إعادة 13 مليار دولار لـ"بن علي" ضربة لثورة تونس

11 يونيو 2015
مواطنون يحملون لافتات ضد زين العابدين بن علي (الأناضول)
+ الخط -
أصدر القضاء التونسي، أمس الأربعاء، حكماً يقضي بإلغاء المرسوم الرئاسي المتعلق بمصادرة أموال وأصول الرئيس التونسي المخلوع، زين العابدين بن علي وأقاربه، بعد طعن أفراد من عائلته في المرسوم الصادر في مارس/آذار 2011 عقب الثورة التي أطاحته.
وقدرت الحكومة، القيمة الإجمالية للممتلكات المصادرة للرئيس المخلوع وعائلته وأصهاره بقرابة 13 مليار دولار. وتتوزع هذه الأملاك المصادرة ما بين شركات ويخوت وعقارات وسيارات فاخرة وغيرها.
وبررت مصادر قضائية الحكم الصادر لعدم عرض القرار الرئاسي الخاص بمصادرة أموال بن علي وأقاربه على مجلس النواب المنحل وعدم المصادقة عليه من قبل المجلس الوطني التأسيسي. وقال مصدر قضائي إن قرار المحكمة جاء بعد طعن تقدم به محامو بلحسن الطرابلسي، شقيق ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس المخلوع، الذي فرّ إلى كندا عقب ثورة 2011، وأضاف أن بإمكان الحكومة استئناف الحكم. وحسب مصادر رسمية "من المنتظر أن تقوم الحكومة بالطعن في هذا الحكم بالاستئناف وتصحيح الإجراءات".
وقال حاتم العِشي، وزير أملاك الدولة، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية "وات": إن المحكمة الإدارية قضت "بإلغاء المرسوم المتعلق بالمصادرة". ووصف الحكم بأنه "قرار خطير جدا" و"صادم كثيرا"، وأكد عزم الحكومة الطعن في الحكم الصادر.
ومثل الحكم صدمة كبيرة للأوساط السياسية والاقتصادية في الوقت الذي كانت تتأهب فيه هيئة الحقيقة والكرامة لمساءلة مسؤولين في النظام السابق.
وعلّق الخبير الاقتصادي محمد الجراية على قرار المحكمة الإدارية في تصريح لـ"العربي الجديد" بأن هذا القرار كان متوقعا لأن مرسوم المصادرة تم في ظروف استثنائية إبان حكومة محمد الغنوشي ولم يعرض على أي مؤسسة تشريعية، وهو ما جعل القضاء يبطل مفعوله وفق تعبيره.

وأضاف الجراية أن الحكومة أمام خيارين، إما إرجاع الشركات والمنقولات والعقارات إلى أصحابها الذين سيتولون ضخ أموال جديدة فيها لإعادتها إلى الدورة الاقتصادية ،أو أنها ستتمسك بحقها في المحافظة على المؤسسات المصادرة وهو ما سيكون له انعكاسات مالية قاسية على ميزانية الدولة على حد تعبيره، باعتبار أن أصحاب المؤسسات والأملاك سيطالبون بجبه الضرر.
وعقب ثورة 2011، التي أنهت 23 عاما من حكم بن علي، أصدرت الحكومة قرارا صادرت بموجبه أملاك 114 شخصا من بينهم بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي، ورجال أعمال مقربون منه، إضافة إلى عدد من كبار معاوني نظام الرئيس المعزول.
وقال القاضي بالمحكمة الادارية أحمد صواب، إن الحكم بإلغاء قرار المصادرة قد يكلف الدولة تعويضات بمليارات الدولارات.
وبلغ عدد الشّركات المصادرة التي تمّت إحالتها خلال الفترة الممتدّة بين 24 أغسطس/آب 2011 ونهاية يناير/كانون الثاني 2014 من لجنة المصادرة إلى لجنة التصرف 527 شـركـة موضـوع 828 قرار مصادرة.
وتتأتّى المساهمات المصادرة لفائدة الدولة من 144 شخصاً طبيعياً، منهم 87 شخصا وردت أسماؤهم بقائمة الـ 114 التي جاء بها المرسوم عدد 13 لسنة 2011، و57 شخصا طبيعيا ممّن تربطهم بالأساس علاقة قرابة قوية بالأشخاص الذين وردت أسماؤهم بالمرسوم الرئاسي.

اقرأ أيضا: يحيا العدل

وتبلغ القيمة الاجمالية لمساهمة الدولة في الشركات المصادرة 696 مليون دينار (366 مليون دولار)، في حين تقدر القيمة الإجمالية للأملاك والشركات المصادرة بحدود 1862 مليون دينار (980 مليون دولار).

وبلغ مجموع قرارات المصادرة المتعلّقة بحقوق ملكيّة مصادرة من الأشخاص الطبيعيين التي تلقّتها لجنة التصرف في هذه الممتلكات نحو 518 قرارا حتى نهاية سنة 2013. ويبلغ عدد السيارات والعربات المصادرة 110.
وسعت الحكومة التونسية على امتداد السنوات الماضية إلى الانتفاع من هذه المؤسسات والأملاك إما بالتفويت فيها لمجموعات اقتصادية تونسية أو التصرف بها عن طريق مسؤولين يعينهم القضاء.
وتشكو العديد من المؤسسات التي لا تزال تحت تصرف الدولة وضعا ماليا صعبا بسبب تراجع عائداتها ومطالبة العاملين فيها بمستحقاتهم المالية التي لم يتمكنوا من الحصول عليها زمن بن علي، بالإضافة إلى الديون المصرفية الكبرى المستحقة بذمم هذه الشركات. وتمكنت الدولة في السنوات الثلاث الماضية من استعادة 34 سيّارة تزيد قيمتها عن المليون دينار تونسي.
وبلغت قرارات المصادرة بالنسبة للمحافظ المالية نحو 56 قرارا تعلّقت بـ 34 شخصا طبيعيا وشركة وهي مؤسسات ذات مردودية عالية كانت قريبة من دوائر الحكم قبل إطاحة حكم بن علي.
وحول المؤسسات المصادرة التي تم التفويت فيها لفائدة بعض المجموعات الاقتصادية التونسية، قال رجل القانون وسام السعيدي في تصريح لـ "العربي الجديد": إن الدولة مطالبة وملزمة بالتعويض للمالكين الحقيقيين لهذه المؤسسات.
أما بخصوص الأملاك التي لا تزال تحت تصرف الدولة ولم يتم التفويت فيها، فأشار السعيدي إلى أن الحكومة مجبرة على إعادتها لأصحابها معتبرا أن هذه مسألة ليست بالبدعة القانونية.
وفي ما يتعلق بالمؤسسات المصادرة والتي عرفت تراجعا في رقم معاملتها، فقد أكد السعيدي أن من حق أصحاب المؤسسات المطالبة بالتعويض من الدولة على أساس الخطأ والتقصير.
ورغم كل الجهود التي بذلتها الحكومات المتعاقبة لاسترجاع الأموال المنهوبة والمهربة، كانت الحصيلة هزيلة ولم تتمكن الدولة التونسية إلا من استرجاع صك من مصرف لبناني في حدود 28 مليون دولار، ويبدو أنه كان مجرد حساب مهجور لزوجة الرئيس التونسي السابق ليلى الطرابلسي، ويختاً من إسبانيا وآخر من إيطاليا.
ويصف المتابعون للشأن العام في تونس أن قرار المصادرة كان من بين أهم القوانين النابعة من جوهر مطالب الثورة بتونس، وهو الذي مكن من إرجاع عديد الممتلكات التي استولت عليها أطراف مقربة من نظام المخلوع إلى الشعب.

اقرأ أيضا: القضاء التونسي يلغي مصادرة أملاك بن علي وأقاربه
المساهمون