تحاول الحكومة التركية تخفيف آثار الضربات الموجعة، التي تعرض لها قطاع السياحة، إثر الهجمات الإرهابية التي شهدتها مدن تركية خلال الفترة الأخيرة، فضلا عن عزوف السياح الروس في ظل توتر العلاقات بين موسكو وأنقرة.
وباتت السلطات التركية تتحدث عن خطط مبكرة للحفاظ على السياحة، عبر أسواق بديلة للدول، التي يتوقع أن يتراجع أعداد السائحين القادمين منها.
وانصب اهتمام المسؤولين الأتراك على تسويق الأماكن، التي كان يقصدها الروس والتركيز على سياح المنطقة العربية، في مساع لتعويض، ولو جزء مما سيتركه الروس وربما الأوروبيون.
وبحسب البيانات الرسمية التركية، بلغ عدد السياح الروس الذين زاروا تركيا في الفترة من يناير/كانون الثاني 2015 وحتى أيلول/سبتمبر نحو 4.1 ملايين شخص.
وكانت السلطات الروسية قد حظرت الرحلات السياحية إلى تركيا، في أعقاب إسقاط تركيا طائرة حربية روسية قرب الحدود مع سورية، قالت إنها اخترقت الأجواء الجوية التركية دون الاستجابة للتحذيرات.
وبينما ألقى القرار الروسي بظلال سلبية على السياحة في تركيا، شهدت إسطنبول وأنقرة هجمات إرهابية على مدار الشهرين الماضيين، مما زاد من مخاوف تراجع أعداد الوافدين خلال هذا العام ، حيث تشير بيانات مؤسسة الإحصاءات التركية الرسمية، إلى أن عدد الأجانب الذين زاروا تركيا خلال العام الماضي بلغ 36.25 مليون سائح.
وعقدت وزارة السياحة التركية، أخيراً، ورشة ضمت الجهات المعنية عن ولايات البحر الأسود التسع، شمال تركيا، التي كان يقصدها الروس (سينوب، سامسون، أوردو، غيراسون، طربزون، ريزا، أرتفين، غوموشهانة، وبايبورت) كخطوة أولى، تتبعها ورش أخرى في منطقة "إيجة" ومناطق جنوب شرق تركيا "آضنة وغازي عنتاب" بحسب ما أوردت صحيفة " صباح" التركية.
ونقلت الصحيفة عن وزير السياحة، ماهر أونال، قوله: "سيتم دعم فروع السياحة البديلة في هذه المناطق عبر دفع نصف النفقات، التي تصرفها الشركات السياحية للإعلانات الرامية إلى استقطاب السياح، فضلاً عن افتتاح مكاتب استشارية سياحية يجيد موظفوها اللغتين العربية والإنجليزية".
وأضاف الوزير أن بلاده تتعرض لحملة تشويه واسعة منذ ثلاثة أعوام، يقودها الكيان الموازي الذي يروج في 130 دولة ينشط فيها، أن تركيا بلد غير آمن، وأن الشركات تتعرض لأزمات مالية وأن 1300 فندق اقترب من الإفلاس.
اقرأ أيضاً: قيود السفر لتركيا تثير مخاوف شركات السياحة العراقية
وبدأت وسائل إعلامية محسوبة على ما يسمى "الكيان الموازي"، الذي يتزعمه فتح الله غولن، بالترويج لتراجع أداء الاقتصاد التركي وهروب رؤوس الأموال وإفلاس الشركات وإغلاق الفنادق.
وأوردت صحيفة "طرف" المعارضة، أن حجم رؤوس الأموال التي هجرت تركيا العام الماضي بلغ 69 مليار دولار، بسبب تراجع المناخ الاستثماري، وأن 5.1 مليارات دولار لمستثمرين أتراك أقيمت في الخارج.
وتضخ وكالة "جيهان"، المحسوبة على الكيان ذاته، بشكل يومي أخباراً حول تراجع السياحة والاستثمار، وإغلاق المنشآت الصناعية والفنادق. وبثت الوكالة أخيراً، نقلاً عن مجموعة "تي يو تي"، أكبر شركة سياحية في العالم، أن الحجوزات الصيفية إلى تركيا تراجعت بنسبة 40% بسبب مخاوف أمنية في البلاد.
ودفعت هذه الحملات الحكومة التركية، بحسب الاقتصادي خليل أوزون، إلى بدء خطوات من شأنها الترويج باكراً لموسم سياحة 2016.
وقال أوزون، في تصريح لـ"العربي الجديد" : "لن يكون موسم السياحة هذا العام كسابقه، نظراً لفقدان السياح الروس وأثر العمليات الإرهابية، التي ضربت إسطنبول وأنقرة وديار بكر، لكن هذا لا يعني خسارة السياح الأوروبيين والعرب الذين تعول عليهم تركيا هذا العام".
وأضاف أن الحكم على قدوم السياح ما زال مبكراً الآن، ويتعلق بما ستؤول إليه الأحداث على الحدود السورية وتحقيق الأمن في المدن السياحية، لأن السياحة أكثر القطاعات الاقتصادية تأثراً بحالة الاستقرار.
وأشار إلى أن السياح العرب ما زالوا يتدفقون إلى تركيا، ووصلت نسبة السياحة العربية، خاصة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت، نحو 60% من السياحة الأجنبية والمحلية، وخاصة في المناطق التي يتم الترويج لها في ولايات البحر الأسود.
وكان رئيس منظمة السياحة العربية، بندر فهد آل فهيد، قد تعهد بجلب مزيد من السياح العرب إلى تركيا، لتعويض ما سينجم عن العقوبات الروسية تجاه السياحة في تركيا.
وقال آل فهيد، وفق حديث لوكالة "الأناضول" مؤخراً، إنه سيتم اتخاذ العديد من الخطوات من أجل تعزيز السياحة الطبية، والتي تشهد إقبالاً كبيراً من الدول العربية.
وأشار إلى أن 2.4 مليونَي سائح يتوافدون إلى تركيا سنويا من البلاد العربية، مبينا أن حجم نفقاتهم تبلغ أكثر من 4 مليارات دولار.
وتقول فاطمة غول، العاملة في شركة سياحية في منطقة تقسيم في إسطنبول: "لا يمكن تقييم الموسم السياحي الآن، وربما يتم تعويض التراجع الذي سيخلقه السياح الروس من البلاد العربية والأفريقية".
وأشارت في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى بدء الترويج للسياحة التركية في دول الأميركتين، حيث تقدم الشركات عروضا مغرية منذ الآن، سواء ما يتعلق بأسعار الرحلات أو الإقامة الفندقية.
اقرأ أيضاً:
تركيا تراهن على السياح الأوروبيين لتعويض الروس
شظايا تفجير تفجير إسطنبول تضرب السياحة التركية