نظيف وغالي متهمان في أكبر قضية فساد مالي بمصر

14 ابريل 2015
رئيس الوزراء المصري الأسبق أحمد نظيف (أرشيف/Getty)
+ الخط -


كشف تقرير قضائي مهم صادر عن مكتب فني رئيس هيئة النيابة الإدارية المصرية عن أكبر قضية فساد مالي وإداري داخل الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، تورط فيها أحمد نظيف، رئيس الوزراء المصري الأسبق، ويوسف بطرس غالي، وزير المالية الأسبق، حيث تلاعباً بمليارات الجنيهات من أموال الموازنة العامة، ورئيسا الهيئة السابقان ووكيل أول وزارة المالية، الذين أهدروا مئات الملايين من أموال الأرامل واليتامى والعجزة والمصابين.

بعرض أوراق القضية على المستشار عناني عبد العزيز رئيس هيئة النيابة الإدارية أمر بإحالة نظيف وغالي للنيابة العامة، وإحالة بقية المتهمين للمحاكمة.

455.5 مليار جنيه

وحسب تحقيقات المستشارين تيسير المحمدي وحسام رأفت بإشراف المستشار سامح كمال مدير مكتب فني رئيس هيئة النيابة الإدارية فقد تبين وجود مديونية مستحقة على وزارة المالية لصالح صندوقي التأمين الاجتماعي عن المبالغ التي حصلت عليها الوزارة من أموال التأمينات والمعاشات بلغت، حسبما ورد بتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، 455.5 مليار جنيه بنسبة 93.6% من أموال التأمينات.

وحسب التحقيقات " كان يتعين عدم التعدّي على هذه الأموال أو الأرباح المترتبة عليها خلال استثمارها بالطريقة التي كانت تدار بها هذه الأموال، قبل استدانتها من وزارة المالية، إبان دمج وزارة المالية والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لصندوقيهما تحت قيادة وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي"، وهو ما ترى النيابة فيه غلواً في تجميع القيادة لوزارتين بينهما مصالح متضاربة، مما لا يضمن استقامة العمل واستقلاليته ويحيي نظام حكم الفرد، وهو ما أظهرته التحقيقات في المخالفات على النحو المبين بالأوراق، حتى إنه انعكس على دور الرقابة المالية قبل الصرف من مندوبي وزارة المالية على الأعمال المالية داخل صندوقي التأمين الاجتماعي، بما رأت معه النيابة إرسال صورة من مذكرة التصرف إلى رئيس الوزراء، للنظر في الإجراءات اللازمة لتدارك هذا الأمر ومنع تكراره مستقبلاً.

مليار جنيه مكافآت

وأسفرت تحقيقات هيئة النيابة الإدارية بمصر عن انه تم صرف مكافآت وبدلات لبعض العاملين بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي - صندوق العاملين بقطاع الأعمال العام والخاص وصندوق العاملين بالقطاع الحكومي ومساعدي ومستشاري وزير المالية وبعض أعضاء مجلس إدارة الهيئة بنحو مليار جنيه، خلال عامي 2010 /2011، وتحمل الصندوقين للضرائب المستحقة عليها طبقاً لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات للرقابة المالية وتقويم الأداء للهيئة القومية الاجتماعي المؤرخ في 9/2/2014.

153 مليون جنيه

أكدت أماني سعد محمود - مراقب حسابات بالجهاز المركزي للمحاسبات - أن صرف المكافآت للعاملين ولمساعدي وزير المالية والمستشارين في الفترة من 1/7/2010 حتى 28/2/2011 كانت بالمخالفة للمادة 123 من اللائحة التنفيذية لقانون الموازنة العامة للدولة رقم 53 لسنة 1973، والتي حددت أن يكون صرف المكافآت التشجيعية في حدود من يؤدون أعمالاً وجهوداً مميزة، وأن ما صُرف من مكافآت تشجيعية بلغ 153.6 مليون جنيه وأن التوسع في تشكيل اللجان لم يكن له ضرورة، وأن أعضاء اللجان كانت كبيرة لا تتناسب مع الأعمال المطلوبة ومخالفة للمادتين 47 و122 من القانون المشار إليه والمادة 14 من لائحة قانون الضرائب.

إبلاغ النيابة العامة

وحسب تقرير هيئة النيابة الإدارية فإن تلك المخالفات تشكل في الوقت ذاته جرائم عامة مؤثمة بنصوص المواد 113 عقوبات بتسهيل الاستيلاء على المال العام للشركات المتعاقد معها والمرتبطة بالجريمة المؤثمة بالمادة 116 مكرر عقوبات بشأن الإضرار العمدي بممتلكات وأموال الجهة التي يعمل بها وجريمة التربح المؤثمة بنص المادة 115 عقوبات، وهو الأمر الذي رأت معه النيابة الإدارية إبلاغ النيابة العامة لإعمال شؤونها للاختصاص.

وتضمنت تحقيقات المستشارين تيسير المحمدي وحسام رأفت بإشراف المستشار سامح كمال مدير مكتب فني رئيس هيئة النيابة الإدارية أن يوسف بطرس غالي وأحمد نظيف تعاقدا بالأمر المباشر بمبلغ 1.35 مليون دولار مع شركة يوز آند كومباني في 18/10/2009 لعمل هيكل إداري ووظيفي لصندوق الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات.

كذلك تعاقدا بالأمر المباشر مع شركة آي فايننس بشروط مجحفة وذلك بسداد 100% كدفعة مقدمة، بالمخالفة لأحكام المادة 69 من اللائحة التنفيذية للقانون، والتعاقد على الصيانة بالدولار في الصندوق الحكومي، والاعتماد على الشركة المذكورة في تنفيذ أعمال تزيد عن 31 مليون جنيه تتحملها موازنة صندوق التأمين الاجتماعي للعاملين بالقطاع الحكومي، رغم عدم وجود ضرورة للإسناد بالأمر المباشر، وكذلك التعاقد مع الشركة ذاتها بخصوص البطاقات الإلكترونية لصرف المعاشات لمدة 14 شهراً بالمخالفة للقانون.

اقرأ أيضا:
تبرئة الفساد

كذلك تبين من التحقيقات بإشراف المستشارين محمد كمال ومحمد مرسي، وكيلي المكتب الفني، أن يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق وافق على شراء 36 حاسباً شخصياً بمبلغ 43380 جنيهاً من شركة أسمى جروب بتاريخ 19/5/2009 من دون ضرورة، بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات، وأصدر قرارات بتشكيل 13 لجنة بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، ضمّنها بصفة متكررة أسماء مساعديه ومستشاريه والعاملين بوزارة المالية، مما ترتب عليه صرف مبالغ بلغت جملتها 760641 جنيهاً من دون وجه حق، ووافق أيضاً على صرف مبلغ 860502 جنيه مكافآت وبدلات حضور جلسات مجلس إدارة الهيئة رئاسته عن الأعوام من 2009 وحتى يناير/كانون الثاني 2011 بالمخالفة لقرار مجلس الوزراء رقم 2226 لسنة 1994.

جهاز المحاسبات

استندت النيابة الإدارية في قرار احالة نظيف وغالي للمحاكمة إلى تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الخدمات الحكومية والمستندات التي تكشف عن إسناد العديد من الأعمال بالأمر المباشر، بموجب مذكرة عرض من وزير المالية على رئيس الوزراء، مخالفين بذلك الأصل المتبع، وفقاً لما تنص عليه مواد قانون المناقصات والمزايدات رقم 89/98، إذ إن المادة 7 من القانون أجازت التعاقد بالأمر المباشر في الحالات العاجلة، وأن ترفق عروض أسعار بأوراق العملية لبيان مناسبة السعر، وفقاً للمادة 50 من اللائحة التنفيذية، وآية ذلك التعاقد مع شركة يوز آند كومباني في 18/10/2009 بالأمر المباشر وشركة دي فاينتس في الفترة ذاتها ومن دون توافر حالة ملحة وضرورية للجوء للتعاقد بالأمر المباشر.

أموال الأرامل واليتامى

وقالت النيابة الإدارية إن التحقيقات والأوراق كشفت عن أن الغرض من نقل تبعية الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بصندوقيها من وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية، وهي ما يطلق عليه حالياً وزارة التضامن إلى وزارة المالية بالقرار الجمهوري رقم 422 /2009 لم يكن سوى للإشراف على أموال هذه الصناديق ونقل تبعيتها والتصرف فيها لوزير المالية آنذاك وهو يوسف بطرس غالي، كي يتمكن من الصرف منها على النحو الذي يتراءى له من دون حسيب أو رقيب، وأنه قد ترتب على ذلك شكاوى عديدة من الأرامل واليتامى والعجزة والمصابين من جراء الجور على أموالهم، وهو أمر لا يخفى على أحد، إذ تناولت وسائل الإعلام ذلك مدة طويلة، ولما كان كذلك فإن الأمر يستلزم إحاطة رئيس مجلس الوزراء للنظر، واتخاذ ما يلزم بشأن الحفاظ على تلك الأموال ووضع الضوابط اللازمة لعدم تكرار ما حدث من مخالفات.

الاتهامات

وأكدت مذكرة المكتب الفني لرئيس هيئة النيابة الإدارية التي أعدها المستشار حسام رأفت قد أكدت أن باقي المتهمين وهم علي محمود نصار، رئيس صندوق العاملين بالقطاع الحكومي بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، "وكيل أول وزارة"، وثريا فتوح عبد الحميد شلبي، رئيس صندوق العاملين بالقطاع الأعمال العام والخاص "وكيل أول وزارة"، وهشام عبد المحسن قنديل رئيس قطاع الحاسب الآلي بصندوق العاملين بالقطاع الحكومي بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي "وكيل أول وزارة" خلال الأعوام من 2009 حتى عام 2011، وبدائرة عملهم بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة، وأهملوا وقصدوا الإضرار بمصلحة مالية للدولة وخالفوا القوانين والقرارات واللوائح المالية المعمول بها في أحكام القانون.

صالة الحاسب الآلي

كشفت التحقيقات أن المتهمين الأول والثاني عرضا على وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي صرف مبلغ جملته 860.5 ألف جنيه مكافأة بدلات حضور جلسات مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لعدد ست جلسات حتى يناير/كانون الثاني 2011 بالمخالفة لقرار الوزراء رقم 2226 لسنة 1994 بتشكيل مجلس إدارة الهيئة، وتقاضى كل منهما مبلغ 12 ألف جنيه مكافأة لجنة استلام صالة الحاسب الآلي، وذلك بالموافقة لنفسيهما وكذلك الآخرين بما جملته 48 ألف جنيه من دون وجه حق، رغم عدم عضويتهم في لجنة الاستلام وذلك في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2010، كما قاما بتشكيل لجنة استثمار أموال التأمينات حال عدم اختصاصهما، مما أدى إلى صرف مكافآت بمبلغ 16 ألف جنيه عن اجتماعات اللجنة عام 2010 من دون مقتضى.

وتقاضى المتهم الأول منفرداً مكافآت بالموافقة لنفسه وبلغ ما أمكن حصره مبلغ 256010 جنيه خلال الفترة من عام 2009 حتى فبراير/شباط 2011 بالمخالفة لتعليمات وزير التنمية الإدارية ومن دون موافقة السلطة الأعلى المختصة.

ووافقت المتهمة الثانية لنفسها على صرف حافز شهري بمبلغ 2750 جنيهاً صرف خلال الفترة من إبريل/نيسان 2010 حتى فبراير/شباط 2011 بما جملته مبلغ 30250 جنيهاً وذلك بإصدارها القرار 712 لسنة 2010 من دون موافقة السلطة المختصة والمتضمن صرف مبلغ ألفي جنيه لوكيل مكاتب المناطق لصندوق التأمينات بالمخالفة للتعليمات.

كذلك وافقت لنفسها على صرف مبلغ 5 آلاف جنيه مكافآت لجنة إعلان الوظائف رقم 3 لسنة 2010 في حال ضمن المتقدمين في وظيفة رئيس الصندوق وكذلك مبلغ 24500 جنيه مكافأة مشروع موازنة الصندوق لعام 2011/2012 وختامي 30/6/2011 بالمخالفة للتعليمات ومن دون قواعد للصرف.

مكافآت المستشارين

وجاء في أوراق القضية أن المتهمة وافقت على صرف مكافآت ما أمكن حصره في مبلغ 185946,31 جنيه لبعض العاملين بالإدارات عن موازنة الصندوق عن عام 2011/2012 وختامي 30/6/2010 من دون مشاركتهم في هذه الأعمال ومن دون قواعد للصرف، ووافقت أيضاً على صرف مكافأة بمبلغ 22100 جنيه حافز لممثلي وزارة المالية ومستشاري مجلس الدولة عن اللجنة الفنية للمقاولات وممارسة إيجار البرامج من الفترة من نوفمبر/تشرين الثاني 2010 وحتى فبراير/شباط 2011 من دون سند قانوني وكذلك مبلغ 24 ألف جنيه مكافأة للعاملين بلجنة الفتوى بوزارة المالية ومستشاري مجلس الدولة في 10/8/2010 من دون سند قانوني.

معايير الصرف

ووافقت لنفسها على صرف مبلغ 69700 جنيه مكافآت عن الاشتراك في لجان خلال الفترة من يوليو/تموز 2010 حتى يناير/كانون الثاني 2011 حال عدم وجود قواعد أو معايير للصرف، وقامت بتشكيل لجنة متابعة الدعاوى الدستورية بالقرار 310 لسنة 2010 ووافقت على صرف مبلغ ما أمكن حصره في 167150 جنيهاً مكافآت لأعضائها في الفترة من يوليو/تموز 2010 حتى يونيو/حزيران 2011 رغم اختصاص الشؤون القانونية بالهيئة بذلك.

السلطة المختصة

ووافقت على صرف مكافآت لبعض العاملين عن أعمال لجان حال عدم عضويتهم فيها بما جملته 41550 جنيهاً من دون قواعد إعداد معايير للصرف، كما وافقت على صرف مبلغ 93200 جنيه مكافآت لأعضاء لجنة إعداد اللائحة التنفيذية للقانون رقم 135 لسنة 2010 من دون وجود قواعد أو معايير للصرف من السلطة المختصة، ووافقت على صرف مبلغ 57000 جنيه مكافآت لأعضاء اللجنة المشكلة بالقرار 257 لسنة 2010 عن إعلان الوظائف رقم 4 لسنة 2010 بصورة مبالغ فيها ومن دون وجود ضوابط للصرف من السلطة المختصة.

مخالفة القرارات

كذلك تبين أن المتهمة وافقت على صرف مبلغ 41049 جنيهاً لأعضاء لجنة من العاملين بالصندوق الحكومي ولأعمال تتعلق بالصندوق الأخير ولا تتعلق بصندوق العاملين بالقطاع العام والخاص، ووافقت على صرف مبلغ 372641 جنيهاً مكافأة للعاملين بإدارات الحاسب الآلي وبعض الإدارات بالصندوق عن ذات أعمالهم الأصلية ووافقت أيضاً على صرف مبلغ 210547,95 جنيهاً مكافآت لبعض ممثلي الصندوق بمجلس إدارة بعض الشركات حال عدم ورود مكافآت عضوية لهم من هذه الشركات، بالمخالفة لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 606 لسنة 2008.

20 مليون جنيه

ووجهت مبلغ 20 مليون جنيه من حساب الأجور بموازنة الصندوق لتمويل الحساب الخاص بالرعاية الاجتماعية للعاملين بالصندوق، بالمخالفة لقانون الموازنة والتأشيرات العامة للعام المالي 2010 /2011.

وجاء بأوراق القضية أن المتهم الثالث حصل على مبلغ عشرة آلاف جنيه عن لجنة استلام صالة الحاسب الآلي بصندوق التأمينات والمعاشات خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول 2010 رغم عدم عضويته بلجنة الاستلام.

وانتهت التحقيقات إلى إحالة المتهمين الثلاثة للمحاكمة التأديبية مع إبلاغ النيابة العامة بما انطوت عليه الأوراق من جرائم عامة.

إخطار رئيس الوزراء

أمرت النيابة الإدارية بإعمال أوجه التعليمات المالية والإدارية لإجراء التصويب اللازم في ضوء ما كشفت عنه التحقيقات وسطر بمذكرة التصرف، وإرسال صور من مذكرة التصرف إلى رئيس الوزراء لاتخاذ ما يلزم حيال المخالفات الواردة بالقضية ووضع الآليات التي تضمن الحفاظ على أموال الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وتفعيل الرقابة المالية قبل الصرف، في ضوء ما كشفت عنه التحقيقات من قصور وخلل في هذا الشأن.

216.6 مليون جنيه

وقررت النيابة الإدارية التحقيق في وقائع صرف مكافآت وبدلات بصندوق العاملين بالقطاع الحكومي بمبلغ 216.5 مليون جنيه لبيان حدود المسؤولية التأديبية لرئيس صندوق العاملين والقطاع الحكومي بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي الأسبق علي محمود نصار بشأنها.

اقرأ أيضا:
عندما يهيمن العسكر على الاقتصاد
مصر.. الفساد يأكل المؤسسة العمالية
مصر: أصحاب المعاشات يرفعون شعار "الفساد هو الإرهاب"
الخليج الأقل فسادا عربيا والدنمارك الأفضل عالميا

المساهمون