الحرب تزيد معاناة "المهمّشين" في اليمن

01 مايو 2016
أطفال في صنعاء يبحثون عن طعام في القمامة (Getty)
+ الخط -
شمس، أم تعول ثمانية أولاد وأرملة فقدت زوجها، وجدت فرصة للعيش بعد نزول فريق ميداني لرصد الحالات الفقيرة بهدف تقديم مساعدات مالية لها.
وعائلة شمس هي واحدة من آلاف الأسر التي تصنف في فئة المهمشين. وكغيرها من أبناء فئتها، لم تكن تجد سبيلا للعيش إلا بمزيد من العناء باللجوء للتسول وجمع القوارير الفارغة وبيعها، وهي مهام تشعر شمس أنها مهينة ولا تجدي نفعاً.

الأبعد من ذلك تقول شمس إنها تضطر وكل أطفالها إلى القيام بهذه المهام كي يمكنهم العيش، الأمر الذي أدى إلى حرمان أولادها من التعليم. وقد شعرت شمس بالأمل ينفذ إلى حياتها مع تسجيلها ضمن برنامج يقدم مساعدات مالية للمهمّشين وتنفذه منظمة اليونيسف التابعة للأمم المتحدة.
تقول شمس: إن مساعدات اليونيسف النقدية غير المشروطة التي تدفع شهرياً لها مكّنتها من توفير الأساسيات، من مأكل ومشرب لها ولأطفالها، مع توقف صندوق الضمان الاجتماعي واشتداد الأزمة الحالية، وأن هذه المبالغ المنتظمة ساعدتها على إعادة أطفالها للمدارس وشراء الاحتياجات الأساسية والتخلي عن التسول وجمع العلب الفارغة.

والمهمشون فئة منسية في اليمن، وهم اليمنيون السود أوما بات يُعرف أخيراً بـ"المهمشين" كتوصيف أطلقته منظمات مدنية ضد العنصرية. ورغم أن عدد أفرادها يتجاوز 2.5 مليون نسمة من بين 25 مليونا يشكلون عدد سكان البلد، لكنها منبوذة من المجتمع وخارج حسابات الدولة.
والمهمشون محرومون من الوظيفة العامة ويعملون في نظافة الشوارع وجمع النفايات وتنظيف المراحيض والسيارات وفي المهن التي يعتبرها المجتمع اليمني دونية، فيما تمتهن نساؤهم وأطفالهم التسول.
وأجرت اليونيسف مسوحات على الفئات الأكثر فقراً وتضرراً في ظل الأزمة العاصفة بالبلد، والتي زادت الفقراء فقراً، وموّلت مشروع دعم الأسر المهمشة والأسر الفقيرة المحيطة بتجمعاتهم في العاصمة اليمنية صنعاء وفي محافظة تعز (جنوب).



واستهدف المشروع الذي انطلق في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، خمسة آلاف أسرة في أمانة العاصمة بصرف مبلغ 21500 ريال (حوالى 90 دولارا) شهرياً لمدة ستة أشهر لكل أسرة.

وقال مسؤول الإعلام في منظمة اليونيسف باليمن محمد الأسعدي: اعتمد البرنامج تسليم المساعدات للأسر التي لديها أطفال، وبواسطة الأم - ربة الأسرة - كونها الأحرص على إطعام أطفالها.

وقال الأسعدي لـ"العربي الجديد": "خلال الستة أشهر الماضية تم صرف ما إجمالي قيمته 645 مليون ريال للأسر المستفيدة في صنعاء عبر بنك الأمل وبإشراف من صندوق الرعاية الاجتماعية ورقابة فنية وميدانية من قبل شركة بردوجي للمسوحات.
وتجري الرقابة على التوزيع وعلى المستفيدين، والتأكد من أن المعونات ذهبت لما يخدم الأسر وخصوصا الأطفال".
وأوضح أن المشروع يستهدف في محافظة تعز 15000 أسرة. في المرحلة الحالية هناك 7500 أسرة تستلم المعونات النقدية شهرياً في المدنية وبعض مديريات المحافظة تعز.
وأكد أن منظمة اليونيسف تسعى جاهدة إلى إعادة تفعيل نظام التحويلات المالية للفقراء عبر صندوق الرعاية الاجتماعية وتوفير مبالغ تغطي مستحقات 2015 و2016 لأكثر من مليون ونصف المليون حالة، أي ما يقرب من ثمانية ملايين شخص، وهو ما يزيد عن 35% من السكان.
ومنذ بداية الحرب لم تستلم الحالات المسجلة في معاشات الضمان الاجتماعي التي يبلغ عددها 1.5 مليون حالة أي رواتب، على وجه الخصوص أهل المناطق الريفية البعيدة، مثل مناطق في محافظات حجة وصعدة (شمال)، ومناطق في ريمة وإب (وسط)، والكثير من القرى و"العزل" لم يتسلموا معاشات الضمان الاجتماعي التي تُصرف كل ثلاثة أشهر.

وتظهر معلومات صندوق الرعاية الاجتماعية توقف صرف الإعانات النقدية كلياً منذ بداية 2015، ما يعني تضرر حوالى 1.5 مليون حالة من الفئات الأشد حرماناً في المجتمع، منهم 34% من المسنين، و27% من العاطلين من العمل، وتمثل النساء اللاتي لا عائل لهن حوالى 24% من إجمالي عدد الحالات.

وفاقم وقف معاشات الضمان الأزمات المعيشة، نتيجة للوضع الاقتصادي المتدني وارتفاع الأسعار وزيادة معدل البطالة، خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي مرت بها اليمن منذ بدء توجيه التحالف العربي ضربات جوية للحوثيين في 26 مارس/ آذار الماضي.

ويعد برنامج التحويلات النقدية عبر صندوق الرعاية الاجتماعية الحكومي، الوحيد الذي يغطي 35% من السكان في اليمن. ويتلقّى كل مستفيد نحو 3800 ريال شهرياً (17.5 دولاراً).
وأظهر المسح الوطني لرصد الحماية الاجتماعية الذي نفّذته وزارة التخطيط ومنظّمة "يونيسف"، أن صندوق الرعاية الاجتماعية "يعد أكبر نظام تحويلات نقدية حكومي في اليمن والشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
وتفاقم عدد الفقراء في اليمن خلال أقل من عام، بسبب الحرب التي تشهدها البلاد، ليزحف الفقر إلى نحو 80% من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم 24 مليون نسمة. وبحسب تقرير حديث للبنك الدولي، فإن عدد الفقراء زاد من 12 مليون نسمة في أبريل/ نيسان 2015 إلى أكثر من 20 مليوناً الآن.
واعتبرت الأمم المتحدة الأزمة في اليمن بمثابة واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث تم تصنيفها في المستوى الثالث لعمليات الأمم المتحدة جنبا إلى جنب مع سورية والعراق وجنوب السودان.




المساهمون