البطالة والفقر قنبلتان موقوتتان تواجهان الأسد

16 فبراير 2015
ارتفاع معدلات الفقر في سورية (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

قدّر اقتصاديون سوريون نسبة الفقر في سورية بنحو 80% والبطالة بأكثر من 40%، وهو ما ينذر بانفجار غضب شعبي، حتى ضمن المناطق التي يسيطر عليها بشار الأسد بقوة السلاح، بعد أن توقفت معظم القطاعات الإنتاجية عن العمل.

وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي، سمير سعيفان، لـ "العربي الجديد"، لا توجد دراسة

حقيقية لنسبة الفقر، ومعظم الأرقام عبارة عن تقديرات متفاوتة في ظل الفوضى التي تعيشها البلاد، مضيفاً، "أنه بعد شلل القطاع الصناعي والزراعي وفصل العاملين بالدولة وغلاء الأسعار وعدم وجود موارد للسوريين، تعدت نسبة الفقراء 80% بين السوريين، بحسب تقديرات غير رسمية.

وأشار سعيفان إلى أن تقارير المنظمات الدولية التي تقدر نسبة الفقر في سورية بنحو 60%، لا تشمل أحدث المستجدات للسوريين في الداخل والخارج.

ووافق الاقتصادي حسين جميل، هذا الطرح، مضيفاً لـ "العربي الجديد"، أن البطالة قنبلة موقوتة، ونتائجها ستتعدى الآثار الاقتصادية والاجتماعية" ليس من المستبعد أن ينفجر السوريون في المناطق التابعة لسيطرة الأسد، بعد انعدام فرص العمل، إلا في بعض المواقع الإنتاجية والقطاع العسكري والأمني، فنسبة البطالة في سورية، ليست بنحو 40% كما تقول الدراسات والمنظمات، بل تعدت أكثر من 75% بالنسبة للقوة العاملة.

وحذر اتحاد عمال سورية (الرسمي) من نتائج الفقر، بعد ارتفاع الأسعار لأكثر من خمسة أضعاف وزيادة نسبة البطالة إلى 40 % من حجم قوة العمل البالغة نحو 5.5 ملايين، وانخفاض القدرة الشرائية للسوريين.

وأضاف الاتحاد في تقرير أصدره أخيراً، "لا يمكن إغفال التوقف التام في معظم الأنشطة الاقتصادية، وتقلص معظمها في القطاعين العام والخاص والمتمثل بتقلص وتراجع الكتلة السلعية، وخاصة الصناعية التحويلية والإنتاج الزراعي والاستخراج النفطي وأنشطة البناء والحرف والسياحة وجمود الأنشطة المصرفية وتقلص النقل والشحن، ونتج عن ذلك تشوه هيكلي في بنية الاقتصاد السوري".

وحذر التقرير الرسمي من الآثار الاجتماعية والاقتصادية على مجمل النشاط الاقتصادي والخدمي بعد ارتفاع أسعار السلع الأساسية والفقر.

وفي هذا السياق، قال سعيفان إن ما يؤخر انفجار الغضب خلال الفترة الراهنة، هو تقسيم النظام سورية إلى قسمين، الأول جيش وأمن وشبيحة، ويحكم بسطوة السلاح والاستقواء، والقسم الثاني مغلوبون على أمرهم، ويعيشون في سجن ضمن المناطق المسيطر عليها الأسد.
 
وأضاف سعيفان، إنه لا بد من أخذ المساعدات الإغاثية ودورها في تخفيف حالة الفقر، إذ يعيش أكثر من ثلاثة ملايين سوري خارج الحدود على الإغاثة، وقسم كبير من السوريين في

الداخل على المساعدات والمعونات، كما أن التحويلات الخارجية والمساعدات، هي ما تبقى لأهالي المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد على قيد الحياة، إلا أن الحالة الاقتصادية المتردية، من فقر وبطالة، تزيد من حالات الغضب الشعبي في مناطق النظام التي لا تحتضن سوى 30% من سكان سورية، حسب سعيفان.

وقال جميل، إن السوريين بالداخل اضطروا إلى بيع أثاث منازلهم، وما يمتلكونه من ذهب ومدخرات، لمواجهة الأزمة، بل وصل الأمر إلى قطع الأشجار للتدفئة والطبخ، بعد غلاء الأسعار ووصول سعر ليتر المازوت إلى أكثر من 200 ليرة.

وأضاف جميل، أنه حسب إحصاءات الأمم المتحدة، فإن 18 مليون سوري يعيشون تحت خط الفقر، منهم ثمانية ملايين تحت خط الفقر المدقع، ومع تراجع المنظمات الدولية عن المساعدات واستمرار الحكومة السورية في إفقار المواطنين وفصل العاملين المؤيدين للثورة وتوقف الإنتاج الصناعي وتراجع المساحات الزراعية، تتراجع قدرة السوريين على التأقلم مع الأزمة، ما ينذر بمجاعة كبرى في سورية، بعد استنفاد كل طرائق البقاء، بما فيها أكل الحيوانات وأوراق الأشجار.

ومع تواضع الأجور والرواتب، وارتفاع الأسعار، جاء التراجع الشديد لسعر صرف الليرة أخيراً، ليزيد من المعاناة ويفتح الداخل السوري على أكثر من احتمال، منها المجاعة والفوضى، بحسب حماية المستهلك في مدينة السويداء الخاضعة لنظام الأسد، والتي طلبت بشكل فوري استقالة الحكومة والاعتذار إلى الشعب السوري.
 
وحسب الخبراء، فإن تراجع سعر صرف الليرة السورية إلى نحو 240 ليرة للدولار في

السوق السوداء، مؤشر على عدم قدرة نظام الأسد على حماية العملة المحلية، وإنذار بمزيد من الفقر وغلاء الأسعار ومعاناة السوريين.

وقال جميل، إن تراجع سعر صرف الليرة هذه الآونة، هو خطة مقصودة من نظام الأسد، يقصد منها تخفيف الأعباء المالية عن حكومته، وتوجيه الأموال لاستمرار الحرب من جهة، ومحاولة سحب فائض السيولة من الليرة من السوق، وربما يتدخل المركزي في أي لحظة ويطرح دولارات لوقف الليرة من الانهيار.

ويتفق الخبراء، أن ثمن تراجع سعر صرف الليرة يدفعه السوريون من خلال ارتفاع الأسعار، ولا سيما المشتقات النفطية والخبز والأرز، ليرتفع بعضها إلى 12 ضعفاً عن السعر الذي كانت عليه عام 2011.

المساهمون