تنسيق أوروبي تركي لضمان أمن إمدادات الطاقة

23 مارس 2015
إسطنبول ستصبح مركزاً تجارياً مهماً بين أوروبا والدول العربية(أرشيف/Getty)
+ الخط -

وسط ظروف عدم الاستقرار السياسي والنزاعات المسلحة التي تعيشها المناطق الغنية بالطاقة في دول الشرق الأوسط وبعض أجزاء آسيا، تبرز تركيا بموقعها الجغرافي الوسيط واستقرارها السياسي وعلاقاتها الإستراتيجية مع أميركا وأوروبا الغربية، كضامن موثوق به لأمن الطاقة العالمي، وذلك بحسب ما يقول خبراء طاقة غربيون.

وتشير ورقة حول استراتيجية الطاقة التركية التي وضعت تصوراً للطاقة حتى عام 2023،

إلى أن تركيا تتوسط الدول التي تملك زمام الطاقة في العالم، وتقدر ثرواتها بنحو 71.8% من احتياطي الغاز الطبيعي، و72.7% من احتياطي النفط العالمي.

ويلاحظ أن العديد من هذه الدول تعيش أوضاعاً سياسية هشة وحروبا ونزاعات متفجرة يمكن أن تعطل وصول إمدادات النفط والغاز الطبيعي إلى العالم في أية لحظة.

وإضافة إلى هذا الموقع الوسيط، فإن تركيا عضو في حلف دفاع الأطلسي" الناتو" ويمكن أن تلعب دوراً حيوياً في استقرار مناطق النزاع الساخنة في المنطقة العربية. كما أن لأنقرة علاقات قوية مع المجموعة الأوروبية والولايات المتحدة.

وبالتالي، فإن توجه تركيا لاستغلال هذه الظروف لتصبح مركزاً لتجارة الغاز والنفط شجع المجموعة الأوروبية، لوضعها أحد البدائل المهمة لتنويع مصادر الطاقة، خاصة الغاز الطبيعي الذي تستخدمه روسيا للي ذراع أوروبا في القرارات الاستراتيجية.

 ومن هذا المنطلق دشنت المجموعة الأوروبية خلال الأسبوع الماضي "آلية حوار الطاقة المشترك بين بروكسل وأنقرة على مستوى الوزراء".

وحسب البيان الصادر في كل من بروكسل وأنقرة، فإن الحوار سيهدف إلى توسيع نطاق التعاون بين تركيا والمجموعة بشأن مشاريع نقل الطاقة وتمويل البنى التحتية.

وترى المجموعة الأوروبية أن" تركيا معبر طبيعي للطاقة وتطويرها كمركز وسيط للطاقة يربط بين الدول العربية وبحر قزوين وأسواق المجموعة الأوروبية سيخدم مصلحة أسواق الطاقة في أوروبا".

وفي الواقع، فإن دراسات المجموعة الأوروبية اتجهت نحو إيجاد بديل موثوق به لتنويع مصادر الطاقة بعيداً عن روسيا منذ احتلالها جزءاً من أوكرانيا.

وتعتقد المجموعة الأوروبية وفقاً لوثيقة "منظور استراتيجية الطاقة الأوروبية حتى عام 2050"، أن هنالك نقاطا عديدة تجمع بين تركيا والمجموعة الأوروبية بشأن أمن الطاقة.

أولى هذه النقاط: أن كلاً من تركيا والمجموعة الأوروبية وضعت أهدافاً بعيدة المدى لتأمين إمدادات الطاقة، وبالتالي فلا بد من تطوير منظور مشترك.

وفي مقابل منظور الطاقة الأوروبي، وضعت تركيا استراتيجية الطاقة حتى عام 2023. ولاحظت بروكسل أن كلا المنظورين متشابهين، من حيث التأكيد على تنويع مصادر الطاقة واستخدامات الطاقة البديلة واستخدام التقنية في كفاءة استهلاك الطاقة.

وثانياً: هنالك اتفاق بين أنقرة وبروكسل حول ضرورة تكامل أسواق الغاز والكهرباء بين تركيا ودول المجموعة الأوروبية، وهو ما يعني مستقبلاً ربط أنابيب الغاز الطبيعي بينهما وربط شبكات التوصيل الكهربائي.

أما النقطة الثالثة والأهم، فهي التعاون في مجال الغاز الطبيعي وتحديداً فتح سوقي الغاز الطبيعي الأوروبي والتركي على بعضهما بعضا. ويشمل التعاون كذلك، مد أنابيب نقل الغاز الطبيعي عبر تركيا إلى أوروبا.

وترى آلية الحوار ضرورة توحيد عقود الغاز الطبيعي والتي تشمل الرسوم والأسعار. وكذلك التعاون في تمويل أنابيب ذات سعة كبيرة تتمكن من تحمل نقل الزيادة المتوقعة في استهلاك الغاز الطبيعي في تركيا وأوروبا خلال العقود المقبلة.

وهذه النقطة تحديداً ستسهل على تركيا مشروعها الخاص بـ"مركز تجارة الغاز العالمي".

وعلى صعيد الغاز المسال نصت الوثيقة على بناء منشآت لاستقبال ومعالجة شحنات الغاز المسال وبناء مستودعات للتخزين في تركيا ودول المجموعة الأوروبية.

وترى بروكسل أن تجميع خطوط نقل الغاز الطبيعي من دول بحر قزوين ودول عربية مضطربة سياسياً إلى تركيا، ومن ثمة تقوم تركيا بنقل الغاز الطبيعي عبر اليونان إلى أوروبا أفضل كثيراً من الاعتماد على وصول هذه الإمدادات من مناطق توجد بها نزاعات مسلحة مثل العراق وسورية ودولة ذات عداء مع الغرب مثل إيران وروسيا.

ويقول محللو طاقة أوروبيون، أنه في حال اكتمال استراتيجية تركيا لتجميع وتصدير الغاز الطبيعي، فإن واشنطن وأوروبا ستتعاونان على إعطاء تركيا دوراً أكبر في استقرار منطقة الشرق الأوسط.

ومن أبرز المطالبين بمثل هذا الدور وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر الذي أسس معهداً للطاقة في جامعة "رايس" بتكساس.

وحتى الآن تمكنت تركيا من مد مجموعة خطوط الأنابيب لنقل الطاقة من بحر قزوين والعراق وإقليم كردستان وإيران، وهنالك خطط جارية لنقل الغاز الروسي إلى تركيا لتصديره إلى أوروبا عبر خط غاز" تُركيش ستريم" وذلك وفقاً للمحادثة الأخيرة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
 
كما دشن أخيراً إنشاء خط أنابيب "تاناب" العابر للأناضول الذي سينقل نحو 16 مليار متر مكعب من الغاز الأذري (10 مليارات متر مكعب إلى أوروبا، و6 مليارات متر مكعب إلى تركيا) بحلول عام 2019 تحت إشراف تركي.

أهم خطوط نقل الطاقة

من بين أهم خطوط نقل الطاقة التي اكتمل إنشاؤها، خط أنابيب "باكو تبليسي جيهان"، وهذا الخط ينقل النفط من حقول أذربيجان عبر جورجيا إلى تركيا.

 وهذا الخط الذي يرمز له اختصارا باسم" بي تي سي"، ينقل حوالى مليون برميل يومياً ويبلغ طوله 1760 كيلومتراً.

 وانضمت كازاخستان إلى اتفاقية نقل الطاقة عبر هذا الخط في عام 2006. أما الخط الثاني فهو خط " بكو تبليسي أيرزوروم" وهو خط لنقل الغاز الطبيعي من دول آسيا الوسطى إلى تركيا .

كما وقعت تركيا في يونيو/حزيران عام 2009 على مشروع خط أنابيب "نابوكو" الممتد

بطول 3300 كيلومتر، والذي سينقل 31 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً من آسيا الوسطى إلى الاتحاد الأوروبي، ويبلغ إجمالي تكلفته 7.9 مليارات يورو.

وتسعى تركيا إلى تنفيذ مشروع خط الغاز العربي الذي سيمر من قطر والعراق إلى الاتحاد الأوربي عبر الأراضي التركية.

وأجرى المسؤولون الأتراك مباحثات في بغداد وأربيل حول محور أساسي في تبني تركيا مسؤولية حماية وأمن مرور النفط إلى الأسواق العالمية عبر تركيا، ويوجد حتى الآن خطان لتصدير النفط عبر تركيا، أحدهما من الحقول العراقية، والآخر من الحقول الكردستانية.


اقرأ أيضاً:
"تركيش غاز" يحول تركيا لمركز عالمي لتجارة الغاز

المساهمون