تعثر قطاع المقاولات السعودي بسبب تراجع الإنفاق الحكومي

24 مارس 2016
العمال أكثر المتضررين من تعثر شركات المقاولات (فرانس برس)
+ الخط -
قدرت اللجنة الوطنية السعودية للمقاولين، ارتفاع نسبة المشاريع المتعثرة في السعودية إلى 40%، بسبب انسحاب الكثير من المقاولين من السوق نتيجة الخسائر التي تكبدوها، في ظل تقليص الإنفاق الحكومي، وتراجع حجم التمويل البنكي للقطاع.
وتوقع مختصون في المقاولات تواصل ارتفاع نسبة المشاريع المتعثرة، بعد أن بدأت الشركات في تسريح موظفيها لعدم قدرتها على دفع مرتباتهم الشهرية، خاصة في ظل رفض البنوك تقديم المزيد من القروض لها، بعد أن عجزت عن تسديد قروض سابقة.
وحسب إحصائيات رسمية، تجاوز الإنفاق الحكومي على قطاع الإنشاءات 300 مليار دولار في السنوات الخمس الماضية، وكانت الحكومة تنوي إنفاق ما يقارب 230 مليار دولار إضافية على هذا القطاع بحلول عام 2025، غير أن تراجع أسعار النفط أجبرها على تغيير هذه الخطط، وزاد من مشاكل تأخر وزارة المالية في تسديد دفعات المقاولين، لأكثر من ستة أشهر.
وأكد رئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، فهد الحمادي، أمس، أن "هناك 30% من المشاريع في السعودية متأخرة، إضافة إلى 10% توقف العمل فيها تماماً". وأرجع الحمادي هذا التعثر إلى "ضعف رقابة الأجهزة الحكومية، إضافة إلى شح التدفقات المالية والاعتمادات التي تصرف على المشاريع، إضافة إلى ترسية المشاريع على الأقل سعراً، ما يؤثر في تنافسية بعض المقاولين والنزول لأسعار متدنية".
وقال الحمادي، في مؤتمر صحافي أمس، إن "شركات مقاولات أجنبية انسحبت من السوق السعودية بسبب العقود، وتأخر الصرف والإشراف وعدم اتخاذ القرار".
وأضاف "هناك وعود من وزارة العمل وصندوق الموارد البشرية بإعادة المبالغ التي استُقطعت بصفة رسوم رخص العمل، وبدأ بعضهم بتسلمها، ونتمنى حل بعض العقبات لرد إجمالي هذه المبالغ المقدّرة بنحو 16 مليار ريال (4.2 مليارات دولار)".
وتواجه شركات المقاولات السعودية كثيراً من المخاطر، تهدد بإيقاف خدماتها، في ظل تأخر تسديد رواتب موظفيها.

ويعاني أكثر من 5.8 ملايين عامل يعملون في مجال البناء والتشييد من أزمة كبيرة، تتمثل في عدم حصول غالبيتهم على رواتبهم لعدة أشهر، بسبب الركود الذي يعيشه القطاع، جراء تقليل الحكومة للمشاريع خلال العام الحالي، نتيجة انهيار أسعار النفط عالميا بأكثر من 70% منذ شهر يونيو/حزيران عام 2014، ما أدى إلى تفاقم العجز في الموازنة السعودية لعام 2016 والمقدر بنحو 326 مليار ريال (87 مليار دولار)، وبالتالي دفع الحكومة إلى العديد من الإجراءات التقشفية.
وتأثرت شركات عملاقة مثل "بن لادن" و"سعودي أوجيه" و"العجل" بذلك التقشف، ووصلت قضايا عمالها لوزارة العمل، التي بدأت في إيقاع العقوبات القاسية على تلك الشركات، التي تمتلك أكثر من 70% من حصة المقاولات في البلاد.
ومن جانبه، يؤكد المختص في المقاولات، محمد الماركي، لـ"العربي الجديد"، أنه حتى لو دخلت شركات أجنبية في هذا القطاع للسوق فهي ستلجأ في نهاية المطاف للمقاول السعودي المتوسط والصغير للعمل كمقاول من الباطن، والذي يعاني كثيراً.
ويقول الماركي "إن الحل ليس في جلب شركات أجنبية، أو مساعدة الشركات الكبيرة للصمود، بل في دمج المئات من الشركات الصغيرة في كيان قادر على الإنتاج، للأسف الطريقة التي يدار بها قطاع الإنشاءات في السعودية قد لا تتواكب مع الواقع، فهو يساعد الشركات الكبيرة، ويهمل الصغيرة".
ويشدد على أن الحل يتمثل في اندماج شركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة لتشكل كيانات جديدة، فالسوق السعودية تحتمل أكثر من الشركات الموجودة حاليا.
وعلى الرغم من أن شركات المقاولات المسجلة تبلغ أكثر من 115 ألف شركة، إلا أن العاملة منها بشكل جدي لا يتجاوز الثلاثة آلاف شركة، غالبيتها تعمل بنظام المقاول بالباطن، وهي تقتات على ما تدفعه الشركات العملاقة التي تفوز بالمشاريع الحكومية، فيما تتستر البقية على تجارة التأشيرات.
وفيما شهد قطاع الإنشاءات تسارعاً كبيراً في النمو، خلال فترات سابقة، إلا أن اعتمادات عام 2015 بلغت نحو 82 مليار ريال (21.9 مليار دولار) أصبحت أقل بنحو 44% من التي اعتمدت في عام 2014 والبالغة 146 مليار ريال (39 مليار دولار).
وعلى الرغم من الإنفاق الحكومي الكبير على قطاع المقاولات، إلا أنه لا يسهم بأكثر من 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي وبلغت أعداد تراخيص البناء والتشييد من أنشطة المقاولات ما يزيد على 82500 ترخيص العام الماضي، حسب إحصائيات رسمية.



اقرأ أيضا: تعرفة المياه الجديدة تصدم السعوديين
المساهمون