حرب النفط الرخيص.. من سيصرخ أولاً؟

13 ديسمبر 2015
ميناء نفطي في دلتا النيجر (فرانس برس)
+ الخط -


في الوقت الذي يتجه فيه الكبار نحو رسم خريطة جديدة للعالم، لم يكتفوا بالتدخل السياسي والعسكري في العديد من المناطق بالعالم ولا سيما في منطقتنا العربية، بل كان سلاح الاقتصاد حاضراً وبقوة.

ولعل الحظر الروسي لبعض القطاعات الاقتصادية التركية رداً على إسقاط أنقرة لطائرة موسكو الحربية على الحدود السورية، كان من أبرز ملامح الحرب الاقتصادية التي اندلعت بين دولتين شكلاً، ولكن الصراع تقف وراءه أبعاد أكبر تتمثل في صراع الأطراف الدولية المختلفة المتداخلة في الأزمة السورية.

وأيضاً ما زال حاضراً الحظر الغربي على إيران رغم الاتفاق النووي الذي وقعه الطرفان إلا أن تطبيقه يواجَه بالعديد من التحديات رغم أن كلا الطرفين يسعى إلى إنهاء هذا الملف سريعاً.

الصراع بين الكبار دائماً لا يكتفي بالمناورات السياسية أو توجيه لكمة عسكرية لمناطق نفوذ الآخر، بل يعتمد على إضعاف القدرات الاقتصادية الممولة لأي تحرك، فبدون المال لا يستطيع أي طرف التحرك وستضعف ضرباته.

والملاحظ في الفترة الأخيرة أن حرباً من نوع جديدة اندلعت بين رسامي خريطة النفوذ العالمي الجديدة، إنها حرب النفط الرخيص التي يخوضها الجميع رغم أن الخسائر ستطالهم بلا استثناء، ولكنها حرب عض الأصابع انتظاراً لمن سيصرخ أولاً.

فروسيا على سبيل المثال، رفضت التعاون مع منظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك)، بل وأكدت على رغبتها في زيادة الإنتاج، رغم تدهور أسعار النفط دون 40 دولاراً للبرميل، في حين يبلغ سعر البرميل في موازنتها نحو 50 دولاراً، أي أنها ستفقد أكثر من خُمس إيراداتها النفطية إذا استمر الوضع على ذلك النحو.

أيضاً إيران تتجه إلى الاتجاه نفسه وأعربت عن رغبتها بتعويض خسارتها من الحظر عبر زيادة إنتاجها دون التنسيق مع أحد، فهذا هو حقها، كما تدعي.

وفي المقابل، دول الخليج بقيادة العملاق النفطي السعودي، واصلت صبرها على تدهور الأسعار وأكدت أنها لن تخفض الإنتاج رغم الخسائر الباهظة التي ستتحملها من جراء ذلك، حيث تعتمد هذه الدول على النفط كمصدر رئيسي لمدخولاتها، وبالتالي قد يضطرها تدهور أسعار النفط إلى مزيد من الإجراءات التقشفية التي ستؤدي إلى رفع الأسعار ومزيد من الأعباء المعيشية للمواطنين.

سلاح النفط الرخيص ذو حدين، الأول قد ينجح في توجيه ضربات للمنافس، ولكنه في الوقت نفسه سيُلحق الضرر بالطرف نفسه الذي يستخدم هذا السلاح.. باختصار الجميع سيصيبه الضرر، ولكن السؤال هنا.. من سيصرخ أولاً؟


 
اقرأ أيضاً: النفط الرخيص والحروب يفقران المنطقة العربية

المساهمون