العجز بضخ كميات من المياه الجوفية تفوق الواردات السنوية الجوفية من مياه الأمطار، ما زاد من كميات العجز المائي لتصل خلال العامين الفائتين لنحو 3.5 مليارات متر مكعب، ومن المتوقع أن يزيد العجز خلال عام 2017 إلى 6 مليارات مليارات متر مكعب، حسب متخصصين في المجال.
وتحتاج سورية إلى 23 مليار متر مكعب سنوياً لتكون حصة الفرد فيها مساوية لخط الفقر المائي البالغ 1000 متر مكعب للفرد في السنة لكل الأغراض.
وكانت قوات بشار الأسد وحزب الله اللبناني قصفت قبل أسبوعين، مناطق وادي بردى بريف دمشق، ما أدى إلى تلوث المياه قبل أن يتم قطعها عن العاصمة.
وتشير تصريحات متطابقة من مصادر ريف دمشق، إلى أن أزمة مياه الشرب مستمرة، بعد قصف الطيران لسد المياه بمنطقة وادي بردى، وفي ظل إصرار قوات بشار الأسد وحزب الله على دخول مناطق "بسيمة ودير مقرن وعين الفيجة" التي يسيطر عليها الثوار منذ عام 2012.
ويؤكد ناشطون من ريف دمشق لـ"العربي الجديد"، أن محاولات دخول القوات لهذه المناطق تفاقم معاناة أهالي دمشق المائية، الذين يبلغ عددهم أكثر من 100 ألف سوري بهذه المناطق، وبدأت آثار الحصار والقصف تنعكس على توفر المشتقات النفطية والسلع الغذائية أيضاً.
وحذّر الدّفاع المدني السوري في ريف دمشق، من وقوع كارثة إنسانيّة في حال استمرار الحملة العسكريّة، موضحاً في بيان صدر نهاية الأسبوع الماضي، أن المنطقة تعاني من نقص في الدواء والمستلزمات الطبية الضّرورية وانعدام وسائل التدفئة بسبب الحصار الذي تفرضه قوات النظام في ظل انخفاض في درجات الحرارة تصل إلى ما دون الصفر في المنطقة المرتفعة.

المساهمون