الجزائر تحرر قطاع الاتصالات بعد احتكار 15 عاماً

12 يناير 2017
الحكومة ترفع يدها عن الاتصالات (فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -
قررت الجزائر أخيرا رفع يدها عن قطاع الاتصالات فيما يتعلق بخدمات الهاتف الثابت والإنترنت بالإضافة إلى البريد، وذلك بعدما قررت فتح المجال أمام القطاع الخاص، لينتهي بذلك الاحتكار الحكومي الذي امتد لخمسة عشر عاما. 

وحسب مشروع القانون المنظم لقطاع البريد والاتصالات الإلكترونية الذي صادق عليه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2016، والذي تحوز "العربي الجديد" على نسخة منه، فإنه بات متاحا للقطاع الخاص الاستثمار في مجال "الهاتف الثابت والإنترنت وخدمة واي فاي"، وأيضا الإنترنت عبر الألياف الضوئية، ما ينهي احتكار شركة "اتصالات الجزائر" الحكومية لخدمة الهاتف الثابت والإنترنت.

وأعطى مشروع القانون الذي سيُعرض على البرلمان في الأيام القادمة لوزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال صلاحية طرح مناقصات أمام المستثمرين في المجال الذي تراه مناسباً.

إلا أن مشروع القانون أبقى المشهد غامضا حول إمكانية فتح رأس مال شركة "اتصالات الجزائر" أمام القطاع الخاص بعدما أشارت المادة 92 إلى ضرورة "تفرع الشركة هيكليا" بالتعاون مع المستثمرين تماشيا مع السوق.

وقد ظل فتح قطاع الاتصالات عبر تكنولوجيات الإعلام والاتصال أمام القطاع الخاص مطلبا نادى به الخبراء الذين استبشروا خيرا بهذه الخطوة، إلا أن العديد من الأسئلة باتت تُطرح منذ كشف الحكومة عن نية فتح القطاع أمام المستثمرين، أولها من أين ستكون البداية، وأخرها ما الذي سيتغير بالنسبة للمواطن في النهاية؟

وحسب الخبير في مجال تكنولوجيات الاتصال مولاي مالك، فإن مشروع القانون سيضخ دماء جديدة في القطاع الذي أنهكه الركود بعد احتكار الحكومة له لأسباب أمنية وسياسية، إلا أن الأوضاع الاقتصادية وتطور المجتمع الجزائري دفعت الحكومة لرفع يدها عن الاتصالات عبر الهاتف الثابت والإنترنت بالأقمار الصناعية أو الألياف البصرية.

وأضاف الخبير الجزائري أن هذا الإجراء سيدخل قطاع الاتصالات الحديثة في سياق المنافسة، ما يجعل المواطن يستفيد من خدمات أحسن، فضلا عن أنه يسمح للجزائر برؤية تقنيات جديدة كالدفع الإلكتروني والإدارة الإلكترونية وغيرها من الخدمات التي ظلت حلما بالنسبة للجزائريين.

وتعد هذه المرة الثانية التي تسعى فيها الجزائر إلى تحرير قطاع اتصالات الثابت والإنترنت، إذ سبق للحكومة أن فتحت هذا القطاع أمام المستثمرين عام 2000، وسمح ذلك بميلاد "لكم" أول شركة اتصالات للهاتف الثابت من القطاع الخاص في الجزائر، وهي نتيجة شراكة بين الشركتين المصريتين "اتصالات مصر" و "أوراسكوم للاتصالات"، أنشئت عام 2005، ولم يدم نشاطها إلا سنتين.

وبالاستناد إلى العامل التاريخي، يربط الخبير في تكنولوجيات الاتصال، يونس قرار، في تصريح لـ "العربي الجديد"، نجاح مشروع القانون بمدى زوال العقلية الاحتكارية لشركة "اتصالات الجزائر"، ففي سنة 2000 كان الإطار القانوني جاهزا وصادق عليه الرئيس الحالي والبرلمان ولم يُطبق إلا بعد 5 سنوات، وسرعان ما تم غلق المجال مجددا في اتصالات الثابت والإنترنت.

وأضاف الخبير قرار، أن الحكومة أدركت أخيرا أنه بعد 15 سنة من الاحتكار لم تعد "اتصالات الجزائر" قادرة على تطوير نفسها وتلبية احتياجات السوق المحلية.

ولفت إلى أن القانون الجديد يحمل بعضا من الغموض الذي يجعل الحكم على نية الحكومة في تحرير المجال أمام القطاع الخاص، إذ ركز على الهيكل التنظيمي دون الحديث عن "إنتاج المضمون" الذي يعد نقطة ضعف القطاع في الجزائر، بالإضافة إلى عدم تحديد الطريقة التي تتحدث عنها المادة 92 فيما يتعلق "بتفرع شركة اتصالات الجزائر هيكليا".

وتعد هذه النقطة من بين البنود التي حركت عمال "اتصالات الجزائر" الذين يرفضون الفكرة جملة وتفصيلا، حسب محمد تشولاق الأمين العام لفيدرالية عمال قطاع البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال.

وقال تشولاق لـ "العربي الجديد": "إلزامية التفرع الهيكلي تهدد 23 ألف عامل داخل الشركة. النقابة تتخوف من خصخصة شبكة الهاتف".

وأضاف أن هذا الإجراء معارض لما جاء به دستور 2016 في المادة 18 التي تقول إن ‬الملكيّة العامّة هي ملك المجموعة الوطنية، وتشمل الملكية العامة باطن الأرض والمناجم والموارد الطبيعية للطاقة، كما تشمل النقل بالسكك الحديدية والنقل البحري والجوي والبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية.

ورصدت "العربي الجديد" شكاوى العمال إلى وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال هدى فرعون، عند نزولها ضيفة على "منتدى الإذاعة الجزائرية"، حيث نفت فتح رأسمال مؤسسة اتصالات الجزائر أو أحد فروعها رغم الرغبة التي أبداها متعاملون أجانب من دول مختلفة في الدخول في رأسمال المؤسسة.

المساهمون