أوصى المجلس الأعلى للحسابات في المغرب، بالعمل على تأمين مخزون استراتيجي من المنتجات والسلع الأساسية، بعدما لاحظ وجود اختلالات في تكوين ذلك المخزون.
جاءت هذه التوصيات في تقرير المجلس الصادر مساء أول من أمس الثلاثاء، الذي يعتبر أعلى محكمة مالية بالمغرب، حول المخزون الاستراتيجي من المحروقات والقمح والسكر والأدوية والدم.
واتضح من التقرير الذي قام بمسح للوضع في عام 2015 وجود عجز بنيوي على مستوى المخزون من تلك المنتجات وقدرات التخزين، ما يُرد إلى ضعف التنسيق والتتبع والمراقبة.
وبدا أن مخزون السولار مثلا لم يكن يتعدى 24.1 يوما في 2015، بينما يفرض القانون أن يغطي 60 يوما من الاستهلاك المحلي، مشيرا إلى أن المصفاة التي يفرض عليها القانون التوفر على مخزون في حدود 30 يوما من المبيعات، تجاوزت بالكاد نصف تلك المدة في يوليو/تموز 2015.
ولاحظ التقرير أن مخزون القمح الطري يتراجع خلال الفترة التي تسبق الحصاد، كما أن 65% من التخزين يتم بطرق تقليدية، مقارنة بالصوامع. ورغم تجاوز مخزون السكر للفترة الزمنية التي يفرضها القانون، إلا أن التقرير يلاحظ ارتهان المغرب للسوق الخارجية في تأمين جزء من احتياجاته من تلك السلعة.
كما لاحظ كذلك، ضعف مخزون الدم بالمغرب بسبب ضعف ثقافة التبرع، في الوقت نفسه شدد على عدم وضوح التشريع المحلي على مستوى توفير الأدوية.
بترول وقمح وسكر
وشدد المجلس الأعلى للحسابات في توصياته، على ضرورة تكوين مخزون استراتيجي من المحروقات التي تغطي 30 يوما من الاستهلاك، تمهيدا لرفع ذلك المخزون إلى 90 يوماً.
ويتّسق توفير مخزون 90 يوما من المحروقات مع توصيات المنظمة الدولية للطاقة، غير أن المجلس يعتبر أن ذلك سيكون متعذرا على شركات التوزيع وحدها. وفي سبيل تحقيق ذلك الهدف، أوصى المجلس بالعمل على تأسيس شراكة بين الدولة وشركات التوزيع، تتخذ شكل شركة مختلطة تساعد على توفير مخزون استراتيجي لمدة 90 يوما.
وارتأى المجلس ضرورة اعتماد نظام لتدبير المخزون بين الدولة وشركات التوزيع، وتوفير بنيات تحتية بالموانئ المغربية تتيح استقبال البواخر الكبيرة المحملة بالمحروقات.
وعند تناوله للمنتجات الغذائية، شدد تقرير المجلس الأعلى للحسابات، على ضرورة تكثيف عمليات شراء القمح الطري عندما تكون الأسعار منخفضة في السوق الدولية.
واعتبر المجلس في توصياته أن هذه الطريقة في الشراء، تستدعي بناء بنيات تحتية في الموانئ تتيح استقبال كميات القمح الطري المستورد.
غير أن قضاة المجلس الأعلى للحسابات لم يهتموا فقط بالاستيراد، بل دعوا إلى تحسين عملية تجميع القمح الطري المحلي في فترات الحصاد. وأوصوا باتخاذ تدابير من أجل تشجيع المهنيين على الاستثمار في تطوير وتحديث مخازن القمح الطري، التي يفترض أن توزع بشكل أفضل على مستوى المملكة.
وجاء إنتاج القمح في العام الحالي أدنى مستوى له في الأربعة أعوام الأخيرة، متراجعا بنسبة 67% عن العام الماضي 2015، الذي بلغ خلاله 56.6 مليون قنطار.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، وضعت المغرب ضمن البلدان التي ستنخفض فيها مخزونات الحبوب في العام الحالي.
ووصلت قيمة مشتريات المغرب من القمح في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي إلى 940 مليون دولار، ونحو 152 مليون دولار لشراء الشعير. وتشير البيانات إلى أن فاتورة الغذاء تمثل أكثر من 10% من واردات المغرب.
ويقدر الاستهلاك العالمي للحبوب في العام الحالي بحوالي 2010 ملايين قنطار، بينما تصل الكميات المتوفرة في السوق العالمية إلى 2493 مليون قنطار.
ولم يغب السكر عن اهتمام قضاه المجلس، الذين ألحوا على رفع مردودية البنجر المحلي، من أجل تقليص حجم الواردات المغربية من ذلك المنتج.
وذهبوا إلى أن هذا الهدف يجب أن يكون موضوع اتفاقية بين الدولة والمهنيين في القطاع من أجل تحديد أهداف تراعي السياسة الزراعية للمملكة.
ويفضل المجلس اللجوء إلى شراء المخزون الاستراتيجي من السكر في الفترات التي تنخفض فيها الأسعار في السوق الدولية.
نقص الأدوية
لم يغفل المجلس الأدوية التي دعا إلى تكوين مخزون استراتيجي منها من أجل مواجهة الحالات الطارئة مثل الأوبئة والكوارث الطبيعية.
ويرى تقرير المجلس أنه يتوجب على الدولة توفير مخزون كاف من الأدوية، موصيا بعقد شراكات مع القطاع الخاص من أجل تمويل وتدبير ذلك المخزون.
وشدد على ضرورة ملاءمة التشريع الخاص بالمخزون الاستراتيجي للأدوية، عبر الأخذ بعين الاعتبار خصائصها سواء على مستوى التصنيع أو حالات عدم توفر البدائل العلاجية.
وأوصى التقرير بتتبع مخزون الأدوية لدى الفاعلين في قطاع الصيدلة، عبر إقامة نظام لليقظة تفاديا لنفاد المخزون وتعزيز المراقبة.
وتناول التقرير مخزون الدم بالمغرب، حيث دعا إلى مضاعفة الجهود من أجل رفع ذلك المخزون إلى المستوى الذي توصي به منظمة الصحة العالمية.
ويرى قضاة المجلس أن تفادي العجز يمكن أن يتحقق عبر تطوير قدرات المغرب الخاصة بالاستقبال ومعالجة الدم المتبرع به، والتحسيس بأهمية التبرع بتلك المادة.