الليرة التركية تتحسن اليوم..رغم قرار الفيدرالي رفع سعر الفائدة

17 ديسمبر 2015
عكس توقعات الخبراء الليرة التركية تتحسن اليوم (فرانس برس)
+ الخط -

امتصت السوق النقدية التركية، صدمة قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بالولايات المتحدة الأميركية أمس الأربعاء، برفع الفائدة على الدولار لتصل إلى مستوى 0.50%، بعد تثبيتها على الحدود الصفرية أو ربع نقطة منذ ديسمبر عام 2008 وهي أطول فترة تثبيت فائدة في تاريخ الاقتصاد الحديث.

وفي حين توقع خبراء أتراك تراجع سعر صرف الليرة التركية بفعل قرار "الفيدرالي الأميركي"، إلا أن العكس هو ما حدث، حيث تحسن سعر صرف الليرة اليوم الخميس، ليبلغ 2.961  ليرة أمام الدولار، بعد أن تراجع خلال الأيام السابقة لنحو 2.985 مقابل الدولار و3.252 أمام اليورو و 0.0243 أمام الين الياباني.

ورغم التحسن الطفيف اليوم، إلا أن خسارة نحو 17% من سعر الليرة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، يعتبر هاجساً للأتراك الذين انعكس ارتفاع نسبة التضخم على حياتهم، وأسعار السلع اليومية التي ارتفعت بحسب صاحب متجر بمنطقة "درامان" بنحو 30% خلال الأشهر الأخيرة.

وقال جيزمي أشيش لـ"العربي الجديد"، إن أسعار بعض المواد والسلع خلال الأشهر الأخيرة ارتفعت، بنسب متفاوتة تتراوح بين 15و30%، في حين لم تتأثر بعض السلع "السبب هو التضخم وتراجع سعر صرف الليرة، وإن قسنا الأسعار على عملات أجنبية فهي لم تتغير".

اقرأ أيضاً: ارتفاع في أسواق الأسهم الخليجية بعد رفع عائد الدولار

وتأثر سعر صرف الليرة سلباً بسبب الأحداث السياسية في المنطقة عموماً، وبالتوتر الاقتصادي مع روسيا على وجه التحديد، بحسب ما أفاد مدير فرع مصرف العمل حكم شمشي في منطقة "كراجمرك" بإسطنبول.

ورأى مدير المصرف شمشي خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هناك أسباباً عدة وراء تراجع سعر صرف الليرة التركية خلال الشهرين الأخيرين، منها التصعيد الروسي تجاه تركيا، والذي أثر على الصادرات والسياحة، وما تحققه من عائدات قطع أجنبي، فضلاً عن التوترات السياسية التي ماتزال غامضة في سورية.

وحول التوقعات التي سرت بالأوساط التركية لتحسن سعر صرف الليرة التركية، بعد فوز حزب العدالة والتنمية بتشكيل الحكومة وأغلبية بالبرلمان، أضاف شمشي، أنه "لم تصدر بعد قرارات الحكومة الاقتصادية، والتي نتوقع أن تحدث تغييراً بالأوساط التركية، وما يتعلق بتحسين الدخل، وإيجاد فرص عمل واستثمار لشريحة الشباب".

وأشار المتحدث ذاته، إلى أن سعر الدولار الأميركي يتحسن هذه الفترة، و"لو قسنا تراجع سعر صرف الليرة التركية مقابل العملات العالمية، فسنجد أنه أقل من التراجع مقابل الدولار" .

ورد مدير المصرف، على سؤال "تباين أسعار الصرف بين المصارف التركية فيما بينها من جهة، والتفاوت مع أسعار شركات الصرافة"، بالقول، إن التنافس هو السبب.

اقرأ أيضاً: فيتش:رفع عائد الدولار يضغط على التصنيفات السيادية للأسواق الناشئة

وأوضح أن "المسألة عرض وطلب، وتوافق في تحديد الأسعار مع هامش ضئيل بين شركات الصرافة، فالسعر بالمناطق السياحية كتقسيم أو السلطان أحمد، مثلاً، يختلف قليلاً عن السعر في بغجولار أو الفاتح، لكن الهامش متقارب فيما بين المصارف، عدا المصرف الزراعي الحكومي، الذي يقدم أسعاراً أعلى من أسعار شركات الصرافة أحياناً".

وتراجع سعر صرف الليرة التركية أمام العملات الرئيسية عما كان عليه قبل الانتخابات البرلمانية، لتنخفض الليرة التركية بنحو 17% خلال ثلاثة أشهر وأكثر من 60% منذ نيسان 2013، في وقت لم يزد الدولار عن 1.75 ليرة، وتحسنت عن أدنى سعر وصلته أمام الدولار في منتصف أيلول/سبتمبر الماضي 3.06 ليرات للدولار الواحد.

وفي حين توقع المحلل الكردي، التركي أوروول، خلال تصريحه لـ"العربي الجديد"، مزيداً من تراجع سعر صرف الليرة، ووصولها لنحو 3.2 ليرات للدولار خلال الشهر المقبل، نتيجة الأحداث السياسية، وضعف الأداء الاقتصادي في قطاعات الصناعة والتصدير مع تزايد نسبة البطالة.

ورأى المحلل التركي جهاد أغير مان، أن الفترة الراهنة، من توتر وترقب، تشبه فترة ما قبل الانتخابات البرلمانية، وقال "لا أرى مبرراً اقتصادياً حقيقياً لهبوط حاد لسعر صرف الليرة، رغم أني أتوقع أن تتراجع قليلاً".

وأضاف أغير مان من مدينة أنطالية لـ "العربي الجديد"، أن تعيش الأسواق وشركات الصرافة ترقباً حذراً اليوم، والجميع ينتظر ما ستؤول إليه الأوضاع السياسية وخاصة مع روسيا. وأوضح "لكن الحكومة لديها بدائل كثيرة كجذب استثمارات أجنبية، وخاصة الخليجية، أو حتى تحريك أسعار الفائدة المصرفية".

وذهب محللون أتراك لنسب بعض أسباب تراجع سعر صرف الليرة التركية إلى ما أشيع حول تحريك سعر الفائدة بالمركزي الأميركي، وأثر الترقب بالشارع التركي حول ما أثاره برنامج الحكومة الاقتصادي الجديد من مخاوف بشأن الانضباط المالي والالتزام بالإصلاح الهيكلي.

بالإضافة إلى "بدء تنفيذ الوعود الانتخابية، سواء من منح قروض للشباب أو رفع الحد الأدنى للأجور إلى 1300 ليرة تركية، وهو ما تعارضه لجنة المشغلين" بحسب المصادر حتى الآن.

إلى ذلك لم يحرك المصرف المركزي بتركيا أسعار الفائدة، رغم طلب رئيس الدولة رجب طيب أردوغان، توقع محافظ المركزي التركي أردم باشجي خلال آخر تقرير للمصرف، أن تتراوح نسبة التضخم حتى نهاية العام بين 7.4 و9.4% مشيراً إلى أن النسبة التي تتوسط هاتين النسبتين هي 7.9%.

اقرأ أيضاً: الدولار يرتفع لأعلى مستوى في أسبوعين بعد رفع عائده

وأعلن باشجي أن نسبة التضخم المتوقعة لعام 2016 ستتراوح ما بين 5 و8% موضحاً أن النسبة التي تتوسط هاتين النسبتين هي 6.5%.

 يذكر أنه مضت عشر سنوات على إلغاء الأصفار من الليرة التركية، فقد تم في كانون الثاني/ يناير 2005 إلغاء ستة أصفار، وتم عام 2005 وللمرة الأولى، طبع العملة التركية داخل تركيا، وخرجت إلى الأسواق على شكل 6 مجموعات أوراق نقدية من الفئات (1. 5. 10. 20 .50 و100) ليرة تركية.

وفي 1 كانون الثاني/ يناير من عام 2009 ألغيت كلمة "جديد" من العملة وطبعت عملة جديدة بكتابة "الليرة التركية"، وفي 1 كانون الثاني /يناير 2010 ألغيت العملة المعدنية والورقية التي كتب عليها "الليرة التركية الجديدة" تماماً من التداول.

وكان التضخم الذي تعانيه تركيا منذ 30 عاماً، يفرض طبع أعداد أكبر وأكبر من العملة النقدية من الملايين والمليارات وحتى التريليونات كل عامين منذ عام 1981، فقد كانت العملة الورقية ذات قيمة 20.000.000 والتي تستعمل في تركيا فقط، أكبر عملة ورقية في العالم.

وكان عدد الأصفار الكبير يخلق مشاكل في التعاملات، كما يخلق صعوبة في قراءة أرقام عدادات سيارات الأجرة ولائحة الأسعار في محطة البنزين.

اقرأ أيضاً: تركيا تجدد مساعيها للانضمام للاتحاد الأوروبي بمحادثات اقتصادية

المساهمون